مع حوار وزير الخدمة المدنية والتأمينات وموضوع المتقاعدين والمسرّحين (2)

> عمر عوض بامطرف:

> متابعة لتعليقي على حوار وزير الخدمة المدنية والتأمينات في موضوعي المنشور في العدد 5141 بتاريخ (2007/7/10م) أنتقل إلى النقطة التالية التي أوردها الأخ الوزير بشأن المتقاعدين الذين كما قال: «ان مرتباتهم متدنية وهي التي تقل عن الحد الأدنى للاجور وحددته الاستراتيجية بأنه الحد الموازي لخط الفقر، فرأينا أنه لا ينبغي أن نعالج أو نرفع مرتبات العاملين إلى مستوى خط الفقر ونترك المتقاعدين فبادرنا بإيجاد نص في الاستراتيجية يرفع المعاش التقاعدي إلى الحد الأدني للاجور خلال مراحل تنفيذ القانون» وهو يعني بالمراحل أن يتم تقسيط الزيادة - غير المشبعة - على أربع مراحل لرفع معاشات المتقاعدين إلى الحد الأدنى للأجور، وقد أحسن صنعاً فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله باقتراحه عدم مرحلة هذه الإجراءات والمبادرات، وجعلها تمنح في مرحلة واحدة، وفي استجابة اللجنة لتوجيهات فخامة الرئيس قطعاً لطريق التجار الجشعين الذين لا تبلغهم إشاعة بقدوم زيادة في الأجور حتى يكشروا عن أنيابهم ويرفعوا الأسعار مختلقين كل عذر ليقنعوا المواطن بأنهم لا يد لهم في ارتفاع الأسعار تماما كما قالت (الغرفة التجارية) أن لا دخل لها للحد من ارتفاع أسعار الأسماك- وأين منك يا عدن الحبيبة يا مليكة الشواطئ الثرية! يوم كان الكيلو الديرك بربع دينار وكان صندوق الزنجة بدينار- وسنأتي في فرصة أخرى على هذا الموضوع الذي سيكشف طرق التآمر على أقوات الشعب ونهب أجور ومرتبات كدّه وكدحه.

المتقاعدون يجوعون وصندوق معاشاتهم يتضخم ويودع الفائض في البنوك

بعد هذا نجد أن سعادة الوزير ذكر حقيقتين وكلتاهما مرة، الأولى متعلقة بالمتقاعدين المتدنية معاشاتهم الشهرية في الوقت الذي تتضخم فيه مالية صندوق التأمينات والمعاشات من اشتراكات العاملين لتصل إلى المليارات من النقد بالدولار وبالريال، ويستثمر قليلها على شكل ودائع وسندات في البنك المركزي، وتنام المليارات وكأنها ورق للّفافة لا لسد الفاقة، أو للقضاء على الفقر والبطالة وفتح أبواب الأمل باستثمارها في مشاريع سكنية ومصانع صغيرة ومتوسطة مضمونة الاستمرار والربح، فتفتح بهذا أبواب عمل تستوعب الأيادي العاطلة والدُفع المتخرجة من المعاهد والمدارس والجامعات، مع أن المادة (8) من قانون التأمينات والمعاشات الفقرة (ط) منها تنص على أن موارد الصندوق تتكون «من ريع استثمار هذا الأموال»، ولكنا لم نسمع ولم نر أن للصندوق نشاطاً استثمارياً خاصا أو مساهمة في شركة أو مؤسسة عامة، كما أن المادة (77) من القانون جاء في آخرها ما يلي: «أما إذا تبين من التقدير وجود مال زائد عن الخطة الاستثمارية للصندوق تعيّن إيداع هذا المال في حساب خاص ولا يجوز التصرف به إلا بموافقة مجلس الإدارة وفي الأغراض التالية: -1 تكوين احتياطي عام واحتياطي خاص للأغراض المختلفة، -2 زيادة المعاش في ضوء الأسعار القياسية وذلك بنسبة يحددها قرار جمهوري بناء على عرض الوزير».

ولنا سؤال: من أحق من المتقاعدين الذين أسهموا خلال مدة خدمتهم في مرافق الدولة والمؤسسات العامة والخاصة برفد هذا الصندوق باشتراكاتهم؟ أليس من حق المتقاعدين - في هذا الزمن الصعب- على أعضاء مجلس إدارة الصندوق أن يتخذوا قرارهم ليقدم الوزير مقترحهم إلى السيد رئيس الجمهورية - وفقهم الله جميعاً- ليُخرجوا المتقاعدين من خط الفقر الضاغط على حياتهم، ويُخفَّف بعض الثقل عن وزارة المالية؟!

كيف يمكن معالجة أجور العاملين ورفعها فوق خط الفقر؟

الأمر الثاني بالنسبة لمعالجة مرتبات العاملين ورفعها إلى مستوى خط الفقر بحسب ما ورد على لسان الوزير، فإني أراه من شدة تواضعه نسي قول سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه «لو كان الفقر رجلاً لقتلته» وليس من العقل ولا المنطق أن يبقى شعب اليمن على مر السنين وبعد سبعة عشر عاما من عمر الوحدة المباركة حرسها الله ونحن لا ترتفع إراداتنا لانتشال الفرد اليمني من تحت أو عند مستوى خط الفقر، فالواجب الحتمي علينا أفراداً ورجال دولة أن نوحد الصفوف، ونرسم الخطط لخلق مجالات صناعية وتجارية وسياحية يظللها الأمن والاستقرار، لترتفع المصانع وتتنوع الأنشطة الإنتاجية المربحة بالعمل المثمر لتحقيق الرفاهية لأنفسنا وللأجيال القادمة من بعدنا، وأن نعيد النظر في سياستنا الدفاعية والأمنية البرية والبحرية والجوية بخفض أعداد رجالها وتوجيههم للعمل في المجالات المتنوعة من مجالات الصناعة والزراعة، فسياسة توظيف الآلاف المؤلفة في الجيش وفي الأمن في عصر لا نفكر فيه أن نعتدي على أحد من أشقائنا المحيطين بنا، ولا أن يعتدي علينا منهم أحد، هو في الحقيقة إهدار لقواهم، وتجميد لأفكارهم، وإسراف في أموال يجب أن نحسن استغلالها، وعلى مؤسسات الدولة بعد تحقيق هذا النقل النوعي لأفراد هذه المؤسسات الدفاعية أن تضع لهم سياسة للأجور والمرتبات تليق بإنسانيتهم وبمسؤولياتهم وتنتشلهم ليرتفعوا حتى يكون خط الفقر تحت أقدامهم، وإلا فسيكونون دوما بمرتباتهم الحالية وطريقة تغذيتهم وكسوتهم والمساكن التي يسكنونها بعيدا عن الأهل في حراسة الحدود، وعلى قمم الجبال، وشواطئ البحار.. تحت خط الفقر باستمرار.

والمعروف أن الدول عندما ترسم سياسة مالية لخمس سنوات أو عشر سنوات فإن أول ما تهتم به تعداد القوى العاملة اللازمة لتسيير شؤون الدولة من موظفي الخدمة المدنية، ومن القوات العسكرية للحفاظ على أمنها الداخلي وصيانة حدودها البرية والبحرية دون سرف في التقدير، وتضع ميزانية ما يعرف (بميزانية الأسرة) التي تحرص على أن تكفل للمواطن وأسرته العيش الكريم بعيداً عن خط الفقر وبما يوفر له عشرة إلى خمسة عشر بالمائة فوق ميزانية صرفه الشهري للادخار لمواجهة الظروف الطارئة والمرضية التي تحتاج إليها كل أسرة، وبعض ذلك لإجازاته وسفره، الأمر الذي يحرص عليه غالبية شعوب الدول التي كسرت طوق الفقر.

وأعتقد أن بود كل مواطن أن تتخذ حكومتنا الرشيدة قراراً بتحويل النسبة المحددة للمتقاعدين بخمسين في المائة إلى مائة بالمائة تحقيقا للعدل والمساواة، إذ أن كلاً من العامل والمتقاعد توفر احتياجاتهم من نفس السوق، بل ومن تاجر التفرقة، وأمامنا مثال ليس من دولة أوروبية بل من الدولة السورية الشقيقة التي قبل بضع سنين تقريباً أصدرت قراراً برفع الرواتب بما يحفظ كرامة المواطن السوري، كما قررت أن يحصل المتقاعدون منذ صدور ذلك التشريع على مائة في المائة من أية زيادة تمنح للعاملين في الدولة لأن ارتفاع أسعار المواد يتحرك بعصا التاجر إلى أعلى، وهو لا يستثني المتقاعد ويبيعه حاجته بنصف السعر.. ولنا عودة إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى