طيرمانيات

> محمد عبدالله الموس:

> طيرمانيات، من الطيرمانة وهي (صومعة) تقع في أعلى البناء اليمني، كل واجهاتها زجاجية تقريباً بما يمكن الجالس فيها من إطلالة فريدة تشـحذ الخيال، والطيرمانة، كما قال لنا أحد الأصدقاء الصناعنة، كلمة مركبة أصلها تركي وتعني بالعربية (أمان الطائر)، ولا تقتصر الطيرمانات على بيوت علية القوم، فهي توجد في منازل كثير ممن تبقى من الشريحة الوسطى.

تجري في هذه الطيرمانات جلسات القات الحالمة التي لا تخلو من الأحاديث (القاتية) المعتادة التي تفتقد الجدية، في الغالب، وينتهي فعلها بنهاية جلسة القات.

يبدو أن جلسـات الطيرمانة، الحالمة، تؤثر على البعـض لدى قياس الأمور، فآخر ما أتحفنا به من أوهـام كان عبارة عن تصريح لا أذكر في أي صحيفة ورد، لأحد مسؤولي الاتصالات يفيد بأننا الدولة الأرخص في سعر الاتصالات الخارجية بالنسبة لدول الجوار، وهو تصريح لا نـدري على أي أساس استند وإن كـان الظـن أنـه اسـتند إلـى القـياس الميكانيكي لسعر العملة، وربما أن ذلك كان دافعاً لهيـئة الاتصالات لـرفع سعر المكالمات المحلية بنسبة 50 % دون الإعلان عن ذلك مقتدين ببعض التـجار ربما لتعويض أوهام انخفاض سعر المكالمات الدولية التي يستخدمها عامة الناس!! لحجز غرف الفنادق وتذاكر الطيران لقضاء الإجازات الصيفية والشتوية وأحياناً العطل الاسبوعية!!

دون الخوض في شرعية هذه الزيادة باستغفال جموع المستهلكين، نود أن نسأل وزارة المواصلات هل يعلمون أنه لا يوجد في دول الجوار من يدفع 25 % من حد الأجور الأدنى ثمناً لفاتورة الاتصالات في داخل المدينة الواحدة؟

وأن سعر الدقيقة الدولي مع الجوار تساوي اثنين من الألف من هذا الحد فيما تساوي لدينا واحدا من خمسين من الحد الأدنى للأجور، وأن سعر المكالمات وخدمة الانترنت في دول الجوار لا تكاد تذكر؟ وأن الحد الأدنى للأجور في بلادنا هو الأقل في كل الجوار حتى الافريقي؟ وربما في العالم.

وهل يعلمون أن كثيرا من الناس في بلادنا ممن كانوا يستخدمون الهاتف في منازلهم قد استغنوا عنه بسبب ضنك المعيشة، وأن النسبة الأكبر ممن تبقت لديهم هواتف يستخدمونها للاستقبال فقط؟ وأن هذه النسبة مرشحة للارتفاع بسبب الزيادة الاستغفالية الأخيرة؟

إن وسائل الاتصالات بكـافة أشكـالها هي من أسس التنمية البشرية التي تتنافس الدول والحكومات على تيسيرها لمواطنيها، لكنها في بلادنا أصبحت ضربا من الترف في مجتمع يكافح من أجل الحصول على (قرص الروتي) النظيف ثابت السعر والوزن، فنحن أقل شعوب الأرض استخداما لوسائل المعلوماتية وأكثرها رقابة عليها وتعقيداً في تداولها، بجملة أخرى: نحن من أكثر شعوب الأرض أمية في المعلوماتية، ذلك أن وسائل العصر هذه ليست في نظر حكومتنا سوى مصدر للتربح وزيادة الموارد على حساب وسيلة عصرية أصبحت متاحة في كل الدنيا وعصية علينا.

يكفي وزارة الاتصالات، لقياس الواقع، مراجعة بياناتها لمعرفة تزايد الهواتف (للاستقبال فقط)،

وتزايد مكاتب الاتصالات، وهم أكبر زبائنها، ومعرفة حجم مستخدمي الانترنت، وكان الأحرى بها تخفيض أسعار خدماتها لتوسيع قاعدة مستخدميها بدلاً من التضييق على من بقيت لديه قدرة على استخدام هذه الخدمة.

دعونا من الأوهام الطيرمانية يا سادة، فلسنا حتى مثل الجوار في شيء ناهيك عن كوننا الأفضل، وتذكروا أن دخل الناس بائس، وأن البطالة ضاربة اطنابها في المجتمع، فاقتربوا أكثر من المعاناة وساعدوا الناس على العيش بمستوى لائق من خلال تقديم سلع وخدمات تناسب دخلهم، و(بلاها) شطحات وأوهام يدرك القاصي والداني عدم صحتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى