د.عبدالعزيز المقالح في حوار مع برنامج «إضاءات» بثته قناة العربية الفضائية:لا أفضل أن يكون أي قلم وأي مبدع ومثقف مؤجرًا نفسه ومن حقه كمواطن أن يكون مشاركًًا في السلطة

> «الأيام» عن «العربية نت»:

> بث موقع «العربية نت» برنامج (إضاءات) استضاف د. عبدالعزيز المقالح المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية وكان محاوره الإعلامي تركي الدخيل، وفيما يلي الجزء الأول منه:

> أيها الإخوة والأخوات حياكم الله في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي إضاءات، نقدم هذه الحلقة من العاصمة اليمنية صنعاء، وضيفنا فيها هو الدكتور عبد العزيز المقالح الشاعر اليمني الكبير، حياك الله يا دكتور.

- حياكم الله وأهلاً وسهلاً إلى صنعاء مرحباً.

جدلية العلاقة بين المثقف والسياسي

> أهلاً وسهلاً بك، أولاً نشكرك يا دكتور لأننا أخرجناك يعني من فراش المرض على قبول هذه الاستضافة، دكتور سنبدأ من العلاقة بين المثقف والسياسي هذه العلاقة التي نالت الكثير من أطروحاتك, تحدثت فيها ناقداً مثقفي السلطة في أكثر من أطروحة، هل لا زال الدكتور عبد العزيز المقالح ينتقد المثقف في السلطة؟

- ربما، وليس كلهم وإنما بعض مثقفي السلطة أولئك الذين يؤجرون أفكارهم وأقلامهم لسلطة غير وطنية.

> إذن ليس لديك مشكلة أن تؤجر الأقلام لسلطة وطنية، الإشكالية في أن تكون السلطة غير وطنية..

- يعني لأ أنا لا أفضل أن يكون أي قلم أي مبدع أي مثقف أن يؤجر نفسه، ولكن أن يعمل في سلطة وطنية لأنه مواطن ومن حقه كمواطن أولاً كمثقف كعنصر إيجابي داخل وطنه أن يكون مشاركاً في السلطة من قريب أو بعيد ليس معنى، بس أن تكون سلطةً وطنيةً وأن تعمل لصالح البلد الذي هو بلده وأن تعمل هذه السلطة على تطوير هذا البلد والعمل على تقدمه.

> جميل, لكن كيف يمكن أن نجمع دكتور عبد العزيز المقالح بين يعني تعيينك كمستشار لرئيس الجمهورية اليمنية, ونقدك السابق لمثقفي السلطة باعتبار أن المثقف المستقل ينتج إبداعاً حقيقياً، يعني هل يمكن أن نعتبر الدكتور عبد العزيز بتعيينه مستشاراً للرئيس انتقل ليكون مثقف سلطة؟

- أود هنا أن أوضح الرئيس علي عبد الله صالح له ميزة ربما لا تكون لكثير من الرؤساء والقادة العرب، عندما يعيّن أو ينتزع شخص من مكانه الوظيفي فالرئيس علي عبد الله صالح يمنحه صفة مستشار, والرئيس علي عبد الله صالح عنده أكثر من 10 ألف مستشار، يستشير بعضهم وقد لا يستشير كل هذا العدد، وبالنسبة للمستشار الثقافي سواء لرئاسة الجمهورية أو رئيس الجمهورية هو قراري مستشار لرئاسة الجمهورية، ولكن أيضاً في الثقافة ليس هناك ما يستشار فهو منصب شرفي ممكن أقول.

> يعني ما نصب تكريم وتقدير أكثر من كونه منصب عملي ممكن أن يمارس الإنسان من خلاله أي دور.

- لأنه ليس هناك في الثقافة ما يستشار.

> يعني تعتقد أنه ليس هناك وظيفة يقوم بها المستشار الثقافي مثلاً؟

- أظن هذا.

> أو أنه لا يُستشار في الشؤون الثقافية وبالتالي لا يقوم بدور؟

- هو هناك وزير ثقافة في وزارة ثقافة تؤدي واجبها الرسمي والعملي وليس هناك ما يستحق الاستشارة.

> طيب مع أنك دكتور في حديثك في أحاديث كثيرة أجريت معك كنت تتحدث عن جدلية العلاقة بين المثقف والسلطة، قلت في أحد هذه الحوارات أن الأمور لم تعد بيد المثقف على الإطلاق، خرجت من يد المثقف ربما في الخمسينات وقبل ذلك إلى يد السياسي، أصبحت كل المقاليد في يد السياسي، ألا تعتقد أن هذا القول منكم هو تقليل من الأدوار من قيمة المثقف وما يجب أن يقوم به بتسليم أو باعتبار أن الأمور فقط بيد السياسي؟

- هو ليس تقليل من أهمية المثقف ولكنه اعتراف بالحال العربي منذ الخمسينات وحتى إلى الآن، والدور هو للسياسي والمثقف على الهامش وأحياناً قد المثقف السياسي أيضاً لا ننسى أن هناك مثقفاً سياسياً, هذا المثقف السياسي يشارك مشاركةً فاعلةً في..

> صياغة..

- في أدوار نعم.

> لكن تعتقد أن السياسي همش المثقف؟ د. عبد العزيز المقالح: لا شك السياسي همشّ المثقف العربي ولم يعد له إلا أن يرى أحياناً من قرب أو في الغالب أن يرى من بُعد.

تركي الدخيل: لماذا في تقديرك لجأ السياسي لتهميش المثقف؟ هل يزاحم المثقف السياسي على اتخاذ القرار وبالتالي همشه السياسي؟

- هو المفترض الجمع بين السياسة والثقافة، أن يكون كما سبقت الإشارة أن يكون السياسي مثقفاً، ولكن في الوطن العربي نتيجة ظروف وما تعرض له الوطن من احتلال ومن استعمار طويل الأمد وتصدى السياسي العسكري أو السياسي المدني, وكان على هذه الفئة الوطنية أن تمسك بزمام الحكم وأن تبعد المثقف وأحياناً المثقف هو الذي أبعد نفسه.

> لكن السياسيين يقولون دكتور عبد العزيز أن أطروحات المثقف غير واقعية وبالتالي لا نستطيع أن نطبقها على الأرض، ولذلك هم يدفعون بذلك تهمة تهميشهم للمثقف؟

- ربما يكونون على حق.. ربما يكونون على حق, لكن الحقيقة الغريب أنه بعد الوحدة اليمنية إعادة وحدة البلد كان هناك عدد كبير من المثقفين الذين كانوا يعيشون على الهامش مقتنعين بدورهم الثقافي، عندما جاءت الوحدة وبدأ التعدد السياسي ولم يعد العمل السياسي محرماً والحزبية كانت خيانة فذهب عدد كبير من هؤلاء المثقفين إلى السياسة.

> وتخلوا عن أدوارهم الثقافية.

- عادوا إلى أحزابهم فتخلوا عن السياسة..

> عن الثقافة..

- عن الثقافة فكادت تخلو الساحة، وهنا أعتبر هذا نوع من جناية السياسة على الثقافة أنها أبعدت عناصر متميزة وألحقتهم بها فخلا دورهم الإبداعي بخاصة..

> لماذا لجؤوا إلى السياسة؟ هل لأنهم يبحثون عن أدوار على الأرض أو في الخارطة مثلاً؟

- عندهم أمل بأن ما يمكن أن يعملوه داخل العمل السياسي أكثر نجاحاً من ما يعملوه في الحقل الثقافي.

هل يعيش المثقفون العرب في أبراج عاجية؟

> طيب دكتور عبد العزيز هناك تهمة تساق أحياناً إلى المثقف العربي وهي أنه بعيد عن معايشة هموم الإنسان العربي، بعيداً عن التواكب مع طموحات رجل الشارع، هل يعيش المثقفون العرب في أبراج عاجية؟

- ليس صحيحاً هذا القول على الإطلاق، ربما كان هناك فئة من المثقفين استطابت أن تعيش على الهامش أو أن تعيش في أبراج, لكن يبدو لي في الوقت الحاضر لم يعد هناك مثقفاً يستطيع أن يعيش في برج عاجي في أي برج بعيد عن الهم اليومي للإنسان، إنسان وطنه وإنسان الوطن الكبير فمن الصعب أنا أرى على مستوى الساحة العربية أن المثقفين يمارسون أدواراً إيجابية في الوقت الحاضر أحياناً أكثر من السياسي بعلاقتهم اليومية بمحاولة أن ينقلوا مشاعر ووجدان الإنسان العادي وما يعانيه. تركي الدخيل: ألا تعتقد أن المثقف تخلّى عن أدواره التي.. يعني عن التماس مع الناس لصالح الديني أكثر من ذي قبل مثلاً؟ عبد العزيز المقالح: ربما يكون الديني أكثر ارتباطاً وعلاقة بحكم تواصله اليومي، لكن لا أستطيع أن أتهم المثقف أيضاً أنه ابتعد.

> بحكم تواصله اليومي أم بحكم تركيبة العقلية العربية؟

- الظرف العربي ومستوى المستوى الثقافي والفكري للناس، لا شك أن الديني أقرب وأكثر قدرة على التواصل بالمجموع من المثقف، لغة المثقف صعبة إلى حدّ ما، صعبة الوصول.

> نخبوية يعني.

- تقريباً، ومع ذلك أكرر قولي أنه أيضاً صاحب تأثير أيضاً وتأثير واضح ليس متفرجاً.

> من خلال أطروحاته؟

- من خلال كتاباته ومن خلال أطروحاته، أيضاً تعايشه وتناغمه مع الواقع بشكل من الأشكال.

> طيب، دكتور عبد العزيز المقالح، قلتَ في حوار أجري معك في العام 1996 بأن التناغم بين السياسي والثقافي يبدو ضرورة لا بد منها.

- هذا الذي يجب أن يكون. أنا أرى أن هذا ضروري وهناك أفكار عن تجسير، التجسير بين الثقافة..

> الفجوة.

- الفجوة، لكن أحياناً يأتي وقت قد من الصعب تماماً، وفي ظروف وفي بلدان معينة يكون من الصعب تجسير الفجوة بين المثقف والسياسي. السياسي شكّاك بطبعه.

> فيه أزمة ثقة يعني.

- فيه أزمة. يشك، هذا الشك يوجد حالة من التباين.

> ألم تنتقل معادلة الشك بشكل معاكس أيضاً لدى المثقف، أصبح يتوجس من السياسي كثيراً؟

- هي حالة.. ماذا أقول؟ حالة معادلة هناك قد.. وهذا الذي يحدث في بعض الأقطار العربية، في بعض الأقطار العربية هناك شكوك متبادلة فعلاً. السياسي يخاف المثقف، والمثقف يخاف السياسي، والمطلوب لأن هذه أمتنا وهذا بلدنا..

> والمسكين رجل الشارع يلّي بين المثقف والسياسي.

- المفروض أنه.. لماذا الشك؟ لماذا الخوف؟ أن نخاف من بعضنا، وأنا أقول أن السياسي أقدر من المثقف في حمل..

> على المبادرة؟

- أي أكثر، فلماذا يخاف السياسي من المثقف؟ لماذا يخاف من صوت المثقف؟ من قصيدة المبدع؟ أنا أحياناً أستغرب في بعض الأقطار تصل الأمور إلى درجة من الصعب تخيّل ردود أفعالها!!

> تقصد ردة فعل السياسي على فعل الثقافي، وأنه لا مبرر لذلك؟

- لا لا ووصلنا إلى مرحلة يجب أن يكون فيها التناغم ضرورة، ليتعاون الجميع على بناء الوطن، بناء المستقبل، السياسي وحده لا يستطيع بمفرده والمثقف أيضاً لا يستطيع بمفرده كلاهما..

> مكمّلان لبعضهما. سنواصل حديثنا دكتور بعد فاصل قصير.

> دكتور عبد العزيز خضت معارك كثيرة، سواء معارك أدبية، أو معارك على صعيد الأفكار، منذ الثمانينات وهناك أشبه ما يكون بصراع مع المحافظين يخوضه الدكتور عبد العزيز أدى ببعضهم إلى تكفيره أحياناً، هل تتألم لهذا الوضع يا دكتور؟

-ربما أكون قد نسيت تلك المرحلة بما فيها من آلام ومزعجات.

> رغم أن آخرها كان قبل يعني سنتين في 2004 أو ثلاث سنوات.

-أحياناً تعود لسبب أو لآخر، ولكن تتكشف الأمور لبعض هؤلاء الذين للأسف الشديد يفهمون بعض الأشياء بحسب مستواهم الفكري والأدبي. الشيء المثير للقلق أن تحاكم بعض القصائد محاكمة غير أدبية، محاكمة من ناس غير متخصصين بالإبداع، سواء كان هذا العمل شعرياً أو روائياً. وعلى سبيل المثال سوف أتحدث عن شخص سامحه الله، قرأ رواية لأحد الزملاء وهذه الرواية مليئة بشخوص متعددة كأي عمل روائي فيها الإنسان الفاضل وفيها الإنسان غير الفاضل وهكذا.. أحد أبطال الرواية يشرب الخمر, لكن الروائي عندما يحكي فيحكي على لسان هذا الفرد أو الشخصية فيكون لقد شربت الخمر وكذا وكذا, فأخذ الرواية وذهب إلى أماكن عديدة يقول هذا الكاتب اعترف أنه شرب الخمر, اعترف بنفسه هذه كلامه في روايته يؤكد, بينما هذا.. طبعاً في بعض الروايات الروائي يقتل أحياناً عشرات يقتل شخصيات يقتلها فهل نذهب ندين نقوله..

> نحاكمه جنائياً بناء على الشخصي..

- فهذا نوع من الفهم المغلوط للعمل الأدبي, كذلك فيما يتعلق بالقصائد نفس الشيء في هذه القصائد فيها دراما, فيها حوار فيها استنطاق شخصيات, فيها استدعاء شخصيات من الماضي فيها أشياء كثيرة, لكن هم بعضهم يقرؤنها على أساس ما يكون..

> إما بخلفية مسبقة..

-نعم أو بلسان حاله..

> دكتور إذا سمحت لي سأتعرض بعض النصوص التي كان لدى بعض المحافظين تحفظاً عليها والتي كتبها الدكتور عبد العزيز المقالح, منها مثلاً القصيدة التي تقول فيها صار الله رماداً صمتاً رعباً في كف الجلادين, حقلاً ينبت سباحات وغمائم بين الرب والأغنية الثورة والرب القادم من هوليود كان الله قديماً.. إلى آخر القصيدة, هذه يمكن كان إحدى أهم الأشياء التي استند إليها..

- هذا الكلام ليس كلامي ليس كلامي..

> أليست القصيدة لك..

- ليس بلساني, ليس على لساني هذا على لسان في هؤلاء الذين في هوليوود والذين يرون هذه الرؤية, أنا بالعكس موقفي يمكن كان في الطرف الأخر الطرف المعارض لهؤلاء الذين يقولون مثل هذا القول, صار عندهم تحول عندهم أصبح عندهم لم يعد كذا هؤلاء الذين..

> إذاً هي على لسان هؤلاء أنت تسوقها كشاعر على لسان أشخاص آخرين..

- وكما قلت العمل عمل فني درامي, عمل رمزي وليس شعراً مباشراً إنني من أقول هذا الكلام والله هذا وهو ليس على لساني ولا هو كلامي وإنما هو هذا,, والحمد لله إن بعض العلماء الطيبين الذين كانوا أخذوا فكرة خاطئة عن بعض النصوص تفهموا الأمر وصار واضحاً لهم تماماً..

> مثل من يا دكتور..

- لا أريد أن اسمي.. هذا العصر شوه الكثير من المفاهيم والقيم

> طيب هل يقع في هذه الدائرة أيضاً قصيدتك يهوذا التي كتبتها قبل أكثر من ثلاثين عاماً, عندما قلت فيها:

كفرت بهذا الزمان بكل زمان.. كفرت بصمت الكهوف بلون الحروف بهذه القصيدة بكل العقيدة بدين يهوذا.. بعصر يهوذا.. بما تكتبون بما تقرؤون.. تعالوا لكي تصلبوني لكي تنقذوني فإن كفرت بعصري.. هذه أيضاً كانت من النصوص التي يعني أُخذت على الدكتور عبد العزيز المقالح؟

- أولاً عنوانها عصر يهوذا, يهوذا يتكلم, ما الذي سيقوله يهوذا سيقول هذا الكلام أنه كفر بكل شيء في هذا العصر.

بالكتاب بالقصيدة بالعقيدة بالكلمة هذا هو يهوذا, فلما أيضاً نفس الموضوع عندما يقرأها ناقد يقرأها قارئ محب للشعر قارئ يعرف معنى الشعر لن يقف عند هذا المفهوم الخاطئ على الإطلاق بالعكس, سيجد أنها تؤيد رأيه وأنها تقف معه في خندق واحد ضد هذه اليهوذا الذي يكفر بكل شيء ولا يؤمن بشيء, ونتيجة العصر عصر.. هذا العصر شوه كثيراً من المفاهيم والقيم..

> لماذا بظنك يا دكتور؟

- نعم؟

يتبع

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى