الفنان الكوميدي السوري دريد لحام لـ «نيوزويك»:لست بعثيا ولا أتمنى أن أكون بعثيا ولن أسجن نفسي في حزب أو تيار سياسي بعينه

> «الأيام» عن «النيوزويك»:

> الفنان الكوميدي السوري دريد لحام الذي يستعد لتقديم فيلم جديد أثار غضب الأمم المتحدة عندما ألقى حجارة باتجاه الجنود الإسرائيليين في جنوب لبنان، ثم استقال من عمله كسفير للنوايا الحسنة وصفوه بأنه «شارلي شابلن العرب» و«جان بول بلوموندو» السوري، و«ودي آلن» السينما العربية. النجم السوري دريد لحام (72 عاما) في طليعة نجوم الكوميديا الذين يسعى المشاهد العربي إليهم ويتابع أعمالهم الدرامية. ذاع صيته من خلال تقديمه لشخصية ضاحكة اسمها «غوار الطوشة» مع الممثل السوري الراحل نهاد قلعي. كان لحام نحيفا ونهاد سمينا فوصفوهما بـ «لوريل وهاردي».

وفي عام 1987 قدم فيلمه الشهير «الحدود» الذي يتحدث فيه عن مواطن عربي فقد جواز سفره، ورفضت كل الدول استقباله فضاع على الحدود بين البلاد. بعد «الحدود» الذي عرضته كل تلفزيونات المنطقة حتى التلفزيون الإسرائيلي، قدم لحام الكثير من الأعمال السينمائية والمسرحية التلفزيونية ذات الطابع الكوميدي السياسي، كان آخرها فيلم «الآباء الصغار» الذي قام ببطولته مع مجموعة من الأطفال.

اختارته «اليونيسيف» سفيرا للنوايا الحسنة لما له من حضور قوي في الشارع العربي. لكنه عام 2004 أعلن تأييده التام لحزب الله اللبناني وحمل عائلته وأحفاده وذهب إلى الجنوب اللبناني وألقى الحجارة باتجاه الجنود الإسرائيليين.

اشتكته إسرائيل وراجعته الأمم المتحدة في موقفه فلم ينكر أنه فعل ذلك وقدم استقالته كسفير للنوايا الحسنة وأعاد جواز السفر الدبلوماسي الذي كان يحمله.الآن يستعد لحام لتقديم فيلم جديد عنوانه «وطن في السماء»، وفيه يعود إلى قضيته الأثيرة، والمشاكل الحدودية بين الدول العربية.

حسن عبدالله من نيوزويك العربية التقى الفنان السوري في العاصمة السورية دمشق في حوار وهذه مقتطفات:

حسن عبدالله: لماذا اختفيت طوال الفترة الماضية؟

دريد لحام: بشكل عام أعمالي قليلة. لا أزال أعمل بنفسية الهاوي. عندما لا أجد موضوعا يستهويني أنتظر حتى أجده. وهو ما يجعلني أقل الفنانين العرب إنجازا، لكن ربما أكثرهم أعمالا ذات نكهة فنية مختلفة. أقدم كل عامين أو ثلاثة فيلما أو مسلسلا أو مسرحية، وفاء لتاريخي، واحتراما لما أنجزت، ولابد أن تكون على مستوى توقعات وأمل الناس فيّ. «الآباء الصغار» فيلم عائلي أنجزته عام 2005، والآن أنا بصدد التحضير لفيلم عنوانه «وطن في السماء»، لم أنزو أو أختف، تاريخي حاضر دائما من خلال الأعمال بالأبيض والأسود التي أصبحت من تراث الكوميديا العربية.

> «وطن في السماء» هل هو عودة إلى فيلم «الحدود» بشكل آخر؟

(ضاحكا): نعم.. «عبدالودود» بطل الحدود ضيع جواز سفره وعاش على الحدود بين دولتين، وبطل الفيلم الجديد يضيع جواز سفره في الطائرة، ويظل معلقا، وطنه في السماء، لا يستطيع أن ينزل على الأرض، لأن كل الدول رفضت استقباله من دون جواز سفر يثبت هويته.

> هل تتوقع النجاح لفكرة كهذه في زمن اللاقومية؟

- الناس تحب أن ترى نفسها على الشاشة وهو ما يضمن النجاح لأي عمل فني.

> كنت تحلم بإزالة «الحدود» على الأرض والآن تجعل السماء هي الوطن ماذا تقصد؟

- هذا حلم لم أتوقف عنه. أنا أغرف مما حولي، الناس مازالوا يحلمون بإزالة كل الحدود، والقصص على الحدود الآن تتكرر مثل قصص الحب، وهي منبع لا ينضب لمئات الأفكار، التي تشكل حلما لمستقبل من نوع آخر، قد يستغرق هذا وقتا طويلا لأن الأعمال الفنية غير قادرة على إحداث تغيير آني.

> هل أصابك الإحباط من الأرض وحدودها؟

- مهما أحبطت فلن أذهب إلى السماء، وسأبقى على الأرض، نحن نحلم بوطن عربي واحد، وبدولة عربية موحدة، هذا الحلم الآن أبعد ما يكون عن التحقيق، لكن يجب أن نستمر في الحلم وأن نورثه لأطفالنا وأحفادنا، يجب أن يبقى الحلم حيا حتى ولو تحقق بعد 100 أو 200 سنة، نحن نضع البذور له الآن.

> تنتقد في أعمالك ممارسات الأنظمة العربية عموما ولا تتحدث عن النظام السوري الذي يعاني السلبيات نفسها، لماذا؟

- أنتقد كل الأنظمة بما فيها السوري، وليس بالضرورة أن أخص نظاما بعينه، لو خصصت في «الحدود» المشكلة بين سوريا ولبنان مثلا لأصبحت الفكرة «قزمة»، لكن انطلقت من كون المشكلة تواجه كل البلاد العربية، وتمسكت بالرمز مثل «شرق ستان وغرب ستان» لأنه سيخدم الفكرة أكثر ويظهر الفرق الشاسع بين الحلم والواقع الذي نعيشه.

> هل تعتبر نفسك معارضا؟

- أنا معارض ولست معارضة، أنتقد الخلل والسلبيات ولا أنتمي إلى تيار سياسي بعينه، لا أتطلع إلى الحكم وإنما إلى الإصلاح.

> كيف تصف الأوضاع الحالية في سوريا؟

- كفنان لا يعنيني سوى هامش الحريات، في سوريا هذا الهامش يتسع يوما بعد يوم، ولكن ككل الأنظمة في العالم العربي هناك خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها.

> ألم تفكر في ترشيح نفسك لعضوية مجلس الشعب السوري مثلا؟

(ضاحكا): يا قلبي سأرشح نفسي عندما أستطيع أن أرفع يدي بالموافقة أو المعارضة، لا ما يريده البعض. الناخب السوري لا يعرف شيئا عن المرشحين الجدد أو الذين تم تجديد ترشيحهم، وبالتالي كيف سيقرر من سينتخب.

> المنظمات الحقوقية تحدثت عن انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا؟

- لو شاهدت الدراما السورية، وخاصة «المرايا» لياسر العظمة، و«بقعة ضوء» وهي مسلسلات تلفزيونية، ستدهش كيف سمح الإعلام السوري بإذاعتها. الكثير من الأعمال الفنية تنتقد الأوضاع في سوريا الآن دون أي تدخل أو منع.

عندما قدمنا مسرحية «كأسك يا وطن» لم نقل إن هذه الأحداث تقع في سوريا، ولكننا تسللنا إلى الدول العربية لنعرض المسرحية، وفوجئنا بأن أصحاب القرار هناك سمحوا بالعرض على أساس أننا فرقة سورية والأحداث سورية، وهذا ما أسعدنا كثيرا، بالإضافة إلى أننا نلجأ إلى الرمز، فلا نسمي بلدا، المهم توصيل الفكرة لا أن تقاتل الأنظمة.

> هل أنت بعثي؟

- لست بعثيا ولا أتمنى أن أكون بعثيا. الفنان يجب أن يكون وطنيا وليس سياسيا.

> حلم القومية العربية الذي تسعى إليه هو أطروحة حزب البعث نفسها؟

- الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر كان ينادي بالقومية العربية فهل كان بعثيا؟ الرئيس الليبي معمر القذافي كذلك فهل ينتمي إلى حزب البعث؟

> لمَ كل هذاالانزعاج؟

- ولماذا أكون بعثيا وأنا فنان وطني لا يجب أن يسجن نفسه في تيار سياسي معين، لي ملاحظات كثيرة على أداء حزب البعث. بكيت كثيرا عندما مات جمال عبدالناصر، لأنه كان حلما للوحدة العربية وله تأثيره القوي، لكنني لم أكن من مريديه أو مناصريه في يوم من الأيام. عبدالناصر هو الذي جاء إلى العالم العربي بسطوة المخابرات والأجهزة الأمنية، ونتائج الانتخابات المزورة(99.9 بالمائة). ومع الأسف حزب البعث والأنظمة العربية الأخرى ورثوا عنه دولة المخابرات وتزوير الانتخابات.

> سبقتني إلى قضية صورة سوريا أمام المجتمع الدولي..

(مقاطعا): انتظر يا قلبي، عن أي مجتمع دولي تتحدث؟ أعتقد أن ما يسمى بالمجتمع الدولي والشرعية الدولية خدعة كبرى، هدفها أن يتسلط الكبير على الصغير. عضو واحد في مجلس الأمن يرفع يده قائلا: «فيتو» يلغي أصوات بقية الأعضاء الـ 14. أمريكا توجه العالم الآن كما تريد، فأي كذبة كبيرة نعيشها.

> سوريا، حسب تأكيد سياسيين لبنانيين، تمثل العقبة الأولى أمام استقرار لبنان فما رأيك؟

- أندهش وأستغرب من هؤلاء السياسيين اللبنانيين الذين يطلبون صداقة أمريكا على بعد 10.000 كيلومتر، ويعملون على إذكاء العداء مع جارتهم سوريا. فما بين سوريا ولبنان أكبر من مجرد الجيرة، أو العروبة، أو الحدود المشتركة، هناك رحم موصول بين البلدين، فليس هناك لبناني أو سوري إلا وله صلة قرابة على الطرف الآخر. أمي لبنانية وأخوالي كذلك، وأخواتي وإخواني تزوجوا لبنانيين ولبنانيات، والعكس صحيح.

سوريا دفعت ثمنا كبيرا لإيقاف الحرب الأهلية اللبنانية، وهي التي وقفت ضد ذبح المسيحيين او تهجيرهم من لبنان، للإبقاء على التلوين اللبناني ومن ثم الاستقرار كما هو، المشكلة أن المصالح الشخصية هي التي تدفع بعض السياسيين اللبنانين إلى خطب ود أمريكا والعداء مع سوريا. المعادلة خاطئة إنسانيا وسياسيا، الكثير منهم ينظر إلى ترمومتر العلاقة بين أمريكا وسوريا كي يحدد مواقفه، لقد رهنوا العلاقات الأخوية بين سوريا ولبنان بمتغيرات دولية، وسيندمون على ذلك.

> يبدو أن الكثير من أسباب التوتر الحالي بين سوريا ولبنان يعود إلى اقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري؟

- أنا مع المحكمة الدولية وأؤيدها، كلنا نريد أن نعرف من قتل الحريري، القتل عمل محرم في كل الأديان، المهم ألا يتم تسييس المحكمة، فتنشغل بإدانة نظام ما وتترك القاتل الحقيقي حرا طليقا.

> من قتل رفيق الحريري في رأيك؟

(مندهشا): حقيقة لا أعرف، الاتهام تم توجيهه إلى سوريا قبل أن ينتهي صدى الانفجار الذي أودى بحياة الحريري، فهل هم أنبياء حتى يعرفوا القاتل بهذه السرعة. الأسلوب الذي تمت به العملية أعقد من أن تقوم به حتى أجهزة الاستخبارات السورية أو العربية، وبالتالي عليهم أن يتحدثوا عن القاتل الحقيقي، وأن يتركوا مجالا للتحقيق غير المنحاز.

> أنت من أشد المؤيدين لحزب الله اللبناني، فما رأيك بعد أن أسفر الحزب عن أجندة إيرانية؟

- أفضل تسمية حزب الله بـ«المقاومة اللبنانية»، فهذا وصف أدق. هؤلاء ليس لديهم مصانع للأسلحة أو الطائرات والصواريخ، وبالتالي فمن الطبيعي أن يستنجدوا بالأصدقاء وبمن تجمعهم رؤية وأهداف مشتركة. أول شيء فعله الإمام الخميني مرشد الثورة الإيرانية الراحل بعد نجاح الثورة هو إغلاق سفارة إسرائيل في طهران وإعطاؤها للفلسطينيين.

> كنت سفير نوايا حسنة للأمم المتحدة، فهل استقلت أم قلت؟

- بل استقلت وأعدت إليهم جواز السفر الدبلوماسي، هم يريدون سفراء للنوايا السيئة لا ملامج وطنية لهم، بمجرد أن تظهر لك أي اهتمامات بقضايا وطنية، يبدأ الانزعاج. ذهبت إلى الجنوب اللبناني وألقيت حجارة باتجاه إسرائيل، وصرحت بأنني صديق للمقاومة وحزب الله، فاشتكتني إسرائيل إلى الأمم المتحدة، وجاءت اليونيسيف إليّ وسألوني فقلت: نعم قلت هذا الكلام، ومصر عليه، ولو خيرتموني بين جواز السفر الدبلوماسي ومواقفي الوطنية، فسأختار الأخيرة، وأعدت إليهم الجواز الدبلوماسي. ذهبت إلى الجنوب اللبناني ليس كسفير للنوايا الحسنة، وإنما أخذت أولادي وأحفادي وعائلتي كي أطلعهم على ما يمكن أن تحققه الإرادة الصلبة.

> ألم يكن أفضل لك وللقضايا الإنسانية التي تعمل بها، كسفير للنوايا الحسنة، أن تنأى بنفسك عن الأمور السياسية الجدلية؟

- الأمر ليس بهذه البساطة، لا أستطيع أن أتوقف عن الدفاع عن القضايا الوطنية والمصيرية، أما عن قضايا الطفولة فأنا أعمل بها الآن، ولم أتوقف حتى بعد تركي اليونيسيف، لكني أشعر بفخر وسعادة لأنني أزعجت إسرائيل، إلى حد أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» كتبت مقالا مطولا تهاجمني فيه.

> العالم العربي في طريقه إلى السلام والتطبيع مع إسرائيل من خلال المبادرة العربية، ألا تشعر بأنك تسرعت في موقفك؟

- بالعكس، أشعر بالفخر والاعتزاز، أما المبادرة العربية فستبقى مضحكة إلى أن تقبل بها إسرائيل. العرب يتوسلون ويضغطون بكل قوة كي تقبل إسرائيل بالتطبيع معهم الآن، والكثير من القادة العرب يلجأون إلى الولايات المتحدة كي تضغط على إسرائيل وتقبل بالمبادرة العربية، ويتناسى هؤلاء القادة أنهم وحدهم القادرون علىالضغط على إسرائيل.

> نعود إلى الفن.. الكوميديا العربية لم تعد تقوم بدور فعال في إزالة التجهم والاكتئاب عن الشارع العربي، لماذا؟

- الجو العربي لا يدعو إلى السعادة والاطمئنان أو الابتهاج. كنت أستقيط مرات عدة وأنا طفل ليلا لأسأل أمي ألم يطلع النهار؟ كنا في شوق إلى الغد، ونحلم به.. أما الآن فالمواطن العربي يخاف من الغد، لأن الأوضاع غير مطمئنة لا أمنيا ولا بيئيا ولا على مستوى الحياة اليومية للحياة. رغيف العيش أصبح الهم اليومي للإنسان العربي. كيف إذن نضحك الناس وهم يعيشون في مأتم سياسي عربي يومي الآن؟ الأفضل لنا أن نلبس الأسود ونلطم ونقرأ الفاتحة علىالأوضاع الآن.

> الدراما السورية أصبحت في المقدمة الآن ومع هذا فأنت تهاجمها، لماذا؟

- لا أهاجم الدراما السورية بل أفخر بها، لكنني أخشى على الفنانين السوريين من الغرور. أحدهم قال إن الدراما السورية سحبت البساط من تحت الدراما المصرية، وهذا كلام فيه الكثير من الغرور، أولاً لأن الدراما المصرية قوية، وثانياً لأن الدراما العربية كلها تكمل بعضها بعضا . الدراما الخليجية أصبحت قوية جدا وتلقى الكثير من المشاهدة.

> الدراما المصرية بدأت تستقطب الكثير من الفنانين والمخرجين السوريين؟

- وهذا شيء جيد. الفنانون السوريون ناجحون، ولهم حضور قوي على الشاشات العربية، لذا استعانت بهم شركات الإنتاج المصرية. التعاون المصري السوري الفني ليس جديدا، ونحن نسعى بقوة إلى التكامل الفني العربي. هذا حلم.

> هل هناك أي تعاون فني مقبل بينك وبين نجم الكوميديا المصري عادل إمام؟

- أرجو ذلك. ليس هناك مشروعات فنية الآن ولكن ربما في الفترة المقبلة.

> هل تخلصت السينما السورية من مشاكلها؟

- السينما السورية تم تدميرها عندما قلدنا مصر وأممنا السينما وحاصرناها في «مؤسسة عامة» تابعة للقطاع العام. الآن هناك قوانين ومراسيم جديدة لفتح الباب أمام السينما السورية، لكن ما تم تخريبه في سنوات لا يمكن إعادته في شهر، أصلا الجمهور ابتعد عن السينما السورية، والكثير من دور العرض السينمائية أغلقت أبوابها لانه ليس هناك جمهور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى