أخطاء الحسابات

> محمد عبدالله الموس:

> حين ينطلق أحدهم بسيارته إلى الجهة التي يقصدها ويتعرض أو يرتكب حادثاً في طريقه فإن ذلك لا يعني بأي حال تعمد ارتكاب الحادث وإنما هو خطأ في الحساب كأن يفترض مثلاً، أن التقاطع القادم خال من السيارات وعلى أساس ذلك لا يتوقف للتأكد من خلو الطريق فيقع في المحذور، أو يركن إلى أن السيارة التي أمامه لن تتوقف فجأة وعلى أساس ذلك لا يترك مسافة كافية بينه وبينها، أو لا يضع في الحسبان أن هناك (مشاة) جعلتهم ظروف الحياة الصعبة وسياسات الحكومة و(ديمقراطية) بائعي السلع والخدمات، وهم وحدهم الذين يتمتعون بديمقراطيتنا، يسيرون على غير هدى، أي بجملة أخرى، لا يضع حساباً لأخطاء وحركات الآخرين .

خطأ الحسابات قد يؤدي بالمرء إلى التهلكة وينطبق ذلك على استسهال ردود فعل الناس بسبب المعاناة، وتتحمل الأجهزة الوسيطة الجزء الأكبر من المسؤولية في أي خطأ في الحسابات لأنها الأقرب إلى الناس ومن ثم الأقدر على تلمس معاناتهم، وهي أيضاً الأقدر على نقل المعاناة، بصورتها الحقيقية، إلى جهات القرار بالسرعة اللازمة .

الأمر يا سادة ليس مماحكات إعلامية أو تجمهراً في الشارع وتجمهراً (متلفزاً) مضاداً، الأمر أن هناك خللاً يعصف بحياة الناس أقرت به جهات رسمية وشرعت بمعالجة بعض من جزئياته، لكن مع ذلك نلمس ما يمكن أن نطلق عليه سوء حساب للنتائج .

فلو أخدنا مثلاً اعتصام 2007/8/2م، ماذا كان سيحدث لو أنه مرّ بسلام، فردود الفعل على قمع هذا الاعتصام كانت أكبر من الاعتصام ذاته، والنتائج التي ترتبت على الاعتصامات (الارتدادية) كانت دامية في بعض منها، ولو قال قائل إن هناك رسالة كان سيوجهها الاعتصام لا يراد لها أن تصل فقد سمع الكل بما تردد وقيل في الاعتصام، ومازالت تداعيات هذا القمع مستمرة ونتحدى من يقول إنه وضع النتائج في الحسبان .

على الناحية الأخرى هناك إصرار على تنظيم تظاهرات مضادة يطلق عليها البعض، تهكماً (مظاهرات مدفوعة الأجر) تقول هذه التظاهرات (كله تمام) وفي الوقت نفسه تقر الأجهزة بمعاناة التظاهرات العفوية (للمطحونين)، إن جاز التعبير، وكأن هناك من (يحسب) إمكانية مواجهة بين جماعات (كله تمام) وأولئك الذين وقع عليهم الظلم، وإذا حدث ذلك فمن هو المستفيد؟ هل يخدم ذلك الأمن والاستقرار الذي نتشدق به صباح مساء؟

إن التشويش على معاناة الناس أو تجاهلها لا يخدم الاستقرار ولا الوحده، والهروب إلى الأمام يرفع فقط كلفة الإصلاحات، فلا قانون (حماية الوحدة الوطنية) الذي يذكرنا (بقانون العيب) الساداتي و(قانون صيانة الوطن) الجنوبي الذي صدر في أوج التطرف اليساري، ولا تظاهرات (كله تمام) المتلفزة ولا الاستحفاف بمعاناة الناس، إن أياً من ذلك لا يحل المشكلة، ما نحتاجه هو وضع كل المنغصات وصور الغبن على الطاولة ومناقشتها بشجاعة وبمسؤولية وطنية يتحملها الجميع، عدا ذلك فإن الخوف من التداعيات وارد، وإن الأمر أقرب إلى اللعب بالنار كما تقول العرب، وقد لا تكون هناك مقاربة لكن الشاعر يقول :

لا تلعب بالنار تحرق صابيعك ** واللي بيشتريك با يرجع يبيعك

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى