الاعتراف بالأزمة فضيلة

> نجيب محمد يابلي:

> لن يؤتي (الملخص التنفيذي لما بعد مؤتمر المانحين) أُكُله ما لم تتوفر الأرضية للحاكمية الرشيدة، إذ يجمع الخبراء «أن الدول التي تفتقر للحاكمية الرشيدة ينتشر فيها الفساد وتتردى فيها أوضاع البنية التحتية، وتتدنى فيها مستويات الاستثمار الخاص إلى جانب تراجع معدلات النمو والعمالة وضعف الاستقرار السياسي». ولو عدنا 13 سنة إلى الوراء، عندما أصدر مجلس الوزراء جملة قرارات في الأربعاء الموافق 29 مارس 1995م شكلت تحدياً كبيراً للجهازين المدني والعسكري للدولة وتحقق منها هامش لا يذكر وغير ذي قيمة أو أهمية ويعزى ذلك إلى غياب «الحاكمية الرشيدة». يبدو أن السلطة قد أخذتها النشوة عندما ارتفع حجم المبالغ المتعهد بها في مؤتمر المانحين، الذي عقد في العاصمة البريطانية لندن في نوفمبر الماضي من 4.7 مليار دولار إلى 5.066 مليار وهي في غنى عن تلك النشوة لأن اليمن غني بالموارد النفطية والغازية والمعدنية والبحرية والسياحية والزراعية الكفيلة بإخراجه من دائرة الأزمة إلى دائرة النعمة لو عملنا على البحث عن الأزمة وتشخيصها وتحديد سبل التغلب عليها.

إن المانحين والمستثمرين من جانب والمجتمع من جانب آخر يتطلعون إلى تلمس الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومثل هذا الاستقرار بأضلاعه الثلاثة لا يمكن تحقيقه إلا بشراكة فعلية في السلطة والثروة والقرار، وإلا اختل الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي وبالتالي الأمن أو الاستقرار السياسي، ومن المحزن أن ثمة مؤشرات قد برزت لتؤكد أن الإرادة السياسية لم تتوفر بعد لإرساء دعائم الاستقرار بأضلاعه الثلاثة، ومن تلك المظاهر السالبة:

- غياب التوزيع العادل للثروة في المحافظات الجنوبية.

- الإحالة الجماعية للمدنيين والعسكريين الجنوبيين إلى التقاعد ولم يشمل ذلك نظراءهم في المحافظات الشمالية.

- إقصاء الكوادر الجنوبية المؤهلة من أخذ حصتها من المناصب القيادية في محافظاتها، فواقع الحال في محافظة عدن مثلاً يشير إلى أن المحافظة تفتقر تماماً إلى وجود كوادر كفؤة قادرة على تحمل مسؤولياتها في أي مرفق كان، مدنياً أو أمنياً.

- الاستئثار بالأرض وبعقود تمليك كحق محصور على شماليين فقط.

- الاستئثار باستغلال الثروة البحرية وخدمات النقل الجوي وخدمات النقل البري في المحافظات النفطية الجنوبية، وأخبرني شخص وجيه من محافظة شبوة أن أبناء عمه يملكون أسطول شاحنات وسبق أن قدموا خدمات ممتازة لشركات أجنبية، إلا أن عسكريين نافذين من محافظات شمالية استأثروا بالعقود المبرمة مع الشركات النفطية الوافدة وأهل الأرض محرومون، ويسري ذلك على المقاولات العامة الأخرى بما في ذلك الاستئثار بفرص العمل الصغيرة.

- الاستئثار بالبعثات الدراسية إلى دول الغرب والشرق وإن كان هناك فتات من نصيب الجنوبيين فهي إلى دول مثل السودان.

- العمل في السلك الدبلوماسي الخارجي أصبح شبه خال من الجنوبيين.

- غياب إحصائية شاملة ودقيقة للمعونات والمنح والهبات المقدمة للحكومة استناداً لتقرير الجهاز المركزي.

- ضعف الهياكل الإدارية والتنظيمية للمشاريع الممولة (بقروض مقدمة للحكومة) وسوء التخطيط وعدم مراعاة القدرة الاستيعابية للمشاريع المخطط تمويلها وقصور دور الجهات الإشرافية استناداً لتقرير اللجنة الاقتصادية لمجلس الشورى.

- استخدام مخصصات المعونة لتمويل التنمية الزراعية في أهداف وأغراض مختلفة، وتعرضت المعونة للتبديد والإهدار والالتفاف على عوائدها وإلحاق الضرر بالمال العام والتراجع السنوي لقيمة المعونات اليابانية وحرمان البلاد من الحصول على المعونة السنوية المتاحة استناداً لتقرير اللجنة الاقتصادية لمجلس الشورى.

- ضياع مشاريع منها مشروع كلية المجتمع بسقطرى بتبرع من أمير دولة الكويت، إلا أن تنازع جهات مركزية مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم الفني ووزارة التعليم العالي حال دون الاستفادة من المشروع. (مرجع سابق - مجلس الشورى).

- المركزية المفرطة لدى بعض الجهات الرسمية (حددها تقرير الشورى) في التنفيذ والإشراف الفني وغياب المحافظة وعدم معرفتها ببعض مكونات المشاريع.

بادروا أولاً بحصر الأزمات والاعتراف بها واحدة واحدة ثم اعترفوا بأصحاب الحق وضعوا المعالجات الموضوعية الصادقة والجادة في إطار «الحاكمية الرشيدة» وإلا فتوقعوا اتساع قاعدة الجنرال سعيد شحتور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى