> أبوبكر السقاف:

للمرة الثانية تعاقب السلطة التنفيذية النائب أحمد سيف حاشد، وهي السلطة الوحيدة في البلد فالنظام في اليمن السعيد بحكامه قائم على الجمع بين رئاسة الجمهورية والقيادة العليا للجيش، وهذا رفض من نقطة البدء للدولة المدنية، ويصبح الحديث عن الدستور ونظائره.. والنظام الجمهوري أو الرئاسي هرير كلام وأضغاث أحلام، لأن طبع السلطة /السلطان القائم على مبدأ الجمع بين الرئاستين بحبل الاحتكام إلى القوة المجال الوحيد المفتوح على باب التغيير وفي مقدمة التغيير بالجيش وثبت أنه أسوأ أنواع التغيير في المشرقين والمغربين.

إن المفارقة الساخرة أن عضو لجنة الحريات في مجلس النواب، وفي المرتين، جرى الاعتداء عليه وهو يمارس مهام هي من صميم اختصاصه بما هو نائب وصاحب صحيفة. ولم يسفر التحقيق في الحادث الأول عن شيء رغم مضي عام، وها هو الحادث الثاني يتعثر التحقيق فيه. وهذا ازدراء من قبل الهيئة التشريعية لحقوق النائب بلغ مداه، وهل يمكن لهذه الهيئة أن تكون جادة في غير هذا من الأمور وهي لا تحرص على الدفاع عن حرية وكرامة وسلامة عضو عامل فيها؟

يبدو أن مجلس النواب راض أن يكون تابعاً للسلطة الوحيدة في البلاد، وكنا نظن أنه لم يتدخل في أحداث صعدة الدامية لأن الأمر يتعلق بالسياسة والسيادة العليا وهي في بلادنا أغمض من الغموض وحاجة «تلخبط اللخبطان» كما يقولون في مصر الحبيبة ونتائجها غاية في الوضوح البشع وعلى كل الصعد. أما أن تصل التبعية إلى العجز الكامل عن نصرة عضو من أعضائه يبدي اهتماماً صادقاً بالشأن العام ويشارك في نشاط المجتمع المدني ليثبت أن السياسي والمدني وجهان لأي مجتمع ينشد السياسة المدنية والعقلانية السياسية، فإنه أمر تجاوز كل تشاؤمنا.

إن الانتصار للنائب الشجاع المضطهد واجب كل برلماني، فذلك ليس أمراً يوجبه الدفاع عن الحق والحقيقة بل وبه يرتبط مصير مجلس النواب، الذي عليه حتى يحظى بالاحترام والثقة من المواطنين أن يكون سباقاً إلى ساحات الدفاع عن الحق ونشدان العدل. فهل يتحرك النواب؟ وهل يشكون في أن كرامة النائب أحمد جزء لا يتجزأ من كرامتهم جميعاً؟ إن سلوك مجلس النواب يثبت أنه لا يريد أن يكون إحدى السلطات، وأنه راض قرير العين بمكانه في النظام السياسي وهو بائس يشبه العدم.

أما النائب أحمد سيف حاشد فإن تقدير الرأي العام له وكذلك هيئات المجتمع المدني الفاعلة يزداد كل يوم.. ولك التحية والإعجاب والتضامن.