نظرة في كتاب للدكتور نزار غانم عن تواتر الرقص الشعبي بين اليمن والجوار الأفريقي

> «الأيام» أديب قاسم:

> يكتب الدكتور نزار غانم مؤلفاً صغيراً عن الرقصات الشعبية في اليمن، وهي أحد الأنماط في عائلة الفولكلور أي الفنون الشعبية .

كما جرى تصنيف المصطلح لدى القائمين على الثقافة الشعبية ومخلفاتها في الوطن العربي، وبعد أن جرى تداول عدة تعريفات كالمأثورات الروحية الشعبية spirtual traditions أو الموروثات الثقافية survivals - يتسنمها: التراث الشعبي FolK tradition .

ولوقت طويل- وأنا أحد المعنيين بدراسة الفولكلور- ظللت أتساءل: ماذا يعني الفولكلور في الحفاظ عليه (بحثاً ودراسة وتصنيفا) بعد أن عرفنا مختلف أشكاله؟ هل هو مجرد سجل للعادات والتقاليد والأعراف إلى جانب أشكاله الأدبية والفنية التي احتلت المرتبة الرئيسية كالحكايات، والأغاني، والأمثال، والأحاجي والموسيقى والرقص والتمثيل والتصوير؟

أم أن ثمة قيمة حضارية تحرص مختلف الشعوب على إبرازها والإعلاء من شأنها منذ أن تحولت كتابة التاريخ من تاريخ الملوك، إلى تاريخ حياة الشعوب الموئل الرئيسي لهذا التراث؟ ..

وهل من معنى لإعادة إنتاج هذه المادة الثقافية بشقيها (المادي والروحي) وإضفاء الحيوية على مفاصل الحياة في عصرنا المادي الراهن الذي نعيشه.. وبما يؤكد أصالة هذا الشعب؟

الحقيقة، أنك عندما تقرأ مؤلف الدكتور نزار غانم، تجد استثارة في موضوعه، وشعوراً بالعزة مقارنة مع ما تجمع لدى شعوب أخرى كمميز لها أي معبراً عن أشكال من الوجود تميزها عن غيرها وتجعل لها نصيباً في التراث العالمي.

وبعكس ما يسمى بصراع الحضارات تجد التشابهات العامة بين مختلف ثقافات الشعوب ..وأحياناً التشابهات العضوية بين تلك النماذج كالرقصات.

وغيرها من أشكال وأنماط التراث، وهو ما يؤكده الدكتور نزار في هذا الكتاب. وهذا يعني أن التقارب بين مختلف الثقافات الإنسانية على مستوى الإنسان العادي أو المستوى الشعبي يعكس مزاجاً مشتركاً بين الشعوب جرى التعبير عنه في الحكايات والموسيقى والرقصات .. وحتى الأساطير، وبعضها يجري التعبير عنها في مفردات الرقصات الشعبية!

فأنت تجد في بحث الدكتور نزار تقارباً، وشد ما يكون عميقاً بين ثقافتي اليمن وأجزاء متاخمة لها من أفريقيا كما لوكان مناط ثقافتها واحداً !

وفي هذا الإطار تجد انتقال بعض النماذج في عملية تبادل للتراث من خلال النص (المفردات اللغوية وتشابكها) المصاحب للرقص !..

وهذا النص قد يتصل بحركة الحياة اليومية، وقد يمتد للتخاطب مع الرموز الكونية بما يتكشف عن رغبة حميمة في التواصل مع أطراف هذا الكون .. وفي التلاحم مع عناصره نحو هدف غائي غير مرئي ..غير أنه يتلامع أو يتراءى من خلال وحدة الشعور الإنساني المعبر عنه في تلك الرقصات .. ومن ذلك مثلاً أن رقصات المطر في أفريقيا (أي الاستمطار) قد تجدها في اليمن! وكذلك الرقصات البحرية ..والشأن نفسه في الرقص تحت ضوء القمر!.. وهو مما يشير إلى التقارب بين مختلف الشعوب على اختلاف الأعراق واللغات، ليدل على أن الإنسان واحد في جوهره وإن اختلف في مظهره .

هذا بحث جاد لم يغلق الباب تماماً أمام الباحثين عن الجذور وعن النزعات الإنسانية في الفولكلور وفي تاريخ الحضارات ..بل يفتح الباب واسعاً بخطوة رائدة عملاقة على طريق طويل في البحث واستكشاف المجهول في عناصر هذه الثقافة الشعبية وتتبع مصادرها.

ولقد أفنى الدكتور نزار غانم جهده في هذا المضمار إلى حد محاولاته للوصول إلى الجذر الثقافي اللغوي.

وليس فقط مجرد تتبعه لمفردات الرقص الشعبي وأدواته، عن طريق استلهامه المنهج المقارن comparative melhod البسيط، بل إنه يسعى إلى الكشف عن الوحدة الثقافية الإنسانية في أعماق هذا التراث الشعبي.

وغداً ربما يتسنى لصاحبنا الاضطلاع بمهام هذا النشاط الثقافي الفولكلوري على وجه أكمل يقربنا من قيام منشأة للفولكلور الوطني في اليمن على غرار غيرها من معاهد ولجان ومراكز الفولكلور المنتشرة في العالم!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى