اللجنة الوزارية ومهمة «حامض حلو»

> نجيب محمد يابلي:

> عطفاً على توجيهات فخامة رئيس الجمهورية بشأن البت في الشكاوى والتظلمات التي أثارها المتقاعدون، أصدر مجلس الوزراء القرار رقم (229) لعام 2007م بشأن إضافة التسويات المقرة للمتقاعدين العسكريين والمدنيين أو من تم إعادتهم للخدمة في الشهر نفسه استناداً لقرار رئيس الجمهورية بهذا الشأن وكانت محافظة عدن من ضمن المحافظات التي زارتها اللجنة الوزارية برئاسة د. صالح علي باصرة، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعضوية الأخوة: عبدالقادر علي هلال، وزير الإدارة المحلية وحسن أحمد اللوزي، وزير الإعلام وخالد حمود الصوفي، وزير الخدمة المدنية والتأمينات، أي أن اللجنة متعددة الأغراض، أي أنها تنظر في تظلمات وشكاوى المتقاعدين وتستمع إلى شكاوى مواطنين مست حقوقهم في أراض اشتروها من حر مالهم وأصبحت في خبر كان (خذ مثلاً قضية أرض المؤسسة العامة للحوم بدار سعد).

جاء رد الفعل الرسمي بعد تراكم الظلم طيلة (13) عاماً في المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف 1994م وقد أخذ الظلم أشكالاً عدة منها: التسريح الجماعي للمدنيين والعسكريين في المحافظات الجنوبية (بعضهم تجاوز كلا الأجلين أو أجلاً واحداً) والغموض الذي اكتنف مصير المؤسسات الاقتصادية الجنوبية، واقتطاع مساحات شاسعة من الأرض استفاد منها عكسر ومتنفذون، وجمعيات سكنية وهمية أصحابها من محافظات نائية عادت عليهم بالملايين من الريالات، وإلغاء حق الكفاءات المحلية في تولي مراكز قيادية في محافظاتها، ومصادرة حق أبناء المحافظات حتى في أبسط الوظائف، وحصر المشاريع في مقاولين من خارج المحافظات، وانفلات هيبة النظام والقانون التي تعودها أبناء المحافظات الجنوبية قبل الوحدة ودفعت المحافظات الجنوبية ثمناً باهظاً بسقوط عدد من أبنائها قتلى ولم ينفذ القصاص في أي من الجناة واكتفى أهل النفوذ بعرض الإغراءات بدلاً من القصاص.

رد الفعل الرسمي اعتراف بوجود أزمة - وهذا هو بيت القصيد - لكن يا فرحة ما تمت عندما اختزلت السلطة الأزمة بقضية المتقاعدين، لأن الأزمة تكمن في ثقافة المفاهيم وهي في التحصيل الأخير ثقافة متخلفة وموروثة، ومن تلك المفاهيم على سبيل المثال لا الحصر: يرى المنتصر في حرب صيف 94م أن الأرض في مناطق المستضعفين إنما خلقت كمصدر للثروة الخاصة وليست للتنمية ولا يؤمن بأن هوية الإنسان مرتبطة بأرضه (أي أرض مناطق المستضعفين، و هي حق مقدس لا تؤخذ منه إلا برضاه وبتعويض عادل وخذ مثلاً الأرض التي أقيم عليها مطار صنعاء)، إنه لا يتعامل مع الإسقاطات السكانية للأعوام المقبلة وحاجة السكان المحليين للتوسع في أرضهم.

يدير المنتصر ظهره وبتعنت لمطالب السكان المحليين بنصيبهم العادل من الثروة والموارد (وهي ثروتهم ومواردهم) بحجة أنها سياسية ولا يكترث لمطالبهم بتصحيح نظرتهم لفهم «المحليات» بكل تفاصيلها وعلى السكان أن يقبلوا بهذا الوضع كأمر واقع وأرجلهم على رقابهم. تراكم هذا الوضع الأعوج فخرج السكان إلى الساحات وكسروا الحائط الرابع (حائط العزلة والخوف) وتضامن السكان هناك وهناك وقالوا:لا لهذا الواقع المهين.

سمعت كلاماً «حلو» من الأخ عبدالقادر علي هلال، وزير الإدارة المحلية وهو جنتلمان بكل المقاييس، لكن الواقع «حامض» فاصبحت المهمة «حامض حلو».. إذن، ما العمل؟ أنصح أهل الحل والعقد بالاعتراف بالأزمة، جملة وتفصيلاً، والبدء بإعادة بناء الثقة، لأنها مفقودة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى