«يا اللي فوق» !!

> عبدالقوي الأشول:

> حتى الإمبراطوريات التي سادت ثم بادت كانت لديها خطوط حمراء وثوابت وطنية يشكل تجاوزها محذوراً تنطوي عليه عواقب قاسية وهكذا هو حال الدول التي لا ترى في مسلكها ما يدعو للمراجعة طالما وكل شيء يصدر منها وممن يشكلون منظومتها المتماسكة لا يمكن أن يكون إلا صواباً.. بدليل أن سلطاتها وأجهزتها الرقابية لا تجرؤ على تقديم أي فاسد للمحاسبة وبما يوحي أنها أنظمة فوق الشبهات.. ولم تبق أمامها من مهام عدا حالة الدفاع والاستماتة عند الثوابت التي حددتها لنفسها سلفاً.

إلا أن منطق التاريخ ظل متجاوزاً تلك الخطوط الحمراء والثوابت الأمر الذي جعل شمس إمبراطوريات عتيدة تغيب دون رجعة، كما تهاوت (أساطير) زعاماتها مع ما كان يحيط بهم من هالة التفخيم والتعظيم.

حتى أبلغ الخطباء ممن أبلوا بلاء حسناً في الدفاع عن تلك العروش التي هوت تنكرت لهم مسامع العامة وفقدوا قدرتهم على إلهاب الهمم بسبب وحيد.. كون العامة يدركون أن هؤلاء غير صادقين وما يصدر منهم هي دوافع تحركها مصالحهم المرتبطة بالسلطات.

وحتى لا نستغرق في أخذ العبر من التاريخ نذكر من يظنون أنفسهم وكلاء الوطن والأرض ومن عليها أن منطق الأمور تسير إلى حالة من الاختلال في الكثير من جوانب الحياه ومع ذلك تقابل بعنت وصلف من اكتفوا منذرين بما لدينا من ثوابت.. معتبرين التعبير عن المظالم والحقوق المستلبة أمراً جللاً وروحاً انفصالية بغيضة أما حين يكون الحديث مصدره الجنوب بامتداده الجغرافي ودولته التي لم تحمها هي الأخرى الخطوط الحمراء والثوابت مما آل إليه حالها بسبب تجاوزها الحق وعدم إصغاء قياداتها المتتالية للمنطق والعقل حين يكون مصدر الأنين هؤلاء فأمر يبعث على الربية.. فهل يا ترى حين يهتدى الآخرون إلى التعبير عما أصابهم من ظلم يكون الخطر داهماً على الثوابت، ما يجعلهم أمام معادلة شبيهة بتلك التي أفتى فيها الإمام بدخول السينما لليمن ولكن دون نساء ورقص على شاشتها بمعنى أدق هو رفض فكرة إدخال السينما على طريقته في حين ظن محاوره أو من حاول أن ينتزع منه الموافقه أنه ظفر بمجرد أن قبل الإمام فكرة إدخال السينما إلى اليمن.. ولم يدر إلا بعد حين أن الإمام الظريف حين استدرك بقوله دون رقص، قد ألغى الأمر برمته.

فهل يحق لهؤلاء طرح قضاياهم ورفع تظلماتهم ولكن دون الإشارة أنهم كانوا ضمن قوام جيش دولة الجنوب التي كانت.. لأن مجرد ذكر هذا المسمى يثير حساسيات البعض. إذن كيف نتجاوز هذا الامتداد الجغرافي والسكاني.. حين نشير إلى واقع معاناة اليوم؟.. فلو فرضنا وقلنا: معاناة أخوانكم.. لارتبط العدل بالأخوة.. وماذا لو أردفنا وقلنا : أخوانكم شركاؤهم في الوحدة.. هل في مثل هذا التعبير إيقاظاً لفتنة كانت نائمة.. ثم إن مبدأ الشراكة يعني أن نكون على قدم المساواة في كل شيء، فأين نحن من ذلك؟

إذن ليس في منطق من يطالبون بالعدالة والإنصاف نوازع انفصالية إلا حين يشيرون إلى مسمى الجنوب فماذا عساهم يقولون.. نحن الذين نقبع تحت وما دونكم في الارتفاع حتى يستقيم المعنى ويكون مقبولاً. رغم أن العلة بدأت بحدود ذلكم المفهوم الذي تجاوز منطق الإنصاف واستمرأ الإمعان في الظلم بما صاحبه من فرز عقب حرب صيف 94 جعلتهم إثرها كل ما ينسب للجنوب انفصالياً وما هو لجهة الطرف المنتصر رمزاً للنقاء والفضيلة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى