ما قال يا لوماه

> «الأيام» صالح حسين الفردي:

> في موروثنا الشعبي الحضرمي يعد هذا العنوان فلسفة حياة، وخلاصة تاريخ وحضارة، وتكثيف لقيم سلوكية وأخلاقية اعتجنت بحياة الأجيال الماضية فصارت جرس إنذار لكل خروج عن هذه القيم والسلوكيات والأخلاق، وصادّة لمن تراوده نفسه عن فعل مشين، وإذا ما أردنا اليوم أن نسقط هذا القانون المجتمعي (المحضرم) على واقع الحال وأبنائه، ونتقصى صداه في نماذج من الشرائح الفاعلة والمؤثرة في محيطها اليومي، كيف ستأتي النتيجة، دعونا نرحل قليلاً لنقف أولاً والأستاذ الدكتور الجامعي الذي سخر كل معارفه لمصلحة الذاتية وأنانيته العلمية، وتسلق السلم الإداري في الجامعة من خلال الورقة الحزبية حتى بلغ إلى عميد كلية أو مسؤول في قسم من أقسامها، وأهمل العلم والمعرفة والبحث العلمي ودوره التنويري في المجتمع، وليته وقف عند هذا الحد إلا أنه أصبح مجاوشاً ومقاولاً ودلالاً- سمسار أراض- ومقيماً دائماً في منتديات القات، دون أن يجدد علمه ومعرفته ويقرأ ما يجد في تخصصه، وباقي الفروع الأخرى من فروع العلم الذي ينهمر منتجه في كل ثانية في العالم، فعندما تصبح الجامعة أداة من أدوات صناعة الجهل في المجتمع فهل عرف هذا الأستاذ الجامعي فلسفة (يا لوماه).

وعندما نجد المثقف الكبير الذي قضى جل عمره ينثر المبادئ والقيم ويلسع الشرائح الأخرى بما لديه من مثاليات رأى فيها مادة لصناعة الذات في زمن مضى، ويتجاهل اليوم كل هذه الصيرورة الحياتية، عازفاً على وتر النسيان الذي تصاب به أمة في مرحلة اختلال القيم والمعايير، فيبدأ يمارس دوره المقيت في تسطيح الوعي والثقافة والتاريخ والتراث، ويمارس مبدأ (الفهلوة واللي تغلب به العب به) مثل هذا النموذج من المثقفين أو مدعي الثقافة وما أكثرهم اليوم، هل مر بخاطره يوماً هاجس (يا لوماه).

عاشق التراث وخادم التاريخ ومعجون بالأصالة عندما يصر على تهويماته وشخبطاته التي لا تمت للعلم والمنهجية البحثية بصلة، ويستغل الخواء الذي تعيشه الأجيال الجديدة وعدم إلمامها بتراثها وتاريخها الماضي التليد، ويشرع في تشويه هذا الموروث والتاريخ دون خجل، والأمرّ من ذلك أن يجد من يتولى مثل هذه التشوهات المعرفية والتراثية ويدفع بها طباعة في كتيبات أقل ما يمكن أن توصف به أنها خالية من أي قيمة علمية ومعرفية وتاريخية وتراثية، ويبقى صاحبنا مصراً على جهله، ويكابر في ذلك بعد أن شكل مع غيره منظومة للتخلف والتشويه، فهل فهم عمق دلالة (يا لوماه).أما النموذج التالي فهو الإعلامي (الكبير) الذي سخر صوته وقلمه للعزف على نقيض نبض أمته، وعميت بصيرته عن رؤية واقعه المعيش، وينسج كل يوم عوالم لا يراها أحد غيره، ويبشر بالرخاء والرفاهية، وما على (الغلابة) إلا الصبر والانتظار، في حين هو قد امتلك سيارة، وبنى بيتاً، ورصيده من قطع الأراضي معمور، وفي زمن قياسي، ويردد في تجمع أو لقاء أو حوار نقاش عابر عن شرف الكلمة وضميرها الذي يجب أن لا يغفله عاشق الحرف، فهل بقي لـ(يا لوماه) قيمة لديه.

نكتفي بهذه النماذج، والقائمة تطول، ولكننا آثرنا الإشارة، ويا لوماه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى