آلاف من المواطنين يحضرون لقاء للتصالح بيافع

> يافع «الأيام» صلاح القعشمي:

> احتشد آلاف من المواطنين من مديريات يافع الثماني وشخصيات سياسية واجتماعية وقانونية ومثقفون وناشطون في منظمات المجتمع المدني قدموا من عدن وأبين والضالع وشبوة وحضرموت والمهرة، بمنطقة آل بن صلاح بمديرية لبعوس لعقد لقاء للتصالح والتسامح والتضامن تخلله إلقاء الكلمات والزوامل الشعبية. وأصدر المشاركون في اللقاء بياناً سياسياً.

شهدت منطقة آل بن صلاح بمدينة لبعوس يافع محافظة لحج صباح امس لقاء التصالح والتسامح والتضامن لابناء المحافظات الجنوبية، بهدف تجسيد قيم التسامح والتضامن بين ابناء الشعب، الذي توافدت اليه جموع غفيرة في مقدمتها عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية والأمنية والاكاديمية ونخبة من النشطاء من منظمات المجتمع المدني ورجال القانون والكتاب والمثقفين من محافظات عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة ومن مختلف مديريات يافع الثمان.

وقال متحدثون لـ «الأيام» إنه على الرغم من محاولات السلطة إفشاله منذ الوهلة الاولى لإقامته في منطقة اكتوبر بالموسطة باشعار مسبق وتم لها ذلك، فقد انعقد اللقاء في منطقة آل بن صلاح المجاورة لكلية التربية يافع وثانوية قحطان وحضره اكثر من عشرة آلاف مشارك ورددت في مستهله الزوامل في ساحة اللقاء وجسدت أسمى معاني الود والتسامح والدعوة إلى رص الصفوف.

وافتتح اللقاء الجماهيري بآي من الذكر الحكيم.. وألقى بعدها الاخ عوض بن عوض الصلاحي عضو المجلس المحلي بمحافظة لحج رئيس اللجنة التحضيرية كلمة ترحيبية بالمشاركين من مختلف المحافظات الجنوبية اكد فيها أن اللقاء يحمل دلالات هامة ابرزها التصالح والتسامح وقال: «أما السؤال لماذا الملتقى ومن يخدم؟ فإن الاجابة الشافية سيجدها السائل في مشروع البيان السياسي، وأما الذين سبق أن تكونت لديهم قناعات اخرى حول طبيعة هذا النشاط وأهدافه فإن لهم آراءهم التي نحترمها حتى إن جانبت الصواب والحقيقة».

واستعرض في كلمته ادعاء البعض أن هذا النشاط يعد اخلالا بالسكينة العامة والامن والطمأنينة وموجها ضد الوحدة وقال: «وكأن بلادنا تعيش في أمن واستقرار ولا يعكر صفوها سوى اصواتنا ونشاطنا، متناسين أن معالجة الحروب والاقتتال والثأر والفوضى وغياب القانون من اسس ومتطلبات السكينة العامة التي يتحدثون عنها».

واستنكر في كلمته الحصار العسكري الامني الذي فرض على بعض أحياء مدينة عدن قبل أيام لمواجهة اعتصام سلمي للمسرحين والمفصولين من اعمالهم عسكريين وأمنيين ومدنيين وقال: «إنه مؤشر آخر على الحساسية المفرطة التي يتسم بها تعاطي السلطة مع الانشطة المدنية والسلمية».

وحول الوضع في يافع قال القيادي المحلي عوض الصلاحي: «تعتبر يافع من اكثر المناطق حرمانا من المشاريع التطويرية والخدماتية الأمر الذي اثر سلبا على حياة المواطنين» مشيرا إلى مشكلة الطرق وأبرزها طريق باتيس- رصد المؤجلة من عقد إلى آخر وطرق الحد والجبل، والكهرباء، والهاتف، والمياه والتدهور لمؤسسات ومرافق الخدمات الصحية والتربية والتعليم وغيرها.

واختتم كلمته بالقول: «لا يوجد أمامنا سوى طريق واحد للتخلص مما نعاني ونشكو منه واستعادة حقوقنا المصادرة ودورنا المصادر.. هو طريق التصالح والتسامح والتضامن فيما بيننا.. وتنظيم الصفوف في اطار الاشكال المناسبة والحذر من السير وراء الوعود الكاذبة والمعالجات الجزئية أو القبول بالمسكنات وأنصاف الحلول».

وألقى الاخ أحمد عمر بن فريد كلمة ابناء محافظة شبوة قال فيها:

«إننا في زمن انقلبت فيه المفاهيم والمثل وتبدلت فيه الحقائق إلى اكاذيب وانتشرت فيه الضلالات والزيف بشكل غير مسبوق، إننا في زمن بات فيه الحق الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار يبحث عن مكان أمين له ليعلن فيه وجوده وحضوره بينما يحاصره الزيف والتضليل من كل جانب.

ولعلكم أيها الإخوة تلمسون هذا وتصطدمون به كل يوم حينما يجعلون من الوطني خائنا ومن الوحدوي انفصاليا ومن صوت الحق صوت باطل وذلك كلما تحدثنا عن حقنا المسلوب، حقنا المغتصب ظلما وعدوانا، حقنا المغيب بفعل سياسة القوة والعنف كلما ناشدنا وطالبنا بحقوقنا المسلوبة.

أيها السادة.. لقد تقدم الجنوب بكل وطنية وشجاعة ونكران للذات.. نحو يوم 22 مايو 90م لكي يسهم المساهمة الاكبر والاقوى في انجاز الوحدة اليمنية، فقدم لهذا الوطن الكبير قربانا وأي قربان، قدم مساحة جغرافية تعادل 365 ألف كيلومتر مربع يسكنها شعب متحضر، متعلم، متمدن، لا يتجاوز تعداده في الاجمال الكلي ثلاثة مليون نسمة، وقدم شريطا ساحليا يعادل (2000) متر.. وقدم ثروة سمكية متنوعة لا حصر لها.. وقدم موقعا استراتيجيا يحسده عليه العالم أجمع، وقدم مدينة (عدن) التاريخ والحضارة، التجارة والنظارة، والميناء العالمي الشهير، وقدم ثروة نفطية تعادل 80 % من الانتاج النفطي لدولة الوحدة، وقدم ما يعادل 15 ألف تريلون قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال في محافظة شبوة، وقدم الجنوب تنازلاته عن الكثير من المناصب القيادية في البلاد ثم تنازل الجنوب عن اهم حق سياسي له، وهو حق التمثيل السياسي المتوازن ما بين الشمال والجنوب في عضوية مجلس النواب، وذلك حينما قبل بما انتهت إليه اول لجنة عليا للانتخابات بعد الوحدة حينما قسمت اليمن إلى عدد 301 دائرة انتخابية بحسب تعداد السكان، فكان نتيجة ذلك أن منحت الجنوب (كل الجنوب) الذي تقدر مساحته بثلثي مساحة الشمال عدد (56 دائرة انتخابية) فقط وهو الذي دخل الوحدة بعدد (111 عضوا) هم كامل اعضاء مجلس الشعب الاعلى، فقبل الجنوب بهذه القسمة ولم يقل حينها كلمة (لا) أو أن هذه القسمة لا تنصفني، وذلك على اساس انه لا فرق ما بين ابناء الوطن الواحد.

قبل الجنوب أن تكون حصته في المقاعد النيابية رغم كل ذلك اكثر من حصة محافظة واحدة في الشمال وهي محافظة صنعاء بدائرتين فقط فهل يمكن أن نتخيل هذا؟ وهل توجد روح وحدوية اكثر من هذا؟ أم أن هناك تنازلات يمكن تقديمها اكثر مما قدمه الجنوب؟

وفي المقابل.. ماذا قدم الطرف الآخر؟ سؤال كبير نطرحه ونطلب الاجابة عليه من قبل المنصفين وحدهم، ولا نقبل اجابة الدجالين والمنافقين والمزايدين، سؤال نحيله للتاريخ وللضمير الوطني اينما وجد وحل».

وألقى الاخ حسن أحمد باعوم في الملتقى كلمة قال فيها: «إن مسيرة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي قد املتها علينا الضرورة وكانت نتاج وعي وطني وعصري لنخبة من ابناء هذا الوطن المعطاء الذي لم تتوقف عطاءاته ومن مختلف الهامات الكبرى من هامات النضال والفكر ومن عمالقة الاقتصاد والقانون والاستثمار، هذا الوطن المعطاء الذي لم يتوقف معينة وظل زاخرا بإنجاب الرجال الميامين اصحاب القامات السامقة المتحدية لجبروت الطغيان وتسويق التخلف وفرض الذل، هامات تلبس الإباء تاجا على رؤوسها ولا تقبل الخضوع إلا لربها سبحانه وتعالى برغم كل ما أحاط بهذا الوطن في الجنوب من نكبات على مر التاريخ».

واضاف: «إن الوعي بأهمية التصالح والتسامح الجنوبي يكتسب اهمية قصوى ويحمل دلالات عميقة وتكمن اهميته في:

-1 وضع حد لمنهج الصراع والخصومة التي ليس لها نهاية اذا ما استمرت، ولن توفر راحة أو سعادة.

-2 وضع حد لمنهج الصراع والخصومة الذي يستهلك التفكير الانساني الذي يخدم مصالح المجتمع ويوظفه فيما يدمر تلك المصالح ويقضي على افضل العقول وأنبل الرجال ويبدد الامكانيات.. إلخ.

-3 يعيد منهج التفكير إلى وضعه الطبيعي الذي يصيغ افضل العلاقات بين الناس وضبطها بضوابط تخدم افضل المصالح وأنبل القيم الانسانية بينهم بأفضل عقد اجتماعي يتم التوافق عليه بينهم.

-4 أن السبيل الوحيد والامثل هو خلق الحياة الآمنة والمستقرة للناس حياتيا ومعيشيا وهو منطلق الامان لاستعادة الثقة بين الناس وإعادة الاعتبار لمن لحق به الغبن، وهو منطلق ايضا التنمية والتطور، والتخلص من القهر والظلم المعاش يوميا، بكل دلالاته المادية والمعنوية.

بينما تكمن دلالات هذا التسامح بحجم الالتفاف والتأييد التي رافقت مسيرة اللقاءات التي تم تدشينها في جمعية ابناء ردفان الابطال، الذين كان لهم شرف السبق والريادة ثم تلك اللقاءات التي تلاحقت تباعا في كل محافظات الجنوب، وتكمن دلالاتها ايضا في الزخم المعنوي الذي يستشف منه المواطن الجنوبي منطق الالتحام والتضامن والاحتماء من الظلم الواقع عليه والذي انعكس في صورة الترحيب الذي أبدته جميع الاطراف التي كانت ضحية تلك الدوامات من الصراع.

ووجه عددا من النداءات التي تدعو السلطة إلى مراجعة الحسابات تجاه قضية الجنوب والاعتراف بالأزمة والقبول بالحوار حولها قبل أن يفوت الاوان، كما دعا الوطنيين الاحرار إلى زيادة الابداع في تعديد وسائل النضال المشروع لاستعادة الحق المسلوب.

كما شارك في اللقاء الشعراء محمدعبدالله ابو حمدي من أبناء مودية محافظة ابين، ومحمد احمد زين بن شجاع وعلي عبدالرحمن البجيري من أبين، ومحمد علي السليماني ونبيل حسين الخالدي وصالح حنش سالم الحنشي ويحيى محمد الفردي وفضل ناجي نصر الردفاني ومحمد حماد حسين، الذين اثروا اللقاء بأشعار معبرة.

وحيا المتحدثون في كلماتهم جمعية ردفان الخيرية في محافظة عدن التي تبنت اول لقاء للتصالح والتسامح ودعوا إلى وقف الاجراءات التعسفية التي فرضت عليها.

ومن الشخصيات التي حضرت المهرجان بالاضافة إلى المتحدثين المحامي بدر سالمين باسنيد والدكتور علي عبدالكريم والكاتب محمد عبدالله باشراحيل والمحامي علي هيثم الغريب والعميد صالح فاضل الصلاحي.

واختتم لقاء لبعوس يافع بإصدار بيان ألقاه الاخ قاسم داود فيما يلي نصه:

«باسم الله والحمد لله القائل في محكم كتابه ?{?ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون?}? صدق الله العظيم، والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في أجواء حماسية ووسط مشاركة جماهيرية حاشدة من مختلف القوى والشرائح السياسية والاجتماعية وممثلي المجتمع ورموزه ووجهائه ومشاركين اعزاء من عدد من المدن والمناطق والمحافظات انعقد ملتقى يافع للتصالح والتسامح والتضامن الذي تعد اهدافه وتوجهاته تواصلا مع التاريخ المجيد والمشرق ليافع في نصرة الحق ورد العدوان ومحاسبة الظلم والقهر والاستعباد، ومع دور أبنائها في مختلف مراحل العمل الوطني من اجل الحرية والاستقلال والعدل والمساواة والحياة الكريمة ومساهمتهم في تحقيق مهمات التنمية والتطور والاصلاح والتصالح وفي الاعمال الخيرية وغيرها، وامتدادا وتجسيدا لتلك العطاءات المثمرة والادوار والمآثر الخالدة انعقد هذا الملتقى الرائع الذي اكد المشاركون فيه إيمانهم الراسخ وإصرارهم الاكيد على مواصلة السير على نفس الدرب صونا للكرامة والحقوق ووفاء لبطولات وتضحيات الاجيال السالفة ومن سار على خطاهم واقتدى بتجاربهم.

كما أن هذا العرس الجماهيري السياسي السلمي يعد واحدة من سلسلة الفعاليات والتحركات الجماهيرية التي شهدتها وتشهدها مناطق ومدن الجنوب خاصة والوطن عامة، والهادفة إلى استعادة الحقوق المصادرة وفي المقدمة منها حق المواطنين الطبيعي في الشراكة في السلطة والحصول على نصيبهم العادل من الثروة وحق المناطق في مشاريع التنمية والتطوير وحق المواطنين في ادارة مناطقهم والاختيار الحر والشفاف لمن يتولى ادارة شؤون بلادهم من ادنى المستويات إلى اعلاها، وحق المواطنين في الحرية والتعبير عن الرأي والامن الشامل والتعليم والصحة والعمل، وحقهم في كل ما تقره الشرائع السماوية والمواثيق الوطنية والدولية. إن هذه الفعاليات التي تزينها الكلمات الثلاث الغنية بمعانيها ودلالاتها (التصالح، التسامح، التضامن) تجسد في اروع وأصدق تجلياتها ما توجبه علينا تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف والعادات والتقاليد الحميدة التي نمت وازدهرت عبر مراحل التاريخ المختلفة وهي قطعا - أي هذه الفعاليات- ليست موجهة ضد احد وبعيدة عن التعصب السياسي والمناطقي وعن اعمال الابتزاز والمكايدة، إنها فعل نابع من شعور عميق وإدراك مسئول وصادق بأهمية أن نجسد في مواقفنا ومعاملاتنا وسلوكنا مثل وقيم التسامح والتصالح والتضامن وفي هديها نتعامل مع احداث الماضي ومشاكله، شعور عززته مرارة المعاناة التي نعانيها جميعا، معاناة الاستلاب والاجتثاث للتاريخ والحاضر والمستقبل، معاناة الاقصاء والالغاء والتمييز، معاناة السياسات والممارسات التي تستهدف اخراجنا من دائرة الفعل الوطني بكل ابعاده وجعلنا هامشيين ومصدرا لدفع الجبايات والاتاوات محتلين آخر سلم التراتبية الوطنية والاجتماعية التي فرضها علينا المنتصرون على الوحدة في 94/7/7م المستقوون بقانون القوة ونزعة الاستئثار والتسلط غير العابئين او المكترثين باحكام التاريخ وعبره ولا بما تكون خلال مراحله المختلفة من حقائق وحقوق، وعدا عما سبق ذكره فإن مهمات الحاضر ومتطلبات المستقبل المنشود تتطلب من الجميع التمسك بهذه القيم ونبذ الفرقة والحروب والفتن ما ظهر منها وما بطن.

كما أن هذه الحركة المدنية الجماهيرية بأهدافها المعلنة تعد تجسيدا وتمثلا وإحياء لروح ومضامين وحدة 22 مايو 90م التي تحققت على قواعد وأسس الحوار والشراكة والتكافؤ والمساواة التي جرى وأدها في حرب 94م وما بني عليها وما تلاها من سياسات وإجراءات جعلت من غلبة القوة ونزعة الاستئثار والاقصاء بديلا عن الاسس والمرتكزات التي قامت عليها الوحدة ولا ريب أن عملية التصالح والتسامح والتضامن التي ننشدها ونستهدف تحقيقها لا تعني نتائج وتداعيات احداث بعينها ولا تلك التي دارت في اطار تيار سياسي محدد، ولكنه تسامح عام وشامل لآثار وتداعيات الاحداث التي شهدها الجنوب يشمل الاجيال ومختلف التيارات والقوى السياسية والاجتماعية والافراد والاسر، وهذه المبادرات لا تعفي الدولة من القيام بمسئولياتها في الوفاء بالحقوق المادية والمعنوية للناس وتقديم الرعاية لاسر الضحايا والمتضررين.

ان المشاركين في ملتقى يافع اذ يؤكدون على حاجة المجتمع في المحافظات الجنوبية إلى حالة من التسامح والتصالح بين مختلف شرائحه ومكوناته تعالج آثار وتداعيات عقود من الاحتراب والاقتتال والصراعات المسلحة والفتن والثأرات، فإنهم يضعون بنشاطهم هذا اللبنات الاولى لهذا العمل الوطني الهام.

وتأكيدا على مصداقية القول والفعل وحسن النوايا يعلن المشاركون في الملتقى والذين سبق للبعض منهم أن كانوا اطرافا في صراعات مسلحة وحروب قبلية والذين تضرروا من اجراءات واجتهادات حكمت بظروف زمانها ومكانها، يعلنون اليوم من هذا الملتقى ويشهدون الله وخلقه على انهم قد توصلوا إلى قناعة تامة وراسخة بطي صفحة الماضي المؤلم والسمو فوق الجراح وأنهم يضمون اصواتهم إلى من سبقهم في السير على طريق الحق والخير والتآلف والتعاون بين الناس والتطلع إلى المستقبل بتفاؤل مفعم بروح التسامح والتآزر والتعاضد ويؤكدون في ذات الوقت على وحدتهم وتضامنهم وبما يمكنهم من تحقيق اهدافهم وطموحاتهم المشتركة وأن يواجهوا متحدين ما يهدد وجودهم وحريتهم ومصالحهم المشروعة وحقوقهم العادلة.

ان روح الاسلام ومقاصده وقيمه وجوهر رسالته توجب علينا الدعوة إلى اصلاح الاختلالات والمشكلات والأزمات التي تهدد السكينة والاستقرار والتنمية والتطور ويأتي على رأسها الفساد الذي اصبح المحرك الرئيس للاوضاع في البلد والمؤسسة الابرز في النظام والذي التهم ليس فقط موارد البلد وعائداتها ومداخيل مواطنيها ولكنه غزا عقول الكثيرين وأعاد تشكيل القيم والاخلاق لديهم وجعلها تتواءم مع هذه الآفة الخطيرة.

ان الفساد الذي لا تخلو منه اي مؤسسة حكومية وبات عاما ليس بعيدا عن الفشل الفضيع الذي تحصده بلادنا في مجال التنمية واستثمار الموارد البشرية والمادية ولا عن التدهور الخطير في مستوى معيشة الناس حيث أن غالبية السكان يعانون من العوز والفقر المدقع جراء تراجع مداخيل الاسر واتساع جيش العاطلين عن العمل وتسارع وتيرة الجرعات السعرية وتدهور الخدمات وحالة الامن وغياب الاستثمار واشتداد الانقسامات والتناقضات والاختناقات الوطنية والاجتماعية وتراجع هامش الممارسة الديمقراطية لصالح تقدم سلطة الاستبداد والقمع والقبضة البوليسية.

ان ملتقى يافع للتصالح والتسامح والتضامن يدعو الى:

اولا: أن التمسكك بوحدة 22 مايو 90م التي قدم في سبيلها الجنوب اكثر من تلثي المساحة الاجمالية لليمن وثلاثة ارباع الثروة وانتصار خيارها يستلزم تصحيح وضعها الراهن عبر تخليصها من السياسات والاجراءات التي اخرجتها عن مسارها وأساءت لها وأضرت بمشروعها وأعاقت تحقيق مهمات التوحيد بين الكيانين المتحدين ولا سيما بناء الدولة الوطنية الواحدة الموحدة، وتقف في صدارة السياسات والمعوقات نزعة الضم والإلحاق والالغاء التي جرى اشهارها بوجه الجنوب وسكانه منذ اليوم الاول لاعلان الوحدة والذي قدم بعد حرب 94م المشئومة معززا بفتوى التكفير والاستباحة معولا لهدم الكيان الجنوبي وتاريخه وحقوق ابنائه.

ان حماية الوحدة وتصليب عودها يقتضي التخلي نهائيا عن نهج الضم والالحاق وإدانة حرب 94م والفتوى التي كفرت الجنوبيين وأباحت دماءهم وأعراضهم وممتلكاتهم التي مازالت قائمة حتى اليوم وإعادة التوازن الوطني عبر تامين شراكة حقيقية للجنوب في السلطة والثروة في اطار اصلاحات دستورية وقانونية وسياسية شاملة تستوعب المواثيق والتعهدات والقرارات الدولية الخاصة بالوحدة والازمة والحرب، ولعل الاجراءات المطلوب اتخاذها على هذا الصعيد بشكل عاجل تكمن في عودة جميع الذين تم اقصاؤهم من وظائفهم وأعمالهم وتمكينهم من كامل حقوقهم المادية والمعنوية وعودة الارض الزراعية والعقارية المستولى عليها إلى ملاكها الحقيقيين افرادا وجماعات ومجتمعات، اصحاب الحق الاول فيها وجعل التصرف بالارض من اختصاص الهيئات المحلية المنتخبة ولاغراض التنمية والخدمات، وفي هذا الصدد فإن الملتقى ينبه إلى خطورة استخدام الارض وجعلها وسيلة وأداة للتركيب الديمغرافي للمدن والمناطق الجنوبية المستهدفة حالي. إن مثل هذه الاجراءات إن تمت لا تحقق الاندماج والتكامل الوطني ولا تصون الوحدة بقدر ما تصب الزيت على النار وتؤجج الاحتقان والانقسام الحاصل وتزرع بذور وعوامل حروب قادمة لا اول لها ولا آخر، كما يدعو إلى اجراءات حقيقية تمكن الطلاب من حقهم في التعليم في مراحله المختلفة والالتحاق بالمعاهد والكليات العسكرية والامنية والدبلوماسية وفقا لشروط وضوابط تنطبق على الجميع، وتمكين سكان الجنوب وغيرهم من شغل الوظائف المخصصة لمناطقهم بما فيها القيادية والاشرافية والعودة إلى التواجد في مؤسسات وهيئات الدولة العليا والسلك الدبلوماسي ورفع الحد الادنى للاجور والاعانات الخاصة للمتقاعدين ومناضلي الثورة وأبطال الاستقلال ومساواتهم مع زملائهم في الشمال.

ثانيا: يؤكد المشاركون في الملتقى على أن الوطن كله والمجتمع بأسره بحاجة اليوم إلى مشروع عام للتصالح والوفاق الوطني يشكل تواصلا مع روح وحدة 22 مايو ويعيد الحقوق والاعتبار لضحايا الحروب والصراعات المسلحة ويعيد العدل إلى نصابه ويحقق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ويضع حدا نهائيا لهذا الارث الذي انهك وأهدر مواردها وطاقتها وجعلها اسيرة الفوضى والفشل والتخلف.

ان مشروعا كهذا يعد ضروريا وهاما للشروع في الاصلاحات العامة وتحقيق التنمية وتطور العملية الديمقراطية وأساسا للانطلاق نحو المستقبل، ولهذة الغاية فإن الملتقى يدعو الهيئات التنفيذية والتمثيلية في الدولة والاحزاب والمنظمات المدنية والمؤسسات الثقافية والفكرية والاعلامية والارشادية والشخصيات الاجتماعية وسائر فعاليات المجتمع إلى تبني هذه المبادرة والشروع فيها واعتبارها اولوية وطنية.

ثالثا: يعبر الملتقى عن تضامنه الكامل مع سائر الفعاليات والنشاطات الجماهيرية السلمية للمبعدين قسريا من أعمالهم المدنية والعسكرية وضحايا سرقة المؤسسات والمرافق العامة تحت مسمى الخصخصة ومع الموظفين والاساتذة والاعلاميين والمزارعين والصيادين والمستثمرين والمنظمات الحقوقية والمهنية والنقابية ومع مطالبهم العادلة ويدعو الجميع إلى تصعيد وتوسيع الفعاليات السلمية وتنظيم صفوفهم للدفاع عن ما تبقى لهم من حقوق واستعادة ما جرى هدره ومصادرته والوقوف موحدين بوجه الاستبداد والفساد.. كما يعبر الملتقى عن تضامنه الكامل مع قبائل لقموش في محافظة شبوة الذين تعرضوا لحملة عسكرية امنية همجية، ويجدد المشاركون في الملتقى تضامنهم مع اعضاء جمعية ردفان الخيرية الاجتماعية في محافظة عدن ويندد بالعمل اللا قانوني الذي اقدمت عليه السلطة المحلية باغلاق الجمعية وتجميد نشاطها عقابا على استضافتها لقاء للتسامح والتصالح بين الاخوة.

رابعا: يعبر الملتقى عن قلقه العميق ازاء افراط افراد المؤسسات العسكرية والأمنية في استخدام الذخيرة الحية ضد المشاركين في الفعاليات السلمية والمواطنين، والذي اودى بحياة العشرات منهم، ويدين الاعمال والتصرفات والتدخلات التي حالت دون تقديم الكثير من القتلة إلى المحاكمات وإنزال العقوبات المقرة شرعا وقانونا بحقهم ومنهم قتلة المواطنين عبدالسلام احمد سالم المرشدي ووليد عبدالله سالم العمري.. ويدعو الملتقى إلى متابعة هذه القضايا وإعادة محاكمة اولئك الذين جرى التدخل والتلاعب بسير إجراءات محاكمتهم من قبل الاجهزة والمتنفذين.

خامسا: يدعو الملتقى السلطات المحلية في مديريات يافع وممثلي المنطقة في الهيئات المنتخبة والمشايخ وسائر المنظمات إلى العمل مع السطات المختصة على وقف البناء الجاري في جبل العر لأغراض عسكرية وإلغاء المعسكر القائم هناك وذلك لانتفاء الحاجة الأمنية له والذي لم يكن موجودا في فترة ما قبل الوحدة ولكون تلك المساحات هي المتاحة فقط لاي مشاريع تعليمية وتنموية وخدماتية، كما يدعو إلى رفع النقاط العسكرية التي تشكل ممارسات القائمين عليها استفزازا للمواطنين وقيامها بمهمات لا مثيل لها في مناطق ريفية اخرى وخاصة في المحافظات الشمالية.

سادسا: يقدر الملتقى التقاليد والمواقف والمبادرات الايجابية لمواطني يافع في التعامل مع قضايا الثأر والحروب القبلية وتجاربهم النموذجية في اعمال الصلح وحل المشاكل قبل تفاقهما ونود هنا الاشارة إلى اهمية الوثيقة التي تم التوقيع عليها من قبل المشايخ والشخصيات والمنظمات بتاريخ 95/5/17م باشراف ورعاية الشيخ الفاضل عبدالرب النقيب، ويدعو إلى استمرار التقيد بها وتعميمها على بقية المناطق والمكاتب.

ومع ذلك فإن الملتقى ينظر بأسف شديد إلى حوادث القتل والاحتراب التي جرت في الحد وتلّب والصبيحة وشبوة ومناطق اخرى ويدعو إلى وقفها اولا ومن ثم بحث السبل الملائمة لمعالجتها وإزالة اسبابها، ويؤكد على تضافر جهود المؤسسات والاجهزة والقضاء والمشايخ والمنظمات السياسية والخيرية لتحصين المجتمع وحمايته من آفة الثأر والحروب ويدعو إلى التنسيق والتعاون في الاطار الاوسع لمعالجة هذه القضايا.

سابعا: يشيد الملتقى بدور رجال المال والاعمال والتجار الحريصين على تنمية وطنهم وتطوره بقدر حرصهم المشروع على تنمية مواردهم وإمكانياتهم ومصالحهم ويؤكد على ايجاد بيئة جاذبة للاستثمار الخاص وإخراج هذه العملية من دائرة التصريحات والخطب وجعلها واقعا فعليا.. وبهذا الصدد فإن الملتقى يعلن تأييده الكامل للمذكرة المرفوعة بتاريخ 2007/7/4م من قبل عدد من المستثمرين في محافظة عدن إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء حول مشاكل الارض في محافظة عدن والتلاعب الحاصل فيها من قبل الاجهزة والمؤسسات الرسمية، ويحيي الملتقى الاخوة المغتربين خارج الوطن ودورهم في رفد اقتصاد البلد والتخفيف من مشاكلها المالية والاجتماعية، ويدعو إلى اعطاء المزيد من الرعاية والاهتمام بهم ومصالحهم ومستقبل ابنائهم في بلدان الاغتراب، ويوصي باتخاذ التدابير الضرورية لتمكينهم من ممارسة حقهم الانتخابي بدءا من الانتخابات الرئاسية القادمة.

يتوجه المشاركون في الملتقى بالشكر والتقدير إلى كل الذين شاركوا وساهموا بالتهيئة والاعداد والتحضير له، ولكل الذين سوف يتفاعلون ايجابيا مع ما خرج به من توجهات وتوصيات ودعوات وإلى كل الذين سيواصلون حمل راية التصالح والتسامح والتضامن.

وخير ما نختم به البيان قول العزيز الرحمن ?{?إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم?}? صدق الله العظيم».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى