حزب البطاطا والبصل والطماطا!

> أحمد عبدربه علوي:

> في عالمنا العربي لا يمكن أن ينشأ حزب إلا إذا اختار له شعاراً كبيراً طناناً مثل الحزب الوطني، الحزب التقدمي، حزب التحرير، حزب العدالة والحرية، حزب الاستقلال، الحزب الثوري، الحزب الاشتراكي، وغيرها من الأحزاب التي ترفع يافطات أكبر كثيراً من حجمها، ولا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تحقق ولو واحداً بالمئة من الشعارات التي تحملها.. هذه الأحزاب تذكرنا أيضاً النكتة التي هيمنت على الشارع السياسي وفي مقايل القات، والتي تقول إن حزباً ما في دولة عربية اختار لنفسه شعاراً كبيراً وبراقاً ولكنه اصطدم بأنه لا يحق له أن يرفع شعارات أكبر، فكتب اسم الحزب وكتب تحته «لصاحبه.. الحزب الحاكم»، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه الأحزاب بالرغم من شعاراتها البراقة لا يمكن أن تخرج أبداً من عباءة الحزب الحاكم أو السلطة الحاكمة.

إذا قدر لي أن أشكل حزباً في يوم من الأيام وهذا ما لا يمكن على الإطلاق أن يتحقق، لأنني لا أمتلك أي صفة من مواصفات النقابيين والحزبيين، فإنني سأشكل حزباً للبصل والبطاطا والطماطا والجرجير لأن مثل هذه الاحزاب لا يمكن أن تتناقض ظاهريا مع الأحزاب الحاكمة أو مع الحكومات القمعية، فأنا لا أريد تحرير فلسطين ولا نشر الحرية والديمقراطية في العالم العربي ولا الثورة على القوى الأمنية التي تتحين الفرص من أجل استعراض قوتها المطلقة، فهمّ الحزب الأول والأخير هو إقناع الناس أن مصالحهم لا تتعارض مع السلطة إطلاقاً ولكنها يمكن أن تتحقق رغم أنف السلطة وستكون مهمة الحزب هي إقناع الناس بمقاطعة البطاطا إذا شعروا أنها أغلى من ثمنها حتى تبور ومقاطعة البصل إذا أصبح ثمن الكيلو منه أغلى من ثمن كيلو التفاح وهكذا!!

طبعاً مثل هذا الإجراء البسيط من الناس لن تتدخل به أية حكومة ولن تجند قواها الأمنية في البحث عن البيوت التي قاطعت البطاطا والبصل والجرجير، ولن تجبر أحداً على شراء مثل هذه الحاجيات رغم أنفه ولن يموت هذا المواطن من الجوع إذا قاطع مثل هذه الحاجيات.

أنا أعتقد أن ما نريده ليس التبشير بالحرية والديمقراطية والاستقلال فهذه اشياء صعبة المنال ولن تتحقق إلا بأنهار من الدم، ما نريده فقط توعية الإنسان العادي ان بإمكانه أن يفعل الكثير إذا ما قدر له أن يستغل إرادته وبصورة سلمية واعية وأن يصل إلى الحرية والديمقراطية والاستقلال دون الدخول في معمعان الأحزاب الثورية - التقدمية النضالية، التي لم تزدنا إلا استعمارا واستعبادا ، ذلك أنه إذا كان بإمكان الانسان أن يعيش حياته دون أكل القمح، وهو المادة الغذائية الرئيسية، ويمكنه استبدال أي غذاء آخر بها فإن بإمكانه أن يستغني عن أي شيء في الدنيا دون ان يصطدم مع أية سلطة في العالم. فهل نتخلى قليلا عن أحزابنا التي ثبت فشلها ونكون أحزاباً حقيقية مثل حزب البطاطا والبصل والطماطا؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى