محكمة شمال الحديدة تحجز قضية قتل المتهم النجار ثلاثة من أولاده للحكم الشهر القادم

> الحديدة «الأيام» منصور عبدالله:

> عقدت محكمة شمال الحديدة برئاسة فضيلة القاضي محمد عبدالعليم السروري، جلستها أمس الأول للنظر في القضية رقم 152 لعام 2007م (جرائم جسيمة) المتهم فيها المدعو محمد علي صالح النجار، وبحضور وكيل نيابة الأمن والبحث والسجون المناوب فؤاد المقطري، وعزيز الضبيبي، محامي المتهم وأولياء الدم.

وفي بداية الجلسة قدمت النيابة أصول التقرير الطبي وعددها ثلاثة للمجني عليهم أرفقت بملف القضية وكذا مرافعة ختامية مكونة من ثماني صفحات.. جاء فيها:

«تقدم النيابة العامة المتهم محمد علي صالح النجار أمام عدالة المحكمة لارتكابه جريمة قتل لثلاثة أنفس معصومة الدم وشروعه في قتل آخرين، وما شذ في هذه الجريمة عن بقية الجرائم التي ألفها المجتمع بأنها ليست كجرائم القتل أو المذابح التي نسمع عنها أو نشاهدها في وسائل الإعلام التي تقع تحت دوافع سياسية أو نزاع طائفي أو تطهير عرقي كما أنها ليست كجرائم القتل التي تقع بدافع الغيرة أو الطمع، بل هي جريمة بشعة أقدم عليها المتهم بكامل ارادته وبسبق الإصرار والترصد.

وقد اعترف المتهم بالمحضر المؤرخ 2007/6/11م بأنه قام بإطلاق النار على ابنه سعيد، عندما كان نائماً وممدداً بالصالة، وهذا ما يؤكد أن المجني عليه سعيد لم يقم بضرب والده بالعصا، كما زعم بذلك المتهم ومحاميه.

بالنسبة لما زعمه المتهم ومحاميه أن قتل المجني عليهما أحلام وعواطف كان خطأ فهذا قول يكذبه الواقع والأدلة القولية والمادية التي تم إثباتها أمام المحكمة والتي تثبت العمدية وسبق الإصرار والترصد لدى المتهم بقتل أولاده جميعاً، مقتل ثلاثة منهم عواطف وأحلام وسعيد، والشروع في قتل الآخرين فاطمة وصالح وعبدالرحمن، وتدخلت عناية الله وحالت دون إزهاق أرواحهم لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه، ونوجز ذلك بالأدلة:

- ما نستنتجه من شهادة كل من سهير عمر كاروت وخالد إبراهيم عياش وصلاح عمر حسن كاروت، من أن المتهم أطلق النار أولاً على المجني عليهما أحلام وعواطف ثم أطلق النار على المجني عليه سعيد وذلك من خلال سماعهم استغاثة المجني عليهم وسماعهم المجني عليه سعيد يستغيث بقوله (أنقذونا أبي قتل أحلام، أبي قتل عواطف وسيقتلني) وما شهدته الشاهدة سهير عمر كاروت للمتهم وهو يطلق النار من الباب على المجني عليه سعيد في الغرفة بعد أن كانت المجني عليها أحلام ملقاة على الحوش جثة وعودة المتهم وجرها من شعرها وركلها برجله وهو ما يؤكد أن المتهم قتل المجني عليهما عواطف وأحلام أولاً ثم سعيد، وما تضمنه تقرير الطبيب الشرعي عن وجود النمش البارودي حول الإصابات للجانب الأيسر للجبهة للمجني عليها أحلام واختراق المقذوف للجمجمة مما يدل على أن إطلاق النار كان من مسافة قريبة جداً كما جاء بتقرير الطبيب الشرعي المرفق بملف القضية.

- دقة الإصابات ومكانها في رؤوس المجني عليهم ومن مسافة قريبة جداً تدل على القصد الجنائي ونية المتهم بقتل أولاده عمداً وعدواناً وإعداداً وتخطيطاً مسبقاً.

- مكان وجود جثث المجني عليهم أحلام في الحوش وعواطف وسعيد في الغرفة، يدل على أن كل منهم قتل منفرداً لوحده ولم يكن نتيجة الرصاصات الطائشة كما زعم المتهم ومحاميه.

- توافق أقوال الشهود مع أقوال المجني عليهما صالح وفاطمة اللذين شرع المتهم بقتلهما مع أخيهما عبدالرحمن واللذين شاهدا واقعة القتل لأخوانهما من بدايتها.

- شهادة سرحان علي عبدالله وعبدالخالق عبدالرحمن وأحمد صالح علي وجوهرة ضيف الله ومحمد علي صالح، من أن المتهم قد تكرر منه مجاهرتهم بعزمه قتل أولاده وتصفيتهم وأنه قد عقد العزم على ذلك وفعلاً قام بتنفيذ الجريمة بناء على ذلك، وما زعمه محامي المتهم من أن الشهادة عبارة عن أقاويل وافتراضات فهذا مردود عليه، فالشهود عدول وجيران للمتهم ولا يوجد بينهم خلاف وأثبتت شهادتهم النية المبيتة لدى المتهم وعزمه على قتل أولاده وقام بتنفيذ الجريمة بناء على ذلك أي أن المتهم كان قد خطط لقتل أولاده منذ مدة.

أما بالنسبة لما زعمه محامي المتهم بعدم مشروعية شهادة الشهود الذين سمعوا وشاهدوا المتهم في منزله لتكشفهم على المنزل، فنأسف أن يصدر هذا القول من الزميل المحامي ومردود عليه بعدم حصول أي تكشف من قبل الشهود على منزل المتهم كونهم شهدوا بما سمعوا به وشاهدوه من منازلهم المجاورة لمنزل المتهم بعد سماعهم طلب الاستغاثة من المجني عليهم وصوت الرصاص والشهادة صحيحة وتوفرت فيها الشرعية والقانونية، كما أن منزل المتهم تحول إلى مسرح جريمة.

أما بالنسبة لواقعة الشروع في القتل فقد ثبتت بكل عناصرها القانونية، لقد ثبت أمام عدالة المحكمة إقدام المتهم على إطلاق النار على المجني عليها فاطمة بعد ملاحقتها مع أختها أحلام في حوش المنزل وخابت الطلقة ولم تصبها وتمكنت من الفرار والاحتماء مع أخويها صالح وعبدالرحمن داخل الغرفة التي حاول المتهم فتحها بكل الطرق للدخول لقتلهم إلا أن المجني عليهم استماتوا بالاستناد على الباب من الداخل لمنع والدهم من الدخول والطلقتان اللتان بقيتا في المسدس دليل يؤكد أن المتهم أراد إطلاقهما على المجني عليهم أولاده الآخرين فاطمة وصالح وعبدالرحمن ولكن عناية الله حـالت دون ذلك لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه.

سيدي القاضي.. رئيس المحكمة كما يتضح لعدالتكم من خلال الوقائع المثبتة في ملف القضية وما تم استعراضه من الأدلة القاطعة أمام عدالة المحكمة أن الجريمة بشعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى سواء من حيث مقترفها أو ضحاياها وأسلوب ووقت ارتكابها وأثرها على أمن واستقرار المجتمع المسلم الذي يدين بدين الرحمة، قال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لا يرحم صغيرنا ولا يوقر كبيرنا)، ومقترف هذه الجريمة أب ألقي على عاتقه تربية أولاده وحمايتهم والذود عنهم والإحسان إليهم فتنصل المتهم من هذا كله ولم يكتف بتمزيق الأسرة وتشتيتها بل أقدم على قتلهم بالجملة وشروعه بقتل البقية من أولاده فبدل من أن يكون العين الساهرة على حمايتهم كان عيناً لذئب يتربص بفريسته للبطش بها ولد وبنتين ذهبوا ضحايا هذه المجزرة البشعة ولولا عناية الله بالبقية لذهبوا مع أخوانهم.

سيدي القاضي.. لقد تكررت اعترافات المتهم بقتل أولاده الثلاثة أمام عدالة المحكمة وإن هذه الجريمة قد أثرت سلباً على أمن واستقرار المجتمع الذي يتسم بطابع الأخلاق والإنسانية والرحمة وتعزيز أواصر القربى في دين جاء ليتمم مكارم الأخلاق. إن جريمة كهذه يصعب قبولها وحدوثها في مجتمعات أخرى تعاني من انحلال أخلاقي وتفكك أسري تسود فيه الرذيلة، فكيف إذا وقعت في مجتمع مسلم كمجتمعنا اليمني الذي مازال متمسكاً بقيمه وعاداته وأخلاقه المستمدة من روح الشريعة الإسلامية الغراء وتعاليمها السمحاء لاسيما وأن مثل هذه الجرائم قد بدأت في ازدياد فقبل أشهر من وقوع هذه الجريمة البشعة نظرت هذه المحكمة قضية أب يقتل ابنته الصغيرة بضربها حتى الموت فوقائع هذه الجريمة تتناقلها الألسن في المجتمع وتترسخ في أذهان أفراد المجتمع، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى عدم ثقة أفراد المجتمع.

ولكل ما أسلفناه فإن النيابة العامة تطلب من عدالة المحكمة:

-1 الحكم بإدانة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه في صحيفة الاتهام.

-2 معاقبة المتهم وفقاً لنصوص المواد (234) الفقرة الأخيرة (236) عقوبات رقم (94/12م)».

ثم أعطيت الفرصة لمحامي الدفاع للحديث فقال:«استدراكاً بالإضافة إلى ما سبق من موكلي من دفاع وكذلك ما طلبته النيابة العامة استفصال أبناء المتهم وهم فاطمة وصالح وعبدالرحمن باعتبارهم شهود، وفي مثل هذا لا يجوز قانوناً وذلك بناء على قاعدة (لا يجوز اجتماع شاهد وادعاء في ذات الشخص) وقد نصت المادة (27) إثبات أنه لا يقبل في الشاهد إذا كانت شهادته تجر نفعاً أو تدفع عنه ضرراً خصوصاً وأن المذكورين مدعين.

بالإضافة إلى ذلك نوضح لعدالة المحكمة بأن القاعدة أن الخاص يقيد العام وأنه لا اجتهاد مع النص حيث نصت المادة (59) عقوبات على عدم جواز قتل الأصل فرعه وهو نص واضح وأمر لا يجوز مخالفته.

وبالنسبة لما تعللت به النيابة من وحشية الجريمة فتلك دعوى والوحشية كما أجمع عليها الفقهاء واتفقوا أيضا أن الفقه الوضعي والفقهي أن الوحشية يقصد بها التمثيل بجثة المجني عليه أو بطريقة بشعة وهذا يتنافى مع ما نسب إلى موكلي على افتراض صحته كذلك أن النيابة العامة لم تثبت القصد الجنائي الذي يعتبر أحد أركان الدعوى ولا تقوم جريمة القتل إلا إذا توافر هذا الركن، فعند انعدامه يعاد تغيير الوصف القانوني للواقعة وذلك ما نسبته النيابة العامة إلى موكلي بالنسبة لأحلام وعواطف وقد أكدته المادة (9) عقوبات، هذا الركن معلوم من ادعى بشيء عليه الإثبات كذلك بالرجوع لعدالة المحكمة إلى أقوال موكلي والتي تعلل النيابة باعتبارها دليلاً على قصد القتل لأولاده الثلاثة، فأقوال موكلي واضحة وصريحة لا تحمل هذا المعنى وإنما الواضح منها قضية التأديب لابنه سعيد ولم يقصد إطلاقاً أي قصد جنائي بمواجهة ابنتيه أحلام وعواطف.

ولذلك نؤكد مرة أخرى لعدالة المحكمة أن مواد القانون التي استندت إليها النيابة ليس لها صلة بالواقعة خصوصاً أن المادة (59، 233) عقوبات قد حددتا عقوبة الأصل لفرعه، ونترك ذلك لعدالة المحكمة وهذه المادة مستفادة من أقوال فقهاء الشريعة الإسلامية لعلل أوردها الفقهاء في كتبهم.

لذلك نطلب من عدالة المحكمة الأخذ بعين الإعتبار لما قدمناه من دفاع خصوصاً وأن الأب سبب لوجود الابن ولا يمكن أن يكون الابن سبباً لإعدام الأب لذلك نطلب من عدالة المحكمة الحكم بالبراءة من تهمة القتل العمد للمجني عليهما أحلام وعواطف وسعيد، وكذا براءته من تهمة الشروع لبقية أولاده.

وكذلك نطلب من عدالة المحكمة الأخذ بعين الرأفة والرحمة لكون موكلي هو المجني عليه الأول والآخر حيث إن المتهم حزين جداً على أولاده المفقودين ونطلب حجز القضـية للـحكم».

بعد ذلك طلبت النيابة أيضاً حجز القضية للحكم، وأقرت المحكمة ذلك على أن يتم النطق به في الجلسة المقرر عقدها يوم 7 أغسطس القادم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى