علي ناصرمحمد:خلافاتنا في عدن كانت سياسية ولـم تكن على اقتسام الثروة

> «الأيام» متابعات:

> اجرى منتدى «حوار« لقاء مع الاخ علي ناصر محمد الرئيس الاسبق رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجي تناول فيه عدداً من القضايا في الساحة اليمنية والعربية وتاليا نص الحوار :المتقاعدون الجنوبيون أو حزب (خليك في البيت) .. ما هي الخيارات المتاحة أمامهم لاستعادة حقوقهم؟

-المتقاعدون العسكريون والمدنيون الذين أحيلوا للتقاعد أو سرحوا لأسباب سياسية يجب إعادتهم إلى أعمالهم وحل مشاكلهم وفقاً لتوجيهات الرئيس علي عبدالله صالح، ولكن ومن المؤسف أن الجهات المعنية لم تكترث لحل قضاياهم وإعادة النظر في حقوقهم ودفع مستحقاتهم، مما اضطرهم لتشكيل جمعيات للمتقاعدين العسكريين والأمنيين في كثير من المحافظات والقيام بالاعتصامات والمظاهرات والمطالبات السلمية أمام مكاتب المسئولين في صنعاء والمحافظات ومكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

فنحن نعرف أن محافظات كاملة كانت تعيش من المؤسسات العسكرية والمدنية، فلا تجارة ولا زراعة ولا مغتربين لديهم، فمصدر قوتهم ورزقهم من هذه المؤسسات وليس لهم مصدر دخل آخر، وخاصة أنهم افنوا حياتهم في خدمة الوطن والمواطن، ويجب على المسئولين معالجة مشاكلهم وعدم الاستهتار بهذه الأمور حتى لا يؤدي ذلك إلى مزيد من الاحتقان والتوتر وينعكس سلباً على الوحدة الوطنية.

> سمعتم يا سيادة الرئيس عن (داعي القبيلة) الذي أطلقه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ، فهل ترون أن دولة القانون والمؤسسات تدار بمثل هكذا أساليب؟

- أنا لم أسمع عن داعي القبيلة الذي تتحدثون عنه، وأنا أحترم وأقدر القبيلة وزعاماتها مثل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وغيره، ولكنني لست مع أن تصبح القبيلة مؤسسة فوق الدولة أو دولة ضمن الدولة وأن تمتلك السلاح والسجون والنفوذ والحل والعقد والحكم وكل ما له أن يقلل من هيبة الدولة. ومعروف أن المجتمعات في الخليج والمنطقة العربية إجمالاً تتكون من قبائل وعشائر تتعايش مع غيرها من الطبقات والفئات الاجتماعية الأخرى، ولكن مكانة شيوخ وزعماء القبائل في هذه المجتمعات لا تتجاوز الدولة وإنما لهم مكانتهم ودورهم الاجتماعي ويحظون بالاحترام والاهتمام والتقدير والبعض منهم يشارك في الحياة السياسية والاجتماعية.ولنأخذ من تجربة الإمارات العربية المتحدة المثال الأجمل للاحتذاء به.

> هل ترى وجود قضية جنوبية؟ ما هي؟ وما هو الحل لها ؟

- هناك شكوى عامة في المحافظات الجنوبية نتيجة استهتار بعض المسئولين بالواقع المتأزم حالياً، وهو ما نلمسه اليوم في الشارع من اعتصامات للمتقاعدين العسكريين والمدنيين ومظاهرات واحتجاجات سلمية ضد أعمال تنافي القيم الإنسانية كنبش المقابر التي لا تخدم الوحدة الوطنية، والاستيلاء على الأراضي، وتردي الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي أدى إلى زيادة نسبة الفقر بين السكان وازدياد عدد العاطلين عن العمل وخاصة من هم في سن الشباب، وكل تلك الأسباب والمسببات نتيجة تراكمات لأخطاء المسئولين في الأجهزة، والشكوى ليست في المحافظات الجنوبية فحسب، ومع الأسف أنهم يتهمون كل من يعارضهم أو ينتقد أخطاءهم وممارساتهم السيئة بأنه انفصالي ومعادٍ للوحدة، والمطلوب وضع حد لهذه الممارسات ومحاسبة ومعاقبة كل المسئولين الذين يستخدمون صلاحياتهم ويستغلون مناصبهم كأداة لتنفيذ أغراضهم الشخصية. وكنت أتمنى أن يجري اختيار المسئولين في المحافظات وعلى رأسهم المحافظ من أبناء المحافظة نفسها، لأنهم أدرى بالمشاكل والصعوبات التي تواجه محافظتهم وأقرب إلى هموم أبناء مناطقهم، وقد طبقنا في الجنوب مثل هذه التجربة بانتخاب مجالس الشعب المحلية التي بدورها تنتخب المكاتب التنفيذية والمحافظين من أبناء المحافظة وهو أعلى سلطة محلية في المحافظة، وفي تقديري أنها كانت تجربة ناجحة، ويستثنى من ذلك القادة العسكريون التابعون لوزارة الدفاع. فإن من شأن كل ذلك تعزيز السلطة المحلية وتطويرها بحسب ما أسلفنا سابقاً.

> تجربة الجنوب .. رأيكم فيها .. وهل ترون أن هناك توجها لتشويهها في ظل سكوت القيادات الجنوبية؟

- بكل فخر أعتز أنني كنت أحد رموز وقيادة التجربة في الجنوب التي كانت مثار اهتمام العالم بسلبياتها وإيجابياتها، حيث كان لها الكثير من الايجابيات وفي مقدمتها قيام دولة قوية ومهابة في المنطقة وفرت الأمن والاستقرار للمواطن حيث لا يوجد سلاح إلا بيد الأجهزة العسكرية والأمنية، وحل الخلافات يجري عن طريق القضاء، إضافة إلى مجانية التعليم والصحة، ناهيكم عن دعم المواد الغذائية الأساسية التي كان يحصل عليها المواطن بأسعار زهيدة، وتأمين السكن المناسب، وتوفير فرص العمل حيث كان لا يوجد متسول واحد عند كل إشارة مرور أو على أبواب المسئولين، وأهلت عشرات الآلاف من الكوادر في الداخل والخارج وأنفقت لتعليمهم الشيء الكثير باعتبارهم ثروة وطنية وقد ساهموا في بناء الدولة ومؤسساتها الاقتصادية والثقافية والعلمية، والبدء بالعمل لإقامة بنية تحتية كمقدمة لبناء اقتصاد وطني قائم على نظام إداري وقضائي نزيه لا مكان فيه للراشي والمرتشي وذلك باعتراف المنظمات الدولية التي كانت تعمل في عدن بأن المساعدات والقروض التي كانت تحصل عليها اليمن الديمقراطية تستثمر لخدمة الوطن والمواطن ولا يجري التلاعب بها من قبل أي مسئول مهما كان موقعه في السلطة. ولا ننكر أنه رافق هذه التجربة بعض الأخطاء والسلبيات نتيجة عدم خبرة بعض القيادات وغياب الديمقراطية وحداثة عمر الدولة، ولكن للأسف فقد جرت محاولات كثيرة لتشويه التجربة في الجنوب من قبل البعض الذين شاركوا فيها قبل غيرهم لينفوا عن أنفسهم كل ما له علاقة بالتجربة في اليمن الديمقراطية.

> قبل الوحدة اليمنية، ما هي العقبات التي وقفت ضد تصالح وطني لأبناء الجنوب ؟

- هذا ماض لا أريد أن أتحدث عنه وأنبش جراحه، فنحن أبناء اليوم، واعتقد بأن الدعوة اليوم إلى التسامح والتصالح تخدم الوحدة الوطنية واليمنية إذا فهمت بشكل صحيح من قبل المسؤولين بعيداً عن المماحكات والمكايدات السياسية، وكنت أتمنى أن يتم مثل هذا التصالح قبل الوحدة اليمنية لأنه كان سيسهم في تعزيز الوحدة الوطنية وصيانة الوحدة اليمنية .

> هل ترى ضرورة وفائدة ترجى من لقاءات المصالحة الجنوبية - الجنوبية؟

- أعتقد أن المصالحة قد تمت لمصلحة تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الخلافات والأحقاد والاستفادة من الدروس والعبر التي مرت بها التجربة في اليمن الديمقراطية منذ عام 1967م.

> موقفك من القيادات الجنوبية التي عادت إلى اليمن بدون التشاور مع الآخرين في الخارج؟

- العودة إلى الوطن هو قرار شخصي ومن حق الجميع العودة إلى وطنهم ، وقد تمت عودة بعض القيادات بالتنسيق مع النظام والآخرون عادوا بعد أن عانوا وفقدوا المساعدات الإنسانية التي كانوا يحصلون عليها.

> هل هناك إطار يتم التشاور عليه بينكم وبين القيادات الجنوبية الأخرى في الخارج من خلاله يمكن أن تكون هناك عودة جماعية الي الوطن ؟

- بالنسبة لعودتي لا توجد مشكلة، فقد عدت أكثر من مرة إلى وطني، وبقائي الآن في الخارج هو لمتابعة نشاط المركز العربي وفروعه، أما عودة الآخرين إلى وطنهم فهو قرار شخصي وعائد لظروف كل منهم الخاصة، وعليكم أن توجهوا السؤال لهم لمعرفة رأيهم في قرار العودة من عدمها.

> نبش القبور .. هل ترى فيها رسائل موجهة إلى علي ناصر محمد حتى لا يلتفت جنوباً؟

- نحن ندين بشدة نبش المقابر، وهو عمل ينافي القيم الإنسانية، ونبش المقابر هو نبش للفتنة والجراح والأحقاد وهذا العمل لا يخدم الوحدة الوطنية ولا الاستقرار في اليمن، وإذا كانت هذه الرسائل موجهة ضدي فمن منّا لم يخطئ من القيادات في اليمن شمالاً وجنوباً؟. ولكن المؤسف انه في الوقت الذي تبنت ونظمت فعاليات مدنية ومستقلة الدعوة للتصالح والتسامح على طريق التصالح اليمني اليمني كافه يستمرئ البعض سيمفونية النبش وإذكاء الفتنة والبحث عن ما يفرق لا ما يجمع, وعلى الأقل نحن والأخوان اعترفنا بأخطائنا واتفق الجميع عند إعلان قيام الوحدة أن الدولة اليمنية الموحدة ستجب ما قبلها أو كما قالوا آنذاك (إحراق الملفات).

> هل سترشح نفسك في انتخابات رئاسية إذا لم يكن علي عبد الله صالح مرشحاً فيها؟

- الحديث اليوم عن الانتخابات الرئاسية سابق لأوانه، وخصوصاً أنه لم يمض على الانتخابات السابقة سوى أشهر.

> التوريث .. كيف تراه؟

- أنا ضد مبدأ التوريث وأعتقد أن الرئيس علي عبد الله صالح أعلن أكثر من مرة أنه ضد التوريث وأكد أنه مع مبدأ التداول السلمي للسلطة بالطريقة الديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع. واعتقد انه لا مجال للتوريث باليمن بعد الآن، والذين يروجون لذلك يستخفون بتضحيات الشعب ودماء الشهداء الذين سقطوا في سبيل إقامة النظام الجمهوري والقضاء على الحكم الوراثي.

> عقب الوحدة اليمنية صدر قرار بالعفو العام شملكم, فلماذا اخترتم الابتعاد عن اليمن حتى الآن؟ وهل لديكم نية بالعودة؟

-أنا لا اعترف بقرار العفو العام لأنني لست مذنباً، فخلافاتنا في عدن كانت سياسية منذ عام 1967م وحتى قيام الوحدة عام 1990م، وقد جرت سلسلة من اللقاءات بيني وبين الأخوة في عدن توجت بالتصالح والتسامح فيما بيننا قبل وبعد عام 1990م. ولم يكن خلافنا على اقتسام الثروة وإنما كان خلافنا على كيفية السير في السياسة الداخلية والخارجية .

> هل صحيح ما تردد من عرض مناصب حكومية لكم ورفضكم لها؟ ما حيثيات الرفض إن صح ذلك؟

- هذا ماض وقد قدمت لي العروض أثناء الحرب الباردة والساخنة بين الحزب الاشتراكي اليمني وحزب المؤتمر الشعبي، وأنا لم اقبل تلك العروض من الطرفين، فهم عندما اتفقوا أخرجوني من اليمن وقبلت بذلك لمصلحة الوحدة اليمنية، وعندما اختلفوا طالبوا بعودتي إلى اليمن، وكانت تلك العروض في زحمة الاستقطاب لصالح كل طرف، وقد حرصت على أن احتفظ بعلاقات مع الطرفين لأنني كنت ضد الاقتتال والانفصال.

> هل هناك مطالب للرئيس منكم ومن القيادات الجنوبية الأخرى الذين في الخارج؟ ما هي إن وجدت؟

-لم يطلب مني الرئيس غير العودة إلى اليمن لحضور الاحتفالات التي جرت مؤخراً في محافظة إب بمناسبة عيد الوحدة، وأنا شكرته على هذه الدعوة وهنأته بعيد الوحدة.

> هل بقاؤكم في الخارج له فائدة أكثر من عودتكم إلى الداخل لكم ولليمن؟

- لا توجد مشكلة بالنسبة لعودتي إلى اليمن، كما أشرت آنفاً وأنا أعمل بكل جهد ممكن لما فيه خير الشعب اليمني ورفاهيته أينما كان مقر إقامتي.

> كيف يرى علي ناصر محمد مستقبل حكومة مجور؟

-نأمل من حكومة الدكتور علي مجور أن تهتم بقضايا الوطن والمواطن قولاً وعملاً بما يأتي بالخير عليهم، وأن لا يخيب آمال الشعب الذين ينتظرون منه الانتقال باليمن إلى مستوى اقتصادي أفضل من خلال تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومعالجة مشكلة البطالة، ومحاربة الفساد والمفسدين، ومعالجة مشاكل المتقاعدين العسكريين وفقاً لتوجيهات الرئيس بإعادتهم إلى أعمالهم، ووضع حد للمتنفذين الذين يسيئون لليمن ويحدون من فرص الاستثمار العربي والأجنبي، وكل ذلك يعد مصدر قوة لحكومته وقيادته النزيهة التي يتحدث عنها المواطن اليوم.

> ما رأيكم في محاولة اليمن الانضمام لمجلس التعاون الخليجي؟ وهل ترون لليمن فرصة في ذلك؟

- اليمن جزء من شبه الجزيرة العربية والخليج، ومكانه الطبيعي هو الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، وخاصة أن العالم يسعى إلى قيام التكتلات السياسية والاقتصادية، وكما تعرفون أن دول الخليج نظمت أكثر من مؤتمر من أجل تأهيل اليمن للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي عبر اهتمامهم بإصلاح البنية التحتية وإقامة مشاريع تنموية، وهذا يتطلب من الحكومة اليمنية أن تعمل على تفعيل القوانين وإعادة الاعتبار لقضاء نزيه وقوي يسترد هيبة الدولة، ويضع حدا للفساد والمفسدين الذين يسيئون للنظام ويدفعون المستثمرين للإحجام عن الاستثمار في اليمن.

واليمن يمتلك إمكانيات كبيرة من الثروات الطبيعية الباطنية والثروة النباتية والحيوانية، إضافة إلى تمتعه بمناخات متعددة وشواطئ جميلة تزيد عن 2000 كم وغناه بالمواقع الأثرية التاريخية مما تجعله من المناطق السياحية العالمية مما يدر عليه عوائد كبيرة من العملات الأجنبية التي تسهم في تطوير الاقتصاد الوطني، إضافة لما يحصل عليه من قروض ومساعدات، لكن للأسف أن هذه الإمكانيات لا تستثمر بشكل صحيح وسليم ونزيه تؤدي إلى تطوير الاقتصاد اليمني بدلاً من الحديث الدائم والمستمر عن التأهيل والمساعدات والقروض.

> صدر مؤخراً قرار بتشكيل لجنة من مجلس النواب لمكافحة الفساد كيف تقرؤون هذه الإجراءات والسياسات والتوجهات اليمنية حيال مكافحة الفساد؟

-المهم أن تتوفر الإرادة السياسية لدى صانعي القرار، وأن تمتلك هذه اللجان القدرة على العمل المستقل وأن ترتبط بقضاء عادل ونزيه، حيث إنه بدأت تقارير الشفافية العالمية تعيد تقييم الوضع الاقتصادي لليمن، وهنا لا بد من تطبيق الإجراءات الحكومية هذه بحزم ولا نكتفي باتخاذ القرارات أو تشكيل الهيئات واللجان لمكافحة الفساد وأن تمتلك هذه اللجان القرار الصارم والحاسم لاستجواب أي مسئول وفي أي منصب (وهنا نشير إلى حالة مجلس النواب الكويتي الذي يستدعي الوزراء والمسئولين لمساءلتهم ومحاسبتهم)، حيث إن الفساد للأسف قد استشرى وأصبح ثقافة ومؤسسة ودمر القيم والأخلاق وقد حان الوقت لإزالة هذه الآفة التي سماها البعض ملح التنمية ومكافحتها بكل الوسائل والبدء بمحاسبة المفسدين أياً كان موقعهم في السلطة، ليكونوا عبرة لهذا الطابور الكبير الذي أصبح يهدد البلاد والعباد، فقد أثر هذا الواقع على حياة المواطنين ومعيشتهم وزاد من حالات الفقر والبطالة وحد من إقدام بعض المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في اليمن.

> تقييمكم للتجربة الديمقراطية والحزبية بشكل عام منذ العام 1990 وحتى اليوم؟

- جرت في اليمن بعد قيام الوحدة عدة دورات انتخابية رئاسية ومحلية، شأنها شأن بعض الأنظمة العربية، وفي رأيي أن أهم شيء هو قبول كافة الأطراف بمبدأ التداول السلمي للسلطة بالاحتكام لصناديق الاقتراع بدلاً من اللجوء إلى السلاح للوصول إلى السلطة كما كان يجري في بعض البلدان العربية التي كانت جيوشها في سباق إلى محطات الإذاعة والتلفزيون كل صباح ومساء حول من يحسم ويحكم ويصدر البيان الأول، آملين أن تكون الديمقراطية آلية لخدمة الشعب وليس لتجميل الأنظمة أو لإرضاء الخارج. وهذا لا ينطبق اليوم على تجربة الجيش الموريتاني الذي وضع حداً للفساد والفوضى والانقلابات، وأعاد الاعتبار للديمقراطية عندما قبل قادته وفي مقدمتهم الرئيس علي ولد محمد فال بتسليم السلطة للرئيس المنتخب شعبياً وديمقراطياً، وبعد الانتخابات الرئاسية عاد الضباط إلى ثكناتهم للدفاع عن الوطن والتجربة الديمقراطية في موريتانيا.

> وثيقة العهد والاتفاق ما هي المسببات لعدم العمل بها وإلغائها كليا من قاموس الحكومة وهل ما زالت صالحة في نظرك؟

- وثيقة العهد والاتفاق كانت ولازالت تحمل مشروعاً وطنياً وحكماً لا مركزياً لبناء دولة الوحدة، وقد حظيت بإجماع وموافقة ومباركة كافة القوى السياسية في اليمن وجماهير الشعب والقوى الإقليمية والدولية، ولكن مع الأسف أنها لم تجد طريقها لترى النور وإنما حل محلها لغة الصياح والسلاح والتكفير والاقتتال والانفصال.

> كيف ترون مستقبل الوحدة اليمنية في ظل المطالبة المتزايدة بـ«تعديل مسارها»؟

- بتقديري أنه من المهم أن يجرى حوار شامل بين الحزب الحاكم وكافة القوى الوطنية لمناقشة ومعالجة التطورات والمستجدات على الساحة اليمنية، فالحوار هو الأسلوب الناجح لحل كافة القضايا من منطلق الحرص على مستقبل الشعب والوطن الذي ضحى الشعب كثيراً من أجل الثورة وقيام الوحدة اليمنية، وهنا يجب الاستفادة من الدروس والعبر التي مر بها اليمن قبل وبعد الوحدة، فقد عانى الشعب كثيراً من الصراعات والخلافات والحروب وعدم الاستقرار، وحان الوقت لوضع حل للمشاكل التي يتحدث عنها المواطن اليوم ووضع حد للعناصر المتنفذة التي أصبحت تسيء للوطن والمواطن والوحدة. تلك الوحدة الذي أردناها وكنا نهتف لها صباح مساء (لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتحقيق الوحدة اليمنية) كان أطفالنا في المدارس يهتفون بهذا الشعار صباح كل يوم في مدارسهم, الوحدة اليمنية كانت لنا الحلم والهدف الذي سعينا وناضلنا جميعا للوصول إليه, وحدة بدأت المطالبة بها من كل فصائل العمل الوطني والحركة الوطنية اليمنية منذ الخمسينات شمالا وجنوباً.

> بعد 17 عاماً على إعادة تحقيق الوحدة، أين هي دولة المؤسسات من الدولة اليمنية في عام 2007م؟

- لقد مر 17 عاماً على قيام الوحدة اليمنية ونحن نتحدث عن أهمية قيام دولة القانون والمؤسسات، فقد أقيمت بعض المؤسسات بعد الوحدة ويجري استكمال بنائها ولكن المهم ليس قيام مثل هذه المؤسسات، إنما المهم هو تفعيل دورها في المراقبة والمحاسبة.

> في رأيكم وبحكم خبرتكم السياسية ما النظام أو الطريقة التي تصلح لحكم اليمن (بشـكل صحيح)؟

- النظام الديمقراطي هو النظام الأمثل للحكم في كافة دول العالم، وأشرت أنفا إلى أن وثيقة العهد والاتفاق كانت تحمل مثل هذا المشروع لو أتيح لها أن ترى النور، والمواطن يبحث عن وطن يتوفر فيه العدل والأكل والأمن كما جاء في الآية الكريمة : ?{?الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف?}? .

> متى كان آخر اتصال بينك وبين كل من الرئيس علي عبد الله صالح ونائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض؟

-نتواصل معهما في المناسبات الوطنية والدينية وآخر اتصال جرى بيني وبين الرئيس علي عبد الله صالح في منتصف شهر مايو 2007 عندما وجه لي الدعوة لحضور الاحتفالات في محافظة إب.

> رسالة توجهها لعدن ولأهلها؟

-وحتى متى يطول هذا البعد عن عدن التي وصفتها بالغالية والجميلة؟ حبي لعدن وأهلها لا حدود له، وعدن وشعبها تحملوا الكثير طوال تاريخها المجيد والعريق فهي حاضنة لكل أبناء اليمن وتجسد الوحدة الوطنية الحقيقية فلا تمييز ولا تفرقة بين سكانها، وأتمنى لها التقدم والتطور والازدهار، لأن ازدهارها واستقرارها هو استقرار للوطن كله، وفي هذه الفترة أعمل على استكمال كتاب «عدن التاريخ والحضارة» في طبعته الثانية التي ستصدر نهاية هذا العام، ونأمل ونعمل على أن يتحول إلى موسوعة عن تاريخ عدن ليصبح مرجعاً لهذه المدينة وأهلها الطيبين.

> كيف يقضي السيد الرئيس علي ناصر جل وقته؟

- نشاطي اليومي يبدأ بمتابعة أخبار الوطن والمواطن من خلال قراءة الصحف والاطلاع على صحيفة «الأيام» والصحف الأخرى والمواقع الالكترونية في اليمن وخارجها، والاهتمام بالقضايا العربية الأخرى، إضافة إلى المطالعة وممارسة الرياضة، والاهتمام بأسرتي وباليمنيين الذين يزورون دمشق سواء للزيارة أو للعلاج أو للدراسة.. ومتابعة نشاط المركز العربي للدراسات الاستراتيجية وفروعه، وقد نظمنا سلسلة من حلقات النقاش وعدداً من الندوات وآخرها ندوة عن اليمن نظمت في بيروت، وندوة عن فلسطين وغيرها من حلقات النقاش.

> ماذا يتوقع علي ناصر أن يكتب عنه التاريخ؟

- التاريخ والشعب هما الحكم في نهاية المطاف، وأنا أقبل بهذا الحكم في الماضي والحاضر والمستقبل، فأنا بشر أخطئ وأصيب، وقد عانيت كثيراً من المحاولات التي جرت وتجري لتشويه تاريخي حتى اليوم، لكنني كنت واثقاً من نفسي ومن قراراتي ومن شعبي ومن عملي الذي سخرته لصالح الوطن والمواطن، ولم الجأ إلى الرد أو التجريح والتشهير بكل الذين أساؤوا إلي، وكنت أردد دائماً «سامحهم الله» ليس من موقف الضعف وإنما ترفعاً عن هذه المهاترات التي ترتد على أصحابها.

> ما هي العبر والدروس التي خرجت بها بعد تاريخ طويل في ممارسة السياسة والحكم؟

-تناولت ذلك في مذكراتي التي نأمل أن تجد طريقها إلى النور ليطلع المواطن على تجربتنا بسلبياتها وايجابياتها والاستفادة من الدروس والعبر والاستخلاصات التي خرجت بها من هذه التجربة التي كانت مثار اهتمام العالم كما أشرت آنفاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى