عدن من زاوية ضيقةفي عيون بعض المستشرقين

> علي محمد زين الجفري:

> الواقع أن عدن من أجمل وأقدم مدن العالم. عرفها الإنسان منذ حادثة ابني آدم عليه السلام (هابيل وقابيل) لذا أدرك أهمية موقعها الجغرافي جميع المؤرخين مما حفز دول وإمبراطوريات العالم الاتجاه صوب هذه المدينة. وأنا هنا لا أريد تكرار ما كتب وما نشر إلا فيما يسمح لي تخيلي ورصدي لأحداث لها أهميتها ودلالتها.. يقول مؤلف كتاب (ملوك شبه الجزيرة العربية) هارولد ف. يعقوب: «إن عدن عين اليمن تستلزم كتاباً منفصلاً ليكون مستقلاً بذاته، ولكنني لا استطيع إلا ان أمنحها فصلاً واحداً». ثم يستطرد في ذكر أسماء عدد من مؤلفي الروايات الحائزين على إعجاب الجميع. وفي موضع آخر يقول:«على الرغم من التصاقنا (بعين اليمن) وانجذابنا إليها فإنه قد جرى جهاراً نقاش صريح وعلني في مختلف الصحف الإنكليزية عند مطلع الثمانينات من القرن التاسع عشر حول وجوب التخلي عن عدن بسبب رداءتها الصحية (لاحظ هنا الرداءة) وأما عن قيمتها السياسية وأهميتها الاستراتيجية والتجارية، فلقد كانت مع ذلك محل اتفاق إذ لا اختلاف في أنها ممتازة وعظيمة. وحتى أولئك الذين وافقوا على سياسة الانسحاب والتراجع فإنهم كانوا مرغمين على الاعتراف بأن التراجع سوف ينم عن (الضعف وتأنث البريطانيين) (British weakness and effeminacy)».

الثاني: بول نيزان، الروائي الشيوعي الفرنسي الذي عاش في عدن في العشرينات، يقول في كتابه (عدن العربية) ترجمة بشير خان: «عدن بركان قمري كبير انفجر أحد جوانبه كبرميل بارود قبل أن يوجد رجال ينسجون الأساطير عن الانفجار ولو أنهم فيما بعد نسجوا أسطورة تقول، إن عودة بركان عدن للحياة، سيكون إيذاناً بنهاية العالم» (طبعاً هذا حسب تصوره لأنه شيوعي) ويقول:«الطرقات الصخرية في عدن، تمر عليها الجمال المحملة ببراميل الماء وشاحنات لتصريف الفضلات وسيارات أمريكية يقودها صوماليون معممون وجنود إنجليز وهنود وخليط من الناس. لقد كانت عدن أبداً سوقاً وحصناً كما قال كلود موريسو في عام 1663م»، ثم يستطرد: «إن المئات من العمال والذين ليس لهم سكن يفترشون العراء أو ينامون في هذه المقاهي، أما الصوماليون فيلعبون مباريات الدمينو الصاخبة. وفي الميناء المفتوح الكبير فيما بين التواهي والمعلا حركة عظيمة وبواخر البينو والخطوط البحرية الفرنسية تختط لنفسها طريقاً وسط تشابك من سفن الشحن العتيقة وناقلات نفط وقوارب..الخ».

ثم يستشهد نيزان ب ركلوس، الذي قال: «من أجل توسيع مزارع البن شنت الحروب الأوربية وفتحت أراض واسعة في العالم الجديد وأفريقيا وجزر سندا وتم الاستيلاء على ملايين العبيد، حيث نقلوا للعمل في هذه المزارع الجديدة». (لاحظ هنا الاستيلاء)، طريق ومسجد العيدروس، كانت في الماضي طريقاً لخلوها من المباني. يقول نيزان في وصفه لمدينة كريتر:«من طريق العيدروس أستطيع رؤية مسجد العيدروس الكبير ذي اللونين الأخضر والأبيض، ومن قمته في مطلع الصباح (الفجر) ينادي المؤذن لصلاة المؤمنين من رياح الأفق الأربعة، بينما تردد المساجد الأخرى من أطراف كريتر الأربعة. وتبدأ الأغنام النائمة أمام الأبواب والأهلون النائمون فوق أسرتهم من الحبال وكأنهم موتى ألبسوا البياض بالتململ قليلاً، وتنتهي الطريق عند انقسامه بدعامات صخرية تؤدي إلى المسلخ وبرج الصمت، الذي هو دار الموتى. هناك جمهرات من المارة، أناس يحتفلون (عرس) وهناك مسيرات جنائزية عربية نائحة». إلى هنا اكتفى بهذه المقتطفات .

التعليق والملاحظات

كل من نيزان ويعقوب، اعترفا بوجود رداءة صحية، وخاصة في الشوارع الخلفية، وهذه الرداءة من مخلفات الاستعمار وعبث حكوماتنا المتعاقبة، نلاحظ دائماً السياح وهم يتقززون من الروائح الكريهة بجانب مسجد العيدروس أو عند أطلال بقايا (فندق الحرية) قرب فرع البنك المركزي، والسؤال هنا هل آن الأوان لتطهير هذا الشارع من الحيوانات والأغنام وطفح المجاري وتعكير الأجواء أمام بوابة مسجد العيدروس والحفاظ على سور المقابر.. الخ؟ وهل من رعاية أو زيارة للمسئولين إلى سوق البلدية في كريتر، سوق اللحوم فجراً عند فتح الأبواب ونقل اللحوم على الأكتاف العارية؟

ثم ماذا عن خطط الحكومة لتصفية المدن اليمنية من المجانين والمتسولين والباعة المفترشين في شوارع العاصمة وبقية المدن، الذين يفرغون(.....) حمولاتهم في الطرقات.. (رامبو وبنغلة الشيطان) عمارة صغيرة قبل هدمها كانت تقع بين عمارة بازرعة حالياً ومكتب محافظ عدن - المعلا، يقول أكثر من مصدر إن (رامبو) كانت له علاقة بشراء أو اختطاف الأطفال من عدن بواسطة عصابات الجبرت - كما كانت تسمى. والعمارة كانت تابعة لأحد اليهود، فهل سيهتم ذوو الاختصاص للتحري حول صحة هذا الموضوع، وحتى يضاف إلى سجل تاريخ (رامبو) وزره الذي ارتكبه إن صح الخبر. وللإفادة كما يقول المؤرخون، إن كلاً من (نيزان) (ورامبو) ماتا ميتة مأساوية (بالرصاص). إذن، فالنظافة تستدعي نظافة التاريخ، نظافة الكلمة والمقصد، ثم نظافة الشوارع، والأماكن السياحية العامة والصحة والنظافة للجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى