ماشي من (أبهرت وأعجبت)

> محمد باجنيد:

> لا حديث لكثير من وسائل الإعلام في بلادنا سوى أن الديموقراطية اليمنية أبهرت العالم وجعلتهم ينظرون إلى اليمنيين وهم يمارسون حقوقهم الديمقراطية حتى أن مباراة في كرة القدم بين الزمالك وغريمه اللدود الأهلي شهدت عزوفاً جماهيرياً غير مسبوق من جماهير الكرة في مصر لأن العالم لما يزل منشغلاً من شرقه إلى غربه بالديمقراطية في بلاد يتزايد فيها الفقراء عاماً بعد عام، بينما تضخ الجامعات فيها المزيد من الخريجين إلى سوق تتسع رقعته بالعاطلين.

ولعل مشهد اليمنيين وهم يمارسون حقوقهم الديمقراطية من اعتصامات ومظاهرات ورجال يتزينون بالرشاشات والجنائي وصراعات لا مبرر حول الأراضي غير طموح الفاتحين الجدد في (الفيد). ويكتمل المشهد الديمقراطي في اليمن برجال بعالجون همومهم اليومية بمضغ القات على أرصفة الشوارع كما هو الحال في مدينة المكلا.لعل مثل هذه المشاهد أكثر طرافة وجاذبية من متابعة مباراة الناديين المصريين حتى أن أحداً لم يواس نجوم (الزمالك) الحزانى بعد خروجهم بلا حمص من الموسم الكروي المنتهي بهزيمتهم الحمراء لانشغال العالم إعجاباً بديمقراطية اليمن وتجربته الفريدة العظيمة في منطقة لا ترى في الديمقراطية فخراً لكن شعوبها تجد التعليم الجيد والغذاء الصحي ومصحات رفيعة المستوى تنتشر في كل مدينة وقرية، وكهرباء رخيصة ودخلاً جيداً دون ضرائب ولا يتفاجأون بظهور وثائق حديثة لأراضيهم البيضاء.

وتجاوز أمر الاهتمام بالديمقراطية في اليمن إلى أن الفنانة هيفاء وهبي (الفائقة الجاذبية والحسن) لم تتزين غرفتها الأنيقة في المستشفى بباقات الورود أو بطاقات الاطمئنان على صحتها حتى الفضوليون لم يجدوا الفرصة لرؤيتها ممدة على السرير في المستشفى بعد إصابتها في حادث اصطدام بطائرة ذلك أن الديمقراطية اليمنية شغلت الناس ووسائل الإعلام في كل أنحاء العالم وزادت الصحف من عدد صفاحتها وارتفع توزيعها وهي تكتب وتحلل عن الديمقراطية في اليمن السعيد ذي الشعب البائس الفقير!!

بل إن بلير الذي خرج (من الدوانينج ستريت) مهزوماً أو منتصراً أو بعد أن انتهت فترة ولايته وقد أدى المطلوب منه من أجل بلاده لم يلتفت لخروجه أحد (لأنه قد يكون غير ديمقراطي) فلو كان ديمقراطياً لما ترك (الداوينينج ستريت).

يبدو أن الديمقراطية هي تسلية اليمنيين الوحيدة في بلد لا يوجد فيه سوق للأسهم ينشغل به المواطنون عن الحال المزعج الذي وصل إليه الريال اليمني، ولا منتخب كرة قدم قوي يقفون إلى جواره فيما لو كان محظوظاً ووجد من يخطف منه المركز الأخير في مشاركاته، حتى أن المرء يرثي لأحلام محسن صالح مدرب المنتخب في تجاوز المركز الأخير لأن هناك بصيرة (وثيقة) رسمية ووحيدة وعليها ختم الاتحاد الدولي لكرة القدم لا يمكن أن يظهر لها بديل أو شبيه تؤكد أحقية منتخب اليمن بالمركز الأخير.

أتعبتنا كثيراً هذه الكلمات (أبهرت وأعجبت وأشادت) لأنه (ماشي منها) ونحن ندرك الحالة التي يعيشها المواطن في اليمن من معاناة لا حدود لها مع الارتفاع المستمر في أسعار السلع وارتفاع تكاليف الكهرباء والماء واتساع رقعة البطالة والفقر.

ماذا لو تغيرت تلك الكلمات إلى تعليم راق ومستشفيات متطورة وشوارع واسعة ونظيفة وكهرباء لا تنقطع بأسعار معتدلة وضرائب تتناسب ودخل الفرد وريال متعاف وقضاء عادل ووطن بلا قات وزراعة طبيعية بلا كيماوي.. لكن لو حدث مثل ذلك فستكون اليمن مثل الدول الأخرى ولن تكون لنا ميزة الديمقراطية.

وعند ذلك عما سيتحدث القوم؟؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى