> «الأيام» عبدالواحد عبدالله:

القائم باعمال السفارة اليمنية محمد الطشي في الوسط وعلى يساره الزميل عبدالواحد وأمامه الوالد عبدالله سالم في حي راقٍ للبيض
كينيا تعيش صخب الحياة الاقتصادية، ففيها أكبر تجمع اقتصادي للبيوت التجارية الدولية، مركز سياحي جذاب. وهي «Junior London» أي لندن الصغيرة. والثمن الواجب دفعه: زيادة في معدلات الفقر، البطالة، المخدرات، الفساد والايدز، إذ يهدد الايدز حياة 50 % من السكان نتيجة الحرية في العلاقات الجنسية، وقد توفي أحد نواب رئيس الجمهورية السابقين متأثراً به.
إلى ذلك لا يوجد شعور بالأمان في حياة المواطنين عامة، وأكثر الحذر عند الأجانب، إذ تكبل نوافذ المنازل وأبوابها بالحديد خوفاً من أعمال السطو المسلح. وكان يحذرنا بصفة دائمة الوالد عبدالله سالم (ابن كريتر) من التعرض للسرقة والتهديد بالسلاح، وكان يواصل ذلك النصح الابوي طيلة الأيام العشرة التي بقينا خلالها في نيروبي برفقته.
الوالد عبدالله سالم هو المسئول المالي بسفارتنا، ووجدناه يتابع إخلاء عهدته للعودة إلى الوطن. تعرض في نيروبي لحادثي اعتداء مسلح قبل عامين: الأول مع ولده عماد (17)، والثاني حين كان مع زوجته وولده. أخذ اللصوص تحت تهديد السلاح كل ما كان بحوزتهم في السيارة وجيوبهم.
ومسألة الأمن حيوية بالنسبة لأمريكا التي فجرت سفارتها، إذ لها رعايا كثر هناك ودعمت كينيا مؤخرا بـ90 مليون دولار لتعزيز قدرات الأمن.
انطباعات ساخنة
نيروبي موقع للمقر الرئيسي للأمم المتحدة للبيئة، وأشد ما لفت انتباهي أن حذرني رفيقي من الإشارة بيدي ناحية السفارة الأمريكية الجديدة التي تقف أمامها. والخوف الشديد الذي يلف نيروبي حول الوجود الأمريكي ناتج عن حادث تفجير السفارة في 98، ومحاولات ضرب طيران العال الإسرائيلية، ومكاتب سياحية في وقت لاحق.

كيني يقص (الفوفل) في سوق الجالية الهندية بنيروبي
كينيا التاج
تدور كينيا في فلك الغرب منذ استقلالها عام 63م من الاستعمار البريطاني. أعلنت الجمهورية في السنة التالية لاستقلالها، وقد احتلتها بريطانيا عقب توقيع معاهدة مع ألمانيا لاقتسام شرقي أفريقيا في سنة 1305هـ - 1888م، وقام هذا الاحتلال على أنقاض تمزيق (آل بو سعيد) الإسلامية، فأخذت ألمانيا القسم الجنوبي أي تنجانيقيا (حاليا تنزانيا) أما بريطانيا فأخذت كينيا والقسم الأكبر من الصومال.
يشكر الكينيون رئيسهم الأول بعد الاستقلال كينياتا 63 - 1987م نتيجة النجاح الاقتصادي اليوم. طبعت صوره في العملة الوطنية (الشلن)، وشيد تمثال له في أهم ساحة وسط العاصمة.
التقيت يمنيين كثراً هناك ومعظمهم هاجروا إلى كينيا بعد الاستقلال، قالوا إن نموذج عدن كان يمكن ان يحقق ما حققته نيروبي التي استغلت موقعها الجغرافي، وزادت نشاطها التجاري مع جيرانها الافارقة وآسيا مستفيدة مما خلفه الاستعمار من نظام إداري موروث ومؤسسسات انتاجية وتشريعية. ولقد ازدهرت بكينيا تجارة البن والشاي وقصب السكر والقطن، ويشكل البن ربع صادراتها، والرعي حرفة هامة في كينيا وثروتها من الأبقار حوالي 11 مليوناً، ومن الماعز والأغنام 9 ملايين وتربي الإبل وقد بدأت نهضة في كينيا بعد إقامة عدة مشاريع للكهرباء. يعيش معظم سكان كينيا (البالغ عددهم 23.77000 نسمة حسب إحصاء 1988م) في النطاق المرتفع، أو بالقرب من السواحل، ونتيجة لتنوع المناخ يتنوع النبات الطبيعي بين الصحراوي والغابات الاستوائية.

في ضيافة الشيخ سالم الحامد الاول في الصورة ومن خلفه الوالد عبدالله سالم والمصور درهم عبده
دعانا رجل الأعمال الشيخ سالم الحامد إلى مبرز قات في منزله بحضور عثمان الحارثي، تاجر من أصل يمني صومالي، وخالد من المهرة، وابن كريتر عبدالله سالم والمصور التلفزيوني درهم عبده. أعطانا (قاتاً) لا نأكل أوراقه بل عيدانه مع اللوز أو الحليب، أو العلكة «الشنجم» لتلطيفه في الفم ونحن جلوس على مقاعد (كنبات) غير متكئين. كان الحديث ممتعاً جداً مع شخص حمل هموم الحياة وخرج منها قلبا صافيا ورحيما. كان يملك مصنعا للجلود في اوغندا وتركه بعد أن تخاصم مع السلطات إبان حكم عيدي امين.
قال مضيفنا: «في اوغندا 3000 يمني مغترب أما في في كينيا فعددهم أكثر من 70 ألف مغترب يمني». للشيخ سالم الحامد منزلان أحدهما مؤجر للأمم المتحدة، وكان حزيناً أن فقد 3 من خدمه الذين يشذبون حديقة منزله بسبب مرضهم بالإيدز.
رئيس المؤتمر الشعبي العام
قدم نفسه لنا، إنسان واسع الصدر، لا تفارقه البسمة وصاحب قلب رحيم، قال: «أحب اليمن وأفرح عند قدوم يمنيين». عرف نفسه بأنه رئيس المؤتمر الشعبي العام في كينيا غير أنه ضحك عندما سألته كم عدد الاعضاء فيه؟ ولم يُجب. وكان التلفزيون الفضائي اليمني يبث برامجه في المبرز بمنزله، غير أن (الجزيرة) هنا تشد الاهتمام أكثر. وتحدث الشيخ سالم عن أحد أشهر اليمنيين نبوغاً في العلم في كينيا وقال: «هو البروفيسور أحمد سالم عيضة أحد الخبراء في صياغة الدستور الكيني، كما اشتهر بوضعه اول قاموس انجليزي سواحلي والعكس. ويأتي إلى مبرزي بين الحين والآخر».