قراءة لتقريري البنك الدولي حول سياسة التنمية والتحليل الاجتماعي على الحكومة تخفيض إنفاقها من الإنتاج المحلي إلى 20% بدلا من 35% .. رغم وجود الفساد لم تسجل قضية واحدة ضد أي شخصية مؤثرة ومتعلقة بالفساد

> «الأيام» كفى الهاشلي:

>
استعرض البنك الدولي يوم الخميس الماضي تقريري تقييم سياسة التنمية والتحليل الاجتماعي في اليمن في قاعة فندق ميركور بعدن، بحضور السيد تي جي سيرينيفاسان خبير البنك الدولي والسيدة أنفريد أيفنس وميسكريم برهان ومن الجانب اليمني الدكتور عبده علي عثمان والدكتور يحيى العنسي من جامعة صنعاء وبمشاركة عدد من الأكاديميين والمختصين.

وأبرز التقرير التحديات الرئيسية للتنمية في اليمن بالانخفاض السريع المتوقع في إيرادات النفط وضعف القدرات الإدارية في مؤسسات القطاع العام والضغوط الناتجة عن النمو السكاني المتسارع والشحة المتزايدة في الموارد المائية.

وأشار إلى أن احتياطي النفط قدر في أثناء ما وضعت اليمن رؤية استراتيجية متطورة في 2000 حتى 2025م 5.7 مليار برميل بينما أصبح المخزون المؤكد في نهاية 2005 10% من ذلك الرقم وهو ما يؤكد توقف إنتاج النفط عند مستويات 2001م ثم بدأ بالتناقص واعتبر أن نضوب النفط سيكون له آثار مدمرة خاصة وأن 70% من إيرادات الحكومة تأتي من النفط. وأوضح التقرير تضاعف التقديرات الأولية للمخزون النفطي التي قدرت بمليار برميل إلى ثلاثة أضعاف وبالمثل تضاعف مخزون الغاز الذي قدر أولياً بأربعة تريليون قدم مكعب بمقدار أربعة أضعاف وحتى اللحظة فإن الحكومة تقوم باستكشاف واستغلال النفط في 29 قطاعا انتاجيا من مجموع 78 قطاعا انتاجيا محتملا مما يعزز الآمال بإمكانية تحقيق اكتشافات جديدة، كما أن عمليات التنقيب النشط عن الغاز قد تؤدي لرفع تقديرات المخزون من الغاز.

وشدد التقرير على وجوب اعادة التوجيه للتنمية دون الاعتماد على النفط وأرجعها لسببين هما:

أن توزيع الصادرات سوف يخلق فرص عمل حيث إن مجمل قطاع النفط قد شغل 2000 يمني خلال 2003، بينما تدفق حوالي 190000 قادم جديد على سوق العمل في ظل تنامي البطالة 30% .

والسبب الثاني هو أن تحقيق التنوع في الصادرات يحتاج إلى زمن طويل، مشيراً إلى تجربة ماليزيا وكوستاريكا والامارات العربية المتحدة.واعتبر التقرير في الصفحة الرابعة منه أن جودة الانتاج قد تدهورت في القطاع العام في اليمن حتى 2004 بسبب استفحال الفساد وضعفت الجوانب المتعلقة بالقدرات الإدارية والمساءلة العامة والحقوق السياسية واعتبر اليمن هو الأدنى بين دول الجوار.

وتحدث التقرير عن التحسن في بعض مكونات إدارة القطاع العام في بعدين من الأبعاد الستة للإدارة العامة يتمثلان في السيطرة على الفساد وجودة الرقابة واعتبر التغييرات التي أدرجت ضمن برنامج الأشهر الستة الاصلاحي الوطني (NAR) سوف تؤدي لتحسن مستقبلي أكبر.ومن الأمور التي اعتبر التقرير أنها تحسنت استقلالية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والتخلص من الوظائف الوهمية وحالات الازدواج الوظيفي.

وتفاءل التقرير بالقانون الجديد لمكافحة الفساد وهو طور الإعداد، وتحسن مستوى استقلال القضاء.

وأكد التقرير وجود تناقص مؤثر في عدد الشركات الاستثمارية التي ذكرت ضمن خطة التنمية لعام 2005 مقارنة بالفترة الواقعة بين (2001 2005-) ولقد حددت 80% من الشركات الاستثمارية الفساد كمؤثر متوسط إلى شديد التأثير في الأنشطة الاستثمارية لها واتفقت بذلك مع عدد كبير من منظمات التصنيف الدولية مع هذا الاجماع، حيث صنفت منظمة الشفافية العالمية اليمن في المرتبة 103 ضمن قائمة مكونة من 159 دولة لعام 2005م وعلى الرغم من انشاء مؤسسات جديدة لمكافحة الفساد إلا أنها لم تسجل قضية واحدة ضد أي من الشخصيات المؤثرة المتعلقة بالفساد.

وما يخص الجزئية المتعلقة بأزمة المياه الخانقة اعتبر التقريران أن المحرك والممون الوحيد للنمو الحضري خلال السنوات الثلاثين الماضية هو اعتماد المياه الجوفية وأكد أن استمرارية الاستهلاك الحالي البالغ 80% من الانتاج والمستخدم في الري أدت لتراجع النشاط الزراعي ومعاناة التجمعات السكانية بينما بلغ رسوم المياه والصرف الصحي في صنعاء بما لا يتجاوز 100 ريال للمتر المكعب (0.52) دولار أمريكي للمتر المكعب وهي مبنية على أساس استهلاك الأسرة المتوسطة بمقدار 53 متراً مكعباً شهرياً فأقل وبسبب معدل الفاقد الكبير الناتج عن عدم كفاءة شبكات التوزيع فإن الفاتورة الشهرية لا تغطي تكاليف التشغيل والصيانة والاستهلاك ناهيك عن الاستثمار في ظل المستوى المنخفض للرسوم ينعدم الدافع لدى المستهلك للاقتصاد في الاستهلاك كما ينعدم الدافع لدى المنتج لتحسين الخدمة.

واعتبر التقرير معدل نمو السكان في اليمن مرتفعاً بالمقاييس الإقليمية مقارنة بجميع البلدان التي تتميز بمستوى مقارب لدخل الفرد وقد يتضاعف عدد السكان إلى 40 مليوناً خلال عشرين سنة وهو رقم أعلى بخمسة ملايين نسمة من الهدف الموضوع من خلال الاستراتيجية الوطنية للسكان التي تم اعتمادها عام 1997م.

إن السبب الرئيس لتباطؤ الانخفاض في معدل الخصوبة هو تباطؤ انتشار وسائل تنظيم الأسرة منذ ذلك العام.

المحافظة على الاستدامة المالية

استبعد التقرير أن يكون تاريخ المحافظة على الاستدامة في اليمن مبشراً مستنداً على تجاوز المديونية غير النفطية المقدار المثالي وهو 5% من الناتج المحلي على أنها المقياس الحقيقي للاستدامه المالية، وبلغ إجمالي الاستهلاك من النفط منذ عام 1999م ما يقارب 19 مليار دولار

واعتبر أن الدعم العشوائي للمنتجات النفطية على المستوى المحلي والجهود الضريبية الفاشلة هما العاملان اللذان يمثلان أساس هذا الفشل المالي.

وطرح التقرير عدة إجراءات متنوعة تستدعي الأخذ بها ومنها تخفيض الإنفاق حيث تحتاج اليمن إلى تحفيض الإنفاق الحكومي من المستوى الحالي 35% إلى 20% من إجمالي الناتج بحلول 2015م.

زيادة حصة الضرائب من الناتج المحلي من 7% إلى 15% بحلول 2015م.

وزيادة إيرادات الضرائب إلى أكثر من الضعف حيث إنها 7% من الناتج المحلي في 2004م ويجب أن تزيد حصة الضرائب من الناتج المحلي إلى 15% بحلول 2015م وذلك للتعويض جزئياً عن التراجع المتوقع في إيرادات النفط ويمكن تحقيق هذه الزيادة عن طريق فرض ضريبة عامة على المبيعات، وهي الضريبة التي تم خفضها مؤخراً من 10% إلى 5% من المقدر أن تحقق الضريبة الجديدة إيراداً يساوي 1-3% من الناتج المحلي خلال السنوات القليلة القادمة في حال نفذت بنجاح.

تحسين الإدارة المالية للقطاع العام في جميع جوانبها من اعداد الميزانية وتحديد الأولويات إلى تنفيذ الميزانية وإدارة الخزينة والإدارة النقدية والرقابة الداخلية ومراجعة الحسابات الداخلية ومراجعة الحسابات الخارجية وإعداد التقارير المالية والإشراف.

استكمال الإصلاحات في قطاع الخدمات المدنية لخلق وفورات مالية كبيرة وبناء جهاز إداري فعال.

تحسين البيئة الاستثمارية

أرجع التقرير انهيار مستوى الاستثمار الخاص في اليمن لانعدام المردود المناسب فبعد أن وصل لأعلى مستوياته عام 1998م تراجع الاستثمار في القطاع الخاص 1999م واستمر في التراجع ليصل لمستوى متواضع لا يتجاوز 10% من إجمالي الناتج المحلي، منخفضاً إلى نصف المستوى الذي وصل إليه إبان فترة الإصلاحات وقلل المستثمرون من اندفاعهم نحو الاستثمار بسبب ضعف المردود بعد التفاؤل الذي نشأ كرد فعل للاستقرار الذي خلفته الاجراءات الاصلاحية المبكرة ففي الوقت الذي بدأ اليمنيون في جمع مدخرات أكثر مما يمكنهم استثماره من عام 1999م انحصر الإقراض البنكي في معظمه على الأغراض التجارية، ومن ناحية أخرى انحصر الاستثمار الأجنبي المباشر على قطاع النفط.

لقد حددت وثيقة «تقييم البيئة الاستثمارية» المعوقات الرئيسية للاستثمار في القطاع الخاص اليمني وبناء على تعريف الشركات الاستثمارية والمستثمرين أنفسهم لتلك المعوقات بالاضافة لتحليلات أخرى عرفت الوثيقة الجوانب الاساسية في التالي:

أ- عدم استقرار الاقتصاد الكلي.

ب- الضغوط الضريبية والاجرائية.

ج- ضعف إدارة القطاع العام.

د- عدم ملاءمة البنية التحتية الخدمية خاصة الكهرباء والعقارات والمياه.

هـ - صعوبة الحصول على التمويل.

مواجهة المعوقات

أ- تحسين إدارة القطاع العام.

ب- اعتماد مبدأ المساءلة والشفافية.

ج- تحسين كفاءة الجهاز القضائي وركز التقرير على مسألة سوء تدريب القضاة والإداريين في الارشفة وسرعة استخراج القضايا من الارشيف.

د- الانضمام لمبادرة شفافية الصناعات الاستخراجية لإنهاء دعم السلع النفطية بالتدريج ووفق برنامج زمني.

هـ - الالتفات والتشجيع لتطوير موارد الغاز وتصديره.

وأكد أن اعتماد مبادرة شفافية الصناعات الاستخراجية (EITI) سيحسن من صورة الحكومة أمام المجتمع المدني ومجتمع المانحين، ووصف الاجراءات التي تقوم بها الحكومة من خلال البيانات التفصيلية حول قطاع النفط للاستخدام العام بأنها توجه نحو تلك البلدان التي اعتمدت المبادرة تلك.

وركز تقرير التحليل الاجتماعي لليمن على تفشي الفقر وعدم المساواة كأمرين مستفحلين في المجتمع اليمني مستعرضاً التنوع المعيشي والاحتياجي وحجم التحول وتوزيع الموارد من الممتلكات الارض والمياه عبر المساحات الجغرافية لكل من الريف والحضر، وأبرز فقر اليمن لخدمات التعليم والصحة من الناحية العادلة وحلل تدخل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في وصول الفئات الاجتماعية المختلفة للموارد (السلع العامة والخدمات).

واعتبر مسألة عدم المساواة قضية متزايدة في اليمن أدت إلى الحصول على الارض وتركزها في متناول أيدي الأقلية وتهميش الشباب والنساء وهبوط مستوى المعيشة التقليدية دون استبدالها بفرص جديدة وظهور فئات جديدة مهمشة (من سكان الأكواخ) من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وميل الحكومة إلى تفضيل غير الفقراء من حيث الإنفاق وربط حصول الفقراء على معدل متضائل من الاراضي في الريف والمدينة، ومقابلة تركيز الارض المنتجة في أيدي عدد صغير من الأسر القوية بضعف الانظمة التي تحمي حقوق ملكية الفقراء أو غير المرتبطين بالسياسة.

وركز على ضعف النظام القضائي والآليات الرسمية لإصلاح الأخطاء وتأثيرها على الفئات الاجتماعية.واعتبر اللامركزية اذا ما ربطت بالموارد بشكل ملائم توفر فرصاً للعدالة والتصرف بشكل أكبر طالما أنها تدعم سلطة مؤسسات المجتمعات المحلية وتبني الأشكال الأصلية للمجتمع المدني وقيم الحكم المحلي.

حيث قدم التقرير توصيات يستدعى الأخذ بها ومنها تخفيف الإنفاق الحكومي من المستوى الحالي 35% إلى 20% .

زيادة إيرادات الضرائب إلى أكثر من الضعف إلى 15% بحلول 2015 . تحسين الادارة المالية للقطاع العام واستكمال الاصلاحات في قطاع الخدمة المدنية.واعتبر أن برنامج الإصلاح يهدف إلى تسريع إنجاز القضايا وتوفير آليات بديلة لحل النزاعات وتحقيق المهنية في الجهاز القضائي وتحسين إدارة ضمان ملكية الاراضي وتحسين كفاءة عملية إدارة أراضي الدولة والاستفادة من الخبرات الدولية أثناء المراجعة الجادة لقوانين تسجيل ملكية الدولة.

وفيما يخص التحليل الاجتماعي لليمن فقد ركز التقرير على التوزيع غير العادل لموارد المياه وعلى ملكية الاراضي والتحول الجاري في المدن والريف والتي أشارت معظمها لوجود مستوى معيشي متدن.

على هامش فعالية تدشين التقريرين للبنك تحدث التقرير المقيم لسياسة التنمية في اليمن صفحة 4 عن تضاعف مشكلات اليمن الاقتصادية والمتعلقة بشحة الموارد وأرجعها للسياسات الفاشلة والمؤسسات غير الفاعلة للحكومة التي دفعت المانحين لقطع مساعداتهم حيث حصلت اليمن على رقم ضئيل (13 دولاراً أمريكياً للفرد) من مساعدات التنمية خلال عام 2004م أما في 2005م.

فقد قامت لجنة المساعدات التنموية بتخفيض مخصصات وكالة التنمية الدولية لليمن (IDA 14) للفترة 2008-2006م بحوالي الثلث، كما قامت مؤسسة تحدي الألفية التابعة للحكومة الأمريكية بتعليق استحقاق اليمن لمساعداتها بسبب استفحال الفساد وسوء الإدارة والسياسات المالية الفاشلة وهذا مؤشر يجب على اليمن الانتباه إليه وطرح المعالجات بشكل أكبر. أشار التقرير المقيم لسياسية التنمية إلى ضرورة تخفيض حجم الإنفاق الحكومي من 35% إلى 20% وركز الحاضرون على إهدار النفط في الصرفيات غير المبررة لحشود السيارات التي تجوب البلد ومع مرافقي المسئولين.

تحدث التقرير في الصفحة (4و5) عن الفساد ووجوب تحسين الإدارة والقضاء واعتماد مبدأ المحاسبة وفي الوقت ذاته تكلم عن تحسن في الجهاز المركزي للمحاسبة والمراقبة في الصفحة (4).

ناقض التقرير نفسه عندما وصف التحسن في القضاء ونفى وجود قضية واحدة ضد أي من الشخصيات المؤثرة المتعلقة بالفساد.

تحدث التقرير عن المشاكل التي يعاني منها المستثمر وفي الوقت ذاته طالب برفع إيرادات الضرائب إلى أكثر من الضعف (15%) بحلول 2015م.تحدث التقرير عن تحسن في الخطو نحو قانون مكافحة الفساد وترتيب اليمن (103) من (159) وتوقع مستقبلا غير مبشر من حيث الاستدامة المالية.

اعتبر البنك الدولي إعداد هذا التقرير لتزويد السلطات اليمنية بالمعلومات أثناء قيامها بإعداد المسودة النهائية لوثيقة استراتيجية مكافحة الفقر للفترة (2006-2010). ولم يحضر أي ممثل عن السلطة كمعني أول لمناقشة هذا التقرير واقتصر الحضور على عدد من الأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني وعدد بسيط من المختصين في المجال الاقتصادي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى