حقول البن

> عبد القوي الأشول:

> حقول البن في خديك موالٌ جميل **تركت المال والنعمة ولك وحدك أميل .. صدى أغنية شجية من الماضي بعطر البن وحقوله اليانعة، ولأن هناك ارتباطا تاريخياً وثيقاً بين بلادنا وشجرة البن فكثيراً ما أجد في هذا الموال الجميل ما يربط بين قهوة الصباح وذلكم الصوت الرائع الذي كانت تحرص إذاعة عدن على جعله مرادفاً للصباح الأثيري.

البن الذي يقال إن اليمن قد عرفته في العام 575 في حين يرى بعض الدارسين أن بلادنا عرفته في وقت أبكر من ذلك، مرتبط بالتصوف كونه معيناً لهؤلاء على السهر والذكر، إلى ما هنالك من صور متباينة عن بداية عهد اليمن به.

إلا أن القهوة العربية سريعاً ما انتشرت بعد ذلك في أرجاء العالم، حيث مثلث اليمن موطنه الوحيد والمصدر الرئيس له، وهي سيادة وصدارة لم تدم طويلاً، فالحال تبدل بعد أن فكر الأروبيون بنقل شتلات البن إلى بلدانهم وزراعته، إذ قام الهولنديون على وجه التحديد والفرنسيون والبريطانيون بزراعته في المناطق الاستوائية بإفريقيا وآسيا وأمريكا، حيث أصبحت البرازيل تنتج اليوم ربع الإنتاج العالمي منه وهكذا بالنسبة للبلدان الأخرى التي نجحت في زراعته على نطاق واسع واهتمت بالبحث عن الأسواق التصديرية.

إذن لماذا تردى وضع البن اليمني من الصدارة .. وأصبح غريباً حتى في موطنه.. بعد أن احتل الشاي مكانته؟ في حين كان يحتل المرتبة الأولى في صادرات اليمن إلى العالم مع ما تميزت به نوعيته من جودة، أي طعم ونكهة خاصة. هل لأننا لم نحافظ على تلك المكانة ولم يجر تسويق منتوج البن بصورة صحيحة أم أن وراء ذلك أسباباً مختلفة منها ما هو مرتبط بالمياه وتقلص مساحات زراعته؟

لا شك أن المسألة ترتبط بأشياء كثيرة، إلا أن الثابت أننا لم ننمِّ زراعته ولم نحسن تسويق منتجه، الأمر الذي أفقد اليمن تلك الميزة والريادة التي احتلتها لعهود مضت، فهو اليوم -أي البن - لا يتعدى في إنتاجه بضعة أطنان وهي كمية تستنفد في الاستهلاك المحلي، ومع ذلك باتت منافسة الاستهلاك المحلي واضحة، بعد أن أخذ ذوق العامة يميل إلى ما يعرف بالقهوة التركية والبرازيلية كقهوة (الكبتشينو) ورغوتها المنعشة ونحوها من الأصناف التي هي في الأصل أقل جودة مما لدينا، لكنها من حيث الإعداد والتسويق تلبي أذواقاً كثيرة بعد أن نجحت شركاتهم في ترويجه بطرق تجارية صرفة.

حتى أن طرق إعداد القهوة على الطريقة اليمنية آخذة في الاندثار والتلاشي، إذ يندر أن تجد في المدن اليمنية الرئيسة مقاهي تبيع مشروب القهوة .. كما اختفت معالم تلك المدرجات بكل ما كانت تحمل في هيئتها من خضرة أشجاره المكللة بعناقيده التي هي في طريقها لاكتساب حمرة ما قبل القطاف أي النضج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى