د. محمد علي السقاف- أستاذ القانون الدولي- في ندوة (تعديل أم تبديل الدستور اليمني) بمنتدى «الأيام»:تعديل 80 مادة دستورية من أصل 135 يعني استبدال الدستور

> عدن «الأيام» خاص:

> استضاف منتدى «الأيام» بعدن عصر أمس الأربعاء د. محمد علي السقاف، أستاذ القانون الدولي، حيث ألقى محاضرة بعنوان (تعديل أم تبديل الدستور اليمني) .. وافتتحت الندوة من قبل الزميل نجيب يابلي باسم الزميلين الناشرين هشام باشراحيل، رئيس التحرير، وتمام باشراحيل مدير التحرير، وباسم رواد منتديي «الأيام» في عدن وصنعاء وقراء «الأيام» المباشرين وغير المباشرين عبر موقعها على شبكة الانترنت.

وقال الزميل اليابلي في افتتاحية الندوة، التي حضرها نخبة من الحقوقيين والإعلاميين والمثقفين وشخصيات اجتماعية ورواد منتدى «الأيام» بعدن: «نرحب برائد منتدانا الخبير القانوني د. محمد علي السقاف ليحاضرنا في موضوع تعديل الدستور أم تبديل الدستور، ويحضرني هنا قول المفكر العربي عندما قال «الوضع العربي القائم هستيريا والحضارة الاسلامية مصابة بانيميا سياسية» كما يحضرني قول لمفكر عربي آخر وهو الطيب تيزيني عندما قال «الدولة الأمنية ابتلعت المجتمع ومثقفوها فقدوا شخصيتهم التاريخية» كما يحضرني مقال قرأته في 26 يونيو 1990م في جريدة «دون» الباكستانية الناطقة باللغة الانجليزية، وهي صحيفة مشهورة، للكاتب فكتور مولت عندما كتب موضوعا مطولا (اقتصاد اليمن الموحد) استهله بهذه العبارة «بلدان فقيران أصبحا بلدا فقيرا واحدا» وتحدث في هذا الموضوع وهو يصلح حاليا لتقييم الوحدة اليمنية وتكلم عن الجوانب السلبية في الدولة الموحدة وخاصة موروث الجمهورية العربية اليمنية فقال: هل ممكن لهذه الدولة الموحدة الآن بالنظام الذي أتى من الجنوب ان يصلح حال الدولة الوليدة أم ان الشمال سيبتلع الجنوب؟.. ونترك الآن الحديث للمحاضر في هذه الندوة وهو د. محمد علي ابوبكر السقاف وهو من مواليد أبين في 24 أكتوبر 1946م ومراحل دراسته الاولى كانت في جيبوتي بدأها عام 1958م وانتهى منها عام 1966م ثم حاز على درجة الليسانس والماجستير والدكتوراه من الجامعات الفرنسية وكانت آخرها من جامعة السربون الشهيرة عام 1977م وجامعة السربون هنا قاسم مشترك ما بين د. طه حسين ود. محمد علي السقاف فكلاهما من خريجي السربون، وحياته العملية بدأها استاذا للقانون في جامعة صنعاء ثم في بنك اندوسويس وانتقل لاسباب لا يتسع المجال الآن لذكرها إلى فرنسا ومنها إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة حيث عمل في بنوك عريقة هي البنك السعودي الفرنسي والبنك الأهلي التجاري ثم عاد إلى فرنسا مرة أخرى ومنها عاد إلى اليمن 1991م ويمارس مهنة المحاماة حاليا، د. محمد علي السقاف شارك في ندوات عدة كان محورها النفط في لندن وفي مدينة كيبك الكندية وفي سنغافورة وكان مسك الختام في جامعة هارفرد، ولدية ثلاثة أبناء وبنت، والآن نترك المجال لمحدثنا د. محمد علي السقاف».

> د. محمد علي السقاف في محاضرته بمنتدى «الأيام» بعدن: «شكرا أستاذ نجيب وشكرا للأستاذين هشام وتمام باشراحيل على دعوتهما الكريمة لي لهذه الندوة، وفي الواقع يشعر الانسان في الحديث عن مثل هذه المواضيع الدستورية وغيرها انه يتحدث عن مواضيع ما توصلت الدولة بعد إلى فهم معنى الدستور وتقديس الدستور واحترام القوانين، وعنوان محاضرتي (تعديل أم تبديل الدستور) يريد الايحاء إلى انه كفى تعديلات دستورية وهل من الأفضل لنا ان نستمر في نفس خط التعديل الدستوري أم النظر إلى صياغة عقد اجتماعي جديد، فطبعا أنا شخصيا ضد مبدأ التعديلات لأن التعديلات ليست شخصا يفصل بدلات كل سنتين أو ثلاثا أو مثل البعض الذين يغيرون ملابسهم شهريا أو أقل من أكبر محلات الملابس في باريس.

فالمسألة هنا من ناحية قانونية يتمنى المرء ان يكون هناك نوع من الاستقرار القانوني والاستقرار الدستوري، حتى على مستوى التحليل عندما يريد شخص ما ان يحلل الدستور تتلخبط الأمور فمادة المساواة بين المواطنين كانت 28 ثم اصبحت 40 والمرة القادمة كذا، فيتوه المرء حتى من حيث تصنيف مواد القانون ويمكن احد أهداف ذلك ان يتوه الشخص فيصعب عليه ان يتمسك بأفكار معينة أو يتذكر أفكارا معينة، وأنا لماذا الدستور منذ بداية الوحدة أو منذ أكتوبر 1972م في مؤتمر القاهرة والذي جاء نتيجة للحرب الاولى بين الشطرين ودعوا اطراف النزاع إلى القاهرة للاجتماع وهناك سعت الدول العربية والوساطة العربية إلى جمع الطرفين معا وقالوا لهم أنتم تنادوا بالوحدة اليمنية، طيب تعالوا صيغوا فكرة الوحدة اليمنية وضعوها في اتفاقية، وكما يبدو أنه دائما المبادرات تأتي من الخارج سواء أكان الخارج الدولي أو الخارج الاقليمي، وفعلا صيغت أول اتفاقية للوحدة في أكتوبر 1972م وعملوا عليها وشكلوا لجنة دستورية من اجل اعداد دستور للوحدة، وطبعا هذا موضوع طويل موضوع الوحدة وموضوع الدساتير، وقصدي من ذلك ان أقول انه منذ 72م وحتى ديسمبر 1981م عملت مجموعة من الاشخاص منهم المرحوم عمر الجاوي في بلورة دستور الوحدة وأنا أول ما قرأت عندما كنت أعمل في البنك الأهلي التجاري لبن محفوظ في السعودية ومع حركة تحرك الحضارمة وبقية اليمنيين القادمين إلى السعودية احضروا معهم مشروع دستور الوحدة وتحصلت عليه في يناير 1990م واستطعت ان اعلق عليه في صحيفة «الرأي العام» الكويتية لأنه بعض الصحف الاخرى التي كنت اتعامل معها رفضت مثل «الحياة» و«الشرق الأوسط» و«السياسة» الكويتية، المهم ان قصدي من هذا أنه طيلة هذه الفترة من 72م وحتى 82م نحو عشر سنوات يعمل بدستور الوحدة ومن حسن الحظ ان دستور الوحدة كان موجودا وكان جاهزا، لأنه عملية سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989م والحركة المتسارعة التي حصلت في المنطقة شجعت الجماعة وصحوا وقالوا ممكن نحنا نعمل الوحدة ولا تنسوا ان اتفاقية الوحدة ما قبل الاخيرة كانت هنا في عدن في 30 نوفمبر 1989م تزامنا مع ذكرى الاستقلال وحصل ايضا سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989م، ومع تسارع الاحداث تصور أنه انت ستقيم دولة ولا تعرف على الاقل ماذا سيكون دستور الدولة ومن حسن حظهم ان الدستور كان موجودا وجاهزا فقط كان موضوعا في ثلاجة أو على الرفوف من 1981م وحتى 1989م صحت القيادات وقالوا لدينا الدستور في الشطرين ولأول مرة تعطى جهة سياسية من الشطرين من الدولتين موافقتهم رسميا على ما جاء في الدستور، ومهم جدا في موضوع دستور الوحدة وهو عندي هنا دستور الجمهورية اليمنية، وآخر اتفاقية للوحدة انه وضع بعض المبادئ الليبرالية مقارنة مع دستوري الشطرين سواء دستور 1978م بالنسبة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو الدستور الاخير في الجمهورية العربية اليمنية، فهم مع تصاعد الاحداث اخذوا الدستور بعلاته بينما هو في الاساس متقدم منذ تاريخ توقيت الانتهاء من العمل فيه 1981م وأنا كنت اعتقدت في وقت من الاوقات بأن هناك ارتباطا نوعا ما بين سياسة الانفتاح البروسترويكا لجورباتشوف وبين بعض المظاهر الليبرالية الموجودة في دستور الوحدة، ولكن كما تعلمون البروسترويكا بدأت في 1986م وهؤلاء بدأو في 1981م إذن سبقوا وميزة ان الافكار (التقدمية) الموجودة في دستور الوحدة انه كانت من نخب الشطرين ولم يكونوا عسكرا وعفوا اذا كان هنا بعض من العسكر، بمعنى انهم لم يكونوا بعقلية معينة بحيث انه يجب ان تكون سلطات مسلحة اكثر منها سلطات مدنية واستطاعوا ان يبلوروا أفكارا لا بأس بها، وتبدأ الوحدة في 22 مايو 1990م وبعد عامين بدأوا يفكرون كيف يعدلون الدستور الذي هو سبب شرعيتهم والذي أوصلهم وأعطاهم الشرعية للدولة الجديدة، وبدأت عملية التفكير وهكذا ألغوا دستور الوحدة واستبدل به دستور آخر في عملية لا يمكن تسميتها بتعديل دستوري انما دستور جديد، لماذا نقول دستور جديد؟ تعرفون انه في النهاية الدساتير مثل القوانين ولم أستخدم تعبيرا لكارل ماركس عن حكاية ان البنية التحتية والبنية الفوقية ستؤثر بعضها على بعض وأنه في النهاية الدساتير هي انعكاس للأنظمة السياسية القائمة، وأن هناك نوع من الأنظمة السياسية اتصفت عبر تاريخها بعدم الاستقرار ايضا انعكس على مستوى الدساتير ولا أريد ذكر أرقام من رأسي وأفضل ان أذكر بالتحديد أنه على مستوى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية منذ نوفمبر 67م وحتى قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م وُضع لها دستوران فقط: دستور 1970م ودستور 1978م، بينما على مستوى الجمهورية العربية اليمنية منذ عام 1962م حتى 1970م تقريبا خمسة دساتير اثنان منها دائمان وثلاثة دساتير مؤقتة وتسعة اعلانات دستورية وثلاثة قرارات دستورية، يعني نحو عشرة، وهذا يعكس عقلية معينة تعكس ظروفا معينة في المنطقة في الوضع السياسي فيها، وبدوره لما جاء ورثة لنفس نظام الجمهورية العربية اليمنية استمروا بنفس فكرة الاستمرار في التعديلات الدستورية، وهذا يعطينا طريقة في التفكير أنه لن ننتهي من سلسلة التعديلات الدستورية وهم من الآن بدأوا يتكلمون عن تعديلات دستورية موضوع انتخاب مجلس الشورى انتخابا مباشرا وموضوع انتخاب المحافظين، ومثل هذه من المواضيع التي تظهر من وقت لآخر، وفكرة التعديل الدستوري تحل مشاكل مؤقتة وحول مواضيع محددة، بينما ما نريده من فكرة تغيير أو تبديل الدستور الحالي بدستور آخر الهدف منه ان يعكس فلسفة معينة وتوجها معينا للدولة في مرحلة معينة تختلف عن بقية المراحل، فالآن هناك بعض المشاكل المطروحة على المستوى العالمي حصلت مطالبة للدول النامية بإجراء اصلاحات سياسية واصلاحات اقتصادية وغيرها وكما تعرفون ان عددا كبيرا من دول أوروبا الشرقية ودول البلقان تحولت إلى الانظمة الديمقراطية والانظمة السياسية وهذا طبعا تم في بداية التسعينات بنفس الفترة التي توحدنا فيها، وما بعدها وحتى الآن على سبيل الذكر موضوع اوكرانيا وموضوع جورجيا تم قبل سنتين ونرى من خلال ذلك المفارقات أو الخصوصية اليمنية، بمعنى انه في الفترة التي يحدث فيها تحول إلى الديمقراطية بما فيها دول أوروبا الشرقية وأوربا الوسطى تقدم نحو الديمقراطية ولدينا دستور الوحدة الذي كما قلنا فيه نفس ديمقراطي وبعض التوجهات الديمقراطية يجرى تعديل دستوري.

أول تعديل دستوري جرى عام 1994م ليعيدنا للأخذ بنصوص دستور الجمهورية العربية اليمنية لعام 1970م ما معناه عودة إلى الوراء بدلا من التقدم إلى الأمام، فهو إما أنهم راعوا في هذا الأمر ان يبينوا أنه على أأساس طالما الفرع رجع إلى الأصل خلاص نحن نرجع الأصل في دستور 1970م الذي كان يحكمنا، فإذا كان لا يهم الطابع ديمقراطي أو غير ديمقراطي المهم هو البعد السياسي منه من موضوع بناء الدولة، ولهذا السبب أنا قلت إنه هو أكثر من تعديل دستوري لكونه تضمن ثمانين مادة عدلت من أصل نحو 135 من نصوص الدستور فإذن ما يمثل 61 ? ليس هذا تعديلا إنما استبدال دستور بدستور آخر لأن نص الشروط من أجل تعديل الدستور هو تعديل مادة أو أكثر ولم يقل تعديل 60 ? من الدستور، المسمى يختلف، ولن أدخل هنا في التفاصيل ونترك ذلك لمن يريد أن يستفسر وسنجيب عليه، الآن ما نتمناه أن يكون موجودا وطالما نحن نحاول بقدر الامكان ان نشخص هذه الاوضاع في اطار التعديلات حصل تراجع في حقوق المواطنة وتراجع في حقوق الانسان من باب ومن زاوية أولا أنه طبعا معظم الدساتير حتى بالمناسبة دساتير الدول الاستبدادية كلها أو دول ديمقراطية يريدون ان يلبسوا ثوب الشرعية بمعنى جاءوا من الشعب، ومن ثم كيف تتم الانتخابات مش مهم، المهم ديكور الانتخابات يتم، يعني أنا موجود في السلطة ولو أنا مستبد أقول أنا أتيت عن طريق الشعب وفي الدولة الديمقراطية يكون فعلا جاء من الشعب.

فسنلاحظ هنا أنه على مستوى حقوق المواطن والمواطنة معظم الدساتير أخذوا نص مادة من مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان واليمن المملكة المتوكلية اليمنية كدولة من الدول المؤسسة لميثاق الأمم المتحدة بحكم القدم الموجود كانت طرفا في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وفي هذا الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يشير بأنه لا تمييز بين المواطنين بحسب الجنس والعقيدة واللون وإلى غير ذلك بمعنى أنه يعطي في النهاية أساس نوع من المساواة، جاء إخواننا مع التعديل الدستوري لعام 1994م بإلغاء هذه المادة وهي مادة دولية من الحقوق ولم تبتدعها دولة من الدول واستبدلت بنص حرفي مما كان موجودا في دستور 1970 أنا كاتبها لأنني كنت وضعت دراسة حول موضوع السلطة المحلية ولاحظت على مستوى حقوق المرأة وغيرها لم يعد أمام المرأة نص يعطيها نفس حقوق المواطنة، لأنه عندما يقول يجب عدم التمييز بين المواطنين حسب الجنس، معناه بحسب الذكر أو الأنثى فلما أنت تلغيها وتقول ان النساء شقائق الرجال لا يعطي نفس القوة عندما يحظر عملية التمييز بينهما بحسب الجنس، ايضا الامر الآخر أنه أعطيت صبغة دينية لبعض النصوص التي لم تكن موجودة في دستور الوحدة من ضمنها أنه من أجل الترشح لمجلس النواب أصبحت الآن بعد تعديل 1994م ان يكون من ضمن شروط الترشح ان يكون محافظا على الشعائر الدينية وإلى آخر ذلك بينما في دستور الوحدة هذه الشروط لم تكن موجودة وفي الواقع هذه لأنها كانت موجودة في دستور 1970م للجمهورية العربية اليمنية أعيد استنساخها والاشكالية من ناحية قانونية وبإمكان الشخص ان يستطرد كثيرا في هذا الجانب، الاشكالية من الناحية القانونية أنه في اتفاقية الوحدة 1990م نصت المادة الاخيرة أن دستوري البلدين انتهيا وتقول المادة العاشرة «تعتبر المصادقة على هذا الاتفاق ودستور الجمهورية اليمنية من قبل مجلسي الشورى والشعب ملغية لدستوري الدولتين السابقتين» فإذا هي ملغية ومن ثم تأتي في 94م تعيد من جديد جزءا من موادها فهذه مخالفة واضحة لاتفاقية الوحدة نفسها، وهناك طبعا أمور كثيرة تختلف عما هو موجود وما حصل فيه أنه في اتفاقية الوحدة طبعا لن أتكلم من ناحية التواريخ أنتم تعرفون السبب وهذا شيء طبيعي يحصل في الدول أنك كنت تفكر أن تقيم الوحدة أو تعمل استفتاء على الدستور بتاريخ معين وتنص عليه في الاتفاقية الدولية وتأتي أحداث اقليمية أو دولية تعجل أو تقدم هذا التاريخ هذا ليس فيه خلاف، لكن الاشكالية لما تكون موضوع الآلية انك أنت تقرر أنه يستفتى على الدستور وهنا المادة السابعة من اتفاقية الوحدة وهي آخر اتفاقية للوحدة وتقول «تكليف مجلس الرئاسة بإنزال الدستور للاستفتاء الشعبي العام عليه قبل 30 نوفمبر 1990م» ولكن كما تعملون حصل الاستفتاء على الدستور بعده بعام في 15-16 مايو 1991م وهو ما كتبت عنه في وقت من الاوقات في صحيفة «الأيام» ان الشعب اليمني لم يُستفتَ على الوحدة اطلاقا، يعني عندك في مصر وفي كل الدول الشعب استفتى على الوحدة لأن هذا قرار يخص المواطنين كلهم ولا يخص القيادات السياسية في أي طرف من الاطراف، فهنا لم يحصل استفتاء وحاول في وقت من الاوقات بعض الاعلام الرسمي ان يوحي أن الاستفتاء على الدستور هو استفتاء على الوحدة، فكيف تستفتي على الوحدة بعد سنة من قيامها، هي قد قامت ولا يستفتى عليها بأثر رجعي، فإذن هناك استفتاء على دستور الوحدة تم شعبيا بعدها بسنة لا يمكن ان تغير دستور الوحدة من خلال مجلس النواب فقط وكان يجب ان يتم استفتاء ايضا من أجل تغيير الدستور، فالمصيبة هنا انك لم تعدل الدستور انما استبدلت بالدستور دستوراً آخر، فهذه بعض القضايا التي تخص هذا الموضوع والجانب الآخر من جانب الحقوق للمرأة وهي في الواقع من بين جموع المواطنين الأكثر تضررا هي المرأة في الجنوب لأنها - مقارنة بوضع المرأة في دولة ما قبل الوحدة - كان وضعها أفضل آنذاك حتى على مستوى القضاء كقاضيات واحتلت بعض المناصب وجربت موضوع الانتخابات والمشاركة في العمل السياسي بدرجات متفاوتة وغيرها، بينما أختها في الشمال لم تحظ بذلك أولا كان ممنوعا الحزبية وبالتالي ما كان بإمكانها ان تترشح والأمر الآخر انه ما سمح لها ليس بنص صريح وانما حسب التقاليد ما أعطيت لها الفرصة، فبالنسبة لها قيام دولة الوحدة خطوة كبيرة للامام في كسب حقوق بأن تشارك الرجل في مجال التصويت والترشح، بينما المرأة في الجنوب قد جربتها وكانت تطمح ان تتقدم أكثر ثم حصلت مشاكل منها في وقت من الاوقات أن وزير عدل سابق وعضو مجلس شورى حاليا رفض ان تلتحق القاضيات بمعهد القضاء الأعلى، وان قلت عقبات أمام القاضيات، ولكن لحسن الحظ بعد ذلك أعيد النظر في هذا الجانب وسمح للمرأة اليمنية أن تدخل في معهد القضاء الأعلى، هذه بعض الجوانب الخاصة بالتعديلات، وجاءت بعض الاشياء التي أنا ذكرتها على مستوى حقوق الانسان وحقوق المواطنة التي تراجعت.

الأمر الآخر في مجال تنظيم الدولة والقائمين على سلطات الدولة حصل تقدم بالنسبة لهم، وهنا مفارقة كمواطن أنت لما تكون في الدولة تقول أنا مستمد شرعيتي من المواطن وبالتالي أنا موجود هنا من أجل أداء وظيفة معينة من أجل خدمة المواطنين والبلد، فلما آتي أسحب بعض حقوق المواطن وأعزز سلطاتي كقيادة أو كحاكم فمعناه أنه لم يحدث تقدم ديمقراطي في البلد بل حصل تراجع بالعكس، فالتراجع هنا أنه ظاهريا كانت فكرة ممتازة وضع نظام الدورتين وتقييد الولاية الرئاسية بدورتين ولا نريد ان نفتح هذا الجانب انه عملية تفسير هل انتخابات 94م عن طريق مجلس النواب تعتبر دورة أولى أم لا تحتسب؟

مع أن دستور 94م يقول في المادة الأخيرة رقم مائة وثمانية وخمسين يتم انتخاب رئيس الجمهورية لأول مرة عقب اقرار التعديل الدستوري من قبل مجلس النواب ويكون الترشيح لرئيس الجمهورية من قبل ربع عدد الأعضاء.

بمعنى انه يقول لأول مرة بعد التعديل فتحتسب أول مرة لأن التعديل في 94م يدخل مسألة الدورتين فإذن لأنهم وضعوا هذا الأمر وتم التصديق عليه ونشره في أكتوبر 94م يقولوا نحن بالكاد خرجنا من الحرب فإذا عملنا انتخابا مباشرا ستحصل مشاكل معينة وقد يحصل تقسيم جغرافي بين من سيصوت مع أو ضد، لكن هذه الأغلبية لدينا في مجلس النواب خليها على مستوى مجلس النواب بدلا من الانتخاب المباشر، وبالتالي لأن مدة الرئاسة خمس سنوات من 94 1999-م بدأوا يفسرون أن الدورة الأولى تبدأ من 1999م وأن التي سبقتها كانت عن طريق البرلمان وهذه يتم مباشرة انتخاب رئيس الجمهورية من المواطنين.

المهم قصدي في هذا الجانب أنه تم تعزيز سلطات قمة السلطة التنفيذية ممثلة في شخص رئيس الجمهورية بأنه يعطى له أو قيد بمدتين في 99م اعتبرت انها الدورة الأولى وبالتالي جاء التعديل الدستوري الثاني في 2001م من أجل ان يعطي رئيس الجمهورية ومجلس النواب ايضا هذه المرة اضيف اليها ضمن المزايا التي حصل عليها انه تم تمديد المدة بالنسبة للرئيس من خمس سنوات إلى سبع سنوات ومجلس النواب من أربع سنوات إلى ست سنوات وفي نفس الوقت أنشئ مجلس الشورى ويتم تعيين المائة وواحد عضو فيه بالكامل من قبل رئيس الجمهورية، فهذا فيه مفارقة قانونية ومعضلة دستورية كبيرة أنه مكتوب في الدستور أنه يستمد مسؤولو السلطات الدستورية من الشعب مباشرة فأنت عندما تمدد لهم فترة سنتين اضافيتين وبأثر رجعي بمعنى من انتخبناهم لأربع سنوات نجدهم مستمرين لسبع سنوات لا يصح هذا، فواحد انتخبته على أساس أربع سنوات ولدي برنامج لترشيح نفسي في الدائرة الفلانية أجد بأنه علي ان انتظر سنتين اضافيتين وبدون انتخاب، مع هذا في النهاية كيف تنص في الدستور ان أساس شرعية ومشروعية هذه المؤسسات يعتمد على الشعب وعلى المواطن ثم تأتي وتقرر التمديد لهم سنتين اضافيتين، وكانت لن توجد اشكالية اذا طبق ذلك في الدورة القادمة وليس في المجلس القائم وبأثر رجعي هنا الاختلاف، وعندنا مثال ديجول في 1962م من أجل مواجهة الحرب في الجزائر والمشاكل المصاحبة للحرب طلب تعديل الدستور أول تعديل تقريبا بأن يتم انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا مباشرا من الشعب وتم التصويت باستفتاء بأغلبية كبيرة نحو ?70 فليس لديهم في أوروبا نسبة ?99.9 فانتظر هو ان تنتهي مدة ولايته التي كانت مستمدة من هيئة ناخبين انتخبوا من أعضاء المجالس المحلية والبرلمان ومجلس الشورى وهو فضل ان ينتخب مباشرة فقد كان هاجسا كبيرا بأن لا ينظر إلى الأحزاب إلا كأداة ثانوية من أجل الديمقراطية ويرى ان الأحزاب ذات نظرة ضيقة تنظر إلى الانتخابات ولا تفكر بموضوع الوطن ككل بغض النظر عن البعد الحزبي فهو ينظر إلى انه طالما انتخب مباشرة من الشعب الفرنسي فلا يحتاج إلى حسابات حزبية ولم يفكر بأنه بإمكان نفس الشعب الذي انتخبه إن وضع بعض المسؤوليات عليهم كزيادة في الضرائب قد يغضبوا منه وبالتالي قد لا ينتخبونه، وكونه كان يدرك انه يمثل الشعب ككل وينظر إلى مصلحة الشعب كمستقبل إقدم على تلك الخطوة لكن أي حزب ثان بمكانه كان سيقول لا ليس هذا الوقت المناسب سنخسر الانتخاب لكن عندما يكون الرئيس مستمدا سلطته من الشعب وغير منتم لحزب ينظر إلى المصلحة العامة فوق النظرة الحزبية، وهذا ما كان سيقوم به فيصل بن شملان لكن هذا موضوع آخر، فإذن بالنسبة لهم هؤلاء بعد ذلك ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبع سنوات بعد التعديل ما فيها خلاف وكذا مجلس النواب، ونقطة الخلاف كانت تطبيق التعديل بأثر رجعي، والأمر الثالث هو موضوع مجلس الشورى ماذا سيكون دوره وهل يصح انه أنت تضع يعني ولا يوجد تقريبا إلا في نوع من الملكيات الاماراتية وغيرها الذي يأخذ بشكل التعيين لما يسميه إخواننا في شمال أفريقيا الغرفة الثانية على أساس ان البرلمان يسمى غرفتين بدلا من ان يسمى المجلس الثاني، وفي العادة هي في تلك الدول تمثل فئات من المجتمع وتقسيمات جغرافية من مختلف المحافظات، هذه تقريبا صورة عامة للاشياء التي أدخلت في اطار التعديلات ومدى مخالفتها لدستور الوحدة.

الآن التفكير ماذا عن المستقبل هل نستمر على هذا الطريق، طريق التعديل بالقطعة أم وضع فلسفة كاملة لصياغة دستور جديد بالنسبة لليمن؟

طبعا بإمكان الشخص ان يضع عدة افتراضات ولكن من الأفضل ان ألخص الموضوع في افتراضين: الافتراض الأول استمرار الوضع في اطار الدولة البسيطة الحالية التي نحن فيها، والافتراض الثاني ان نفكر لماذا لا يؤخذ شكل من الاشكال المختلفة عن الدولة البسيطة نفكر في الدستور هل عندنا صيغة انه تتبنى نظام تقسيم لا مركزي واسع النطاق على مستوى التقسيمات الجغرافية أو تحرق المراحل لأن الوضع لا يتحمل ان تنتظره سنوات لكي تصل إلى موضوع لا مركزية كبيرة وتفكر الآن في كيفية صياغة شكل من أشكال الدولة الفيدرالية وبالتالي تضع هذا في اطار مشروع دستور متكامل هنا التحديات.

ايضا أنا برأيي هناك بعض المبادئ الاساسية التي يجب ان ينص عليها أي دستور قادم، موضوع التأكيد على سيادة القانون وهذا غير موجود عندنا وتقريبا في معظم الدساتير في دول عربية أخرى بحيث تنص على كيفية تنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن وأن الدولة كالمواطن مقيدة باحترام القوانين وتكون الدولة مقيدة ومسئولة باحترام الدستور والقوانين وليس كشخص يقول أنا الذي وضعت الدستور وأنا عارف واجباتي، لا، لا بد ان يكون هناك التزام واضح للدولة بسيادة القانون ومبادئ القانون، والأمر الآخر وهو مهم في رأيي أنه هنا في الدستور في نص مادة وهناك أشياء لا يريد الشخص ان يتكلم عنها مباشرة لأنها تلفت النظر وحصل في قضايا معينة انهم يلتقطون الفكرة ويفسرونها لصالحهم فهنا في المادة السادسة تؤكد الدولة العمل بميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان وميثاق الجامعة العربية والقوانين الدولية والمواثيق الدولية تسمو على القوانين الداخلية وكل ما يتعارض مع تلك الاتفاقيات يجب ان يعدل على مستوى القانون المحلي، وايضا يصاغ ان الدولة تحترم اتفاقيات الوحدة بين الشطرين ويوضع في الدستور، وهذه مهمة جدا لأن لها تبعات بعد ذلك أنه يؤكد فيها ضرورة احترام الدولة الاتفاقيات الدولية واتفاقيات الوحدة الموقعة بين الدولتين تأكيدا على ان هذه الدولة مشكلة من دولتين ذابت كل واحدة منهما في الاخرى وقامت هذه الدولة، فسيكون الدستور رسالة تطمين للاطراف الاخرى في المحافظات الاخرى انه نحن سنلتزم بكل ما في اتفاقيات الوحدة وإذا لم نستطع ان نلتزم على مستوى دستور الوحدة فعلى الاقل هو أقل درجة من اتفاقيات الوحدة اذا أكدنا هذا الكلام في الدستور سيكون أمرا إيجابيا لجميع الاطراف ان تستفيد منه.

والأمر الآخر ان جميع هذه الاشياء تكون وضعت من أجل تأكيد سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين المحلية، الأمر الآخر الذي فكرت فيه قضية محكمة دستورية على المستوى المؤسسي فغير معقول أن لا توجد وهي جزء من المحكمة العليا وفق الدستور وهي دائرة دستورية فقط ودائرة دستورية لا يوجد بها قضاة دائمون بمعنى انه عندما تأتي قضية دستورية أو خلاف حول الدستور يطلب من رؤساء الدوائر الأخرى الموجودين في المحكمة العليا الاجتماع لتشكيل الدائرة الدستورية ومنهم المحكمة العسكرية، فإذن يجب ان تنفصل وتكون هناك محكمة دستورية، وطبعا كما تعملون بالنسبة للمحاكم الدستورية هناك نماذج مثل النموذج الفرنسي عندما يطلب مسبقا أي مشروع قانون أو أي مشروع تعديل يعرض على المجلس الدستوري، واللبنانيون بنفس الطريقة بحكم ثقافتهم الفرنسية، بينما الدول الثانية مثل مصر أخذت مفهوم نظام الانجلوسكسون للمحكمة الدستورية وهؤلاء يبتون في مدى دستورية أي مشروع قانون أو نص تتخذه الحكومة بالنظر فيه قبل أن توافق على عرضه على مجلس النواب، والآخرون بالعكس يقولون خلوا القانون يصدر ثم نعطيه للناس وإذا فيه أي شيء يخالف الدستور يطلبون من المحكمة الدستورية ان تعلن مخالفة هذا القانون للدستور أي بعد صدور الشيء، والنظام الفرنسي قبل صدور الشيء، ونحن بحاجة إلى محكمة دستورية لكن هذا له مغزى كبير ومعنى كبير أنهم لم يفكروا فيها لا يريدون أحدا يقول لهم ان هذا الكلام غير دستوري وهذا الشيء مخالف للدستور أو كذا وكذا وبالتالي تركوها مهملة، وإذا نظرت إلى عدد القضايا في هذا الجانب بالكثير ثلاث إلى أربع قضايا منذ قيام دولة الوحدة، بينما الدول الاخرى فيها عدد لا بأس به من القضايا المرفوعة من منظمات مجتمع مدني ومواطنين وغيرهم يطالبون المحكمة الدستورية بالبت في دستورية هذا الامر أو ذاك الموضوع، الأمر الآخر الموضوع المطروح الآن كيف بالإمكان تحويل مجلس الشورى من مجلس معين إلى مجلس منتخب؟

أنا صراحة كنت قد كتبت في صحيفة «الثورة» وكنت مازلت عائدا من فرنسا ولا أعلم بالتوجهات المختلفة للصحف وغيرها فكتبت بما معناه أنه من الضروري ان يكون التقاسم صريحا بين مجلس الشورى ومجلس النواب على الطريقة الاميركية وطبعا هناك دولة فيدرالية بحيث ان التمثيل يتم حسب الكثافة السكانية، فلنفترض مثلا انك من أجل ان تنتخب نائبا معينا من كل مائة ألف أو مائتي ألف يحق لهم ان ينتخبوا واحدا فطبعا سيكون لمن لديهم كثافة سكانية تمثيل أكبر في مجلس النواب، وتعوض هذا الاختلاف في الوزن الديمغرافي بأخذ اعتبار العامل الآخر والذي هو في اطار الدولة الفيدرالية موجود إما ولايات أو دول، فنحن نقول بما ان أصل الدولة وهذه مهمة جدا بالمناسبة فالإخوان يمكن أخطأوا وسموها الجمهورية اليمنية وأي واحد يأتي بعد عشرين سنة سيقول هي دولة واحدة وهي اصلا دولة واحدة وهذا يسبب اشكالية، لكن المصريين والسوريين كانوا أذكى شوية وسموها (المتحدة) فتعرف من كلمة متحدة انها كانت دولتين وكان من كلمة متحدة انها ستعكس واقع حصول اتحاد بين الشمال والجنوب فكانوا سموها الجمهورية اليمنية المتحدة، فالمهم تأتي إلى مجلس الشورى وتعمل ايضا بالمناصفة لمحافظات ما يسمى بالمحافظات الجنوبية، وأنا لا أفضل تعبير محافظات جنوبية لأن الجمهورية العربية كان لديها ايضا محافظات جنوبية مثل تعز وغيرها فلما تسمي محافظات جنوبية هنا وهناك تمسح هوية على حساب واحد ثان فتبقى تسمية واحدة ما كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا والجمهورية العربية اليمنية سابقا.

والمهم في هذه القضية انه لا يتم أي تعديل دستوري أو أي قانون جديد الا بموافقة المجلسين وفي اطار الدولة البسيطة وهذا النظام تعمل به فرنسا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى