ما يحصل اليوم في المحافظات الجنوبية والشرقية تعبير عن ذلك الاحتقان الذي سبق التحذير منه

> عدن «الأيام» خاص :

> قدم الأخ محمد قاسم نعمان، رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان (مركزه الرئيسي عدن) ورقة إلى اللجنة الوزارية المعنية بتقصي الأوضاع في عدن ولحج وأبين والضالع وذلك خلال الاجتماع الذي عقدته مساء الاثنين 6 أغسطس 2007م في فندق شيراتون بعدن مع منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق الإنسان بمحافظة عدن .. جاء فيها:«ما أود تناوله هنا من ملاحظات للمساهمة في معالجة الاختلالات الناتجة عن الممارسات والظواهر المرضية والسياسات الخاطئة التي شكلت هذا التراكم من المشكلات والمعاناة لدى سكان محافظة عدن وبقية المحافظات الجنوبية خاصة وكل محافظات الجمهورية اليمنية عامة، والتي تتجلى تعبيراتها اليوم بالاعتصامات والتجمعات وغيرها من صور الرفض عبر الأساليب الديمقراطية المتاحة.. ما سأتناوله هنا ليس جديدا مني، فلقد حاولت أن أنبه وأحذر من استمرار مثل هكذا ممارسات وسياسات ومخاطرها على الوحدة الوطنية وعلى التنمية وذلك من خلال أكثر من مقال صحفي كتبته في أكثر من صحيفة ومن خلال لقاءات وندوات وحلقات نقاش أتيحت لي فرصة المشاركة فيها، كما حاول وعبر آخرون كثيرون غيري كل بأسلوبه والإمكانيات المتاحة له، ولكن مع الأسف يبدو أن المسئولين والمعنيين لا يقرؤون إلا ما يعجبهم وما ينبئهم بأن (كل شيء تمام)!إن ما يحصل اليوم في عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية بشكل خاص هو تعبير عن ذاك الاحتقان الذي سبق التنبيه له والتحذير منه، والذي يحمل في طياته مجموعة من المسببات بعضها ناتج عن ممارسات تمت على الأرض بوقائع مادية وأخرى ناتجه عن السياسات الرسمية والإعلامية التي سبقت وتلت حرب 1994م والتي مع الأسف لم تعط للمشروع الوطني والإنساني العظيم الذي تمثل بـ (الوحدة والديمقراطية) حق قدره ولم تحاول استيعاب الدروس والعبر الوطنية وما حولنا وفي العديد من بلدان وشعوب العالم.. كما لم تحاول استيعاب المتغيرات التي يشهدها الواقع الاقليمي والدولي. ويمكننا هنا المساهمة في تسليط الضوء على بعض من تلك المسببات التي أوصلت الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم من ردود الأفعال التي تتجلى صورها بـ (الاعتصامات والتجمعات والبيانات والتمردات....إلخ) والتي تشهدها عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية كتجليات لرفض الواقع الحالي الذي يضر بحقوق الناس ويضر بالوحدة الوطنية.

-1 لقد تم تقسيم السكان في الجمهورية اليمنية بعد حرب 1994م إلى انفصاليين في الجنوب ووحدويين في الشمال واستمر الوضع هكذا.. حتى أولئك الذين حسموا أمرهم بالانخراط في المؤتمر الشعبي وضمن آلية الحكم والسلطة لم يقهم ذلك من هذه التهمة، فقد ظلت ثقافة المنتصر وسيادة الشمال على الجنوب سيدة الموقف، وهذا ما يتم المجاهرة به وضوحا أو إسقاطا كلما برز اختلاف في المواقف والرؤى في الاجتماعات الرسمية واللقاءات وفي مجلس النواب وغيرها.

-2 الوظيفة الحكومية والمناصب القيادية والترقيات الوظيفية في عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية لا تعطى حسب القوانين النافذة وإنما حسب توصيات وقرارات (الأمن) و(المؤتمر)، وهي سياسة تطبق على كل البلاد، لكن الفارق أن عدن والمحافظات الجنوبية لم يتعودوا على مثل هذه الممارسات، حيث كان القانون هو السيد في الغالب.

-3 عدد من المسؤولين في عدن وفي المحافظات الجنوبية والشرقية يحرصون على المبالغة (المزايدة) في تأييدهم للنظام السياسي وللقيادات وبالذات العليا والمتنفذة بالحق والباطل.. لاعتقادهم أن ذلك يبعدهم من تهمة الانفصالية ويبقيهم في مواقعهم وفوائدها.

-4 تدخل القوات المسلحة وقياداتها العسكرية في الشأن المدني أمر يتناقض ومبدأ احترام حقوق الإنسان والديمقراطية والحياة المدنية الطبيعية.

-5 الشيء نفسه بالنسبة لوجود المعسكرات داخل المدن وحيث التجمعات السكانية وهو ما تم الاتفاق عليه ضمن وثائق اتفاقيات الوحدة التي أكدت على ضرورة نقل المعسكرات من المدن وحيث التجمعات السكانية.

-6 هناك أراض في عدن وأبين ولحج والضالع وفي غيرها أُخذت على المواطنين المحليين وصُرفت للمتنفذين وللتجار وللعسكريين، وضمنها كانت لكوادر وقيادات محلية سابقة.

-7 يتم صرف الأراضي بالتوجيهات الرئاسية لمتنفذين ولمن يتم التوسط لهم وحرمان أكثر الناس استحقاقا.

-8 كفاءات وكوادر وذوو تخصصات علمية وخبرات عالية في مختلف المجالات تم إيقافهم عن العمل منذ 13 عاما بينما يتم تعيين من هم أقل كفاءة وخبرة وبينهم أيضا أصحاب سوابق في الفساد.

-9 غياب آلية تدوير الوظائف الرئيسية في عدن والمحافظات الأخرى ففي عدن ما زالت الوظائف الرئيسية تدور في حلقة المستفيدين من حرب 1994م وهو موقف يعزز الاحتقانات إضافة إلى أنه يخالف القوانين والتشريعات النافذة ويجسد إحدى صور انتهاكات حقوق الإنسان.

-10 عديد من الكفاءات والكوادر الأمنية لا تعمل ولا يستفاد من كفاءاتها وخبراتها (مركنة) وإن وزعت فيتم وضعها في أماكن هامشية بحيث لا يتم الاستفادة من خبراتها وكفاءاتها.

-11 عديد من المواقع والوظائف محصورة على المنتمين للمؤتمر أو الذين يقبلون تملئة استماراته دون الفصل بين الحزبية والانتماءات الحزبية وبين القانون والكفاءة والحقوق الإنسانية والدستورية وكذا التعامل مع المعارضة السياسية والحزبية التي يفترض أن تنحصر في إطار التعاملات السياسية والحزبية دون نقلها إلى المساس بحقوق الناس الدستورية والقانونية والإنسانية المشروعة.

-12 صحيح أن المؤتمر صاحب الأغلبية في مجلس النواب وأن الحكومة تشكلت من الأغلبية لكن هذه الأغلبية وهذه الحكومة لا يجب أن توظف فقط لصالح المؤتمر والمنتسبين له ولكن عليها - وبالذات الحكومة - أن تتبنى حقوق كل الناس وتدافع عن كل الناس الذين يكونون مختلف فئات الشعب اليمني، وتعمل على حل كل مشاكل السكان مهما كانت انتماءاتهم السياسية والحزبية والفكرية والمناطقية...إلخ، استنادا للدستور والقوانين والتشريعات النافذة التي تحدد الحقوق والواجبات للجميع والتي يجب أن تبقى هي الفاصل دون غيرها.

-13 في فترة الحكم في الجنوب قبل الوحدة لم يتم تعيين كوادر وقيادات وحتى موظفين لأي محافظة من خارجها إلا إذا كانت المحافظة لا تستطيع توفيره من بين أبنائها .. وهذا هو المتناقض اليوم في التعامل مع الجنوب وعدن في مقدمتها، وهذا ما يعكس ثقافة (المنتصر) الساطعة وصاحبة القرار.. وضمنها تسطع سيطرة ثقافة أجهزة الأمن التقليدية حيث الجميع متهمون حتى إثبات العكس.

-14 لعل أبرز أسباب المشكلات التي برزت وتبرز أمامنا اليوم وبالذات في عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية تعود إلى الخصوصية التي لم يتم استيعابها والتعامل معها بشكل صحيح فالصين نجحت في التعامل مع خصوصية هونج كونج واستطاعت بالتالي أن تضمن توحدها في إطار جمهورية الصين الشعبية .. لأنها لم تقم بسحب هونج كونج إلى آلية الحكم القائم في الصين وتحت هوية الحزب الشيوعي الصيني وإنما تعاملت معها باحترام خصوصيتها وظل سكانها يواصلون حياتهم الطبيعية وبقيت هونج كونج إحدى أبرز ساحات النشاط التجاري والاقتصادي العالمي وأصبحت اليوم رافدا مهما للاقتصاد الصيني.وعدن وبقية مكونات الجنوب لهم خصوصية تتمثل في طبيعة تكوينها التاريخي المدني والثقافي وطبيعة تكوينها السكاني وطبيعة النظام الذي كان قائما فيها قبل الوحدة والذي تجسدت فيه العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واستقرار الحياة، مع وجود العديد من النواقص والأخطاء والسلبيات في جوانب أخرى من الحقوق الإنسانية.

لكن بعد حرب 1994م تم فرض واقع وآلية العمل والحكم الذي كان قائما في الجمهورية العربية اليمنية وأضيف له تغذية الصراعات والخلافات السياسية التي كانت موجودة في الجنوب.. من آثار الحقبة الاستعمارية.. وما تلاها وكان يفترض أن يتم احترام هذه الخصوصية وما كان قد تحقق لصالح الناس وليس سحبها وحرمانهم منها واستبدالها بتطبيق الأسوأ والسالب للاستحقاقات.

-25 من الأهمية بمكان ونحن بصدد وضع المعالجات الجادة والحقيقية للمشكلات التي تعيشها البلاد - ما يحدث هذه الأيام في عدن والمحافظات الجنوبية هو جزء من المشكلات العامة التي تواجهها اليمن عموما - نقول هنا ومن منطلق حرصنا على حماية الوحدة الوطنية والمشروع الوطني الديمقراطي الإنساني إضافة إلى أهمية وجود معالجات جادة وحقيقية لكل الأسباب والتداعيات التي تتجلى صورها اليوم في عدن وبقية المحافظات الجنوبية بوجه خاص.. نقول إن الحاجة والمصلحة الوطنية تستدعي رأب الصدع ومعالجة الخلاف القائم بين شريكي الوحدة والديمقراطية (المؤتمر والاشتراكي) بعيدا عن المكابرة والمصالح الضيقة.. دعما للوحدة الوطنية.

إن استمرار الخلاف وتصاعده.. واستمرار معاقبة الحزب الاشتراكي بكوادره وأعضائه وأنصاره تحت غلاف ومبرر حرب 1994م ليس في مصلحة الوحدة الوطنية، كما أنه ليس في مصلحة المشروع الوطني الديمقراطي الذي نطمح ونسعى اليه جميعا.

-16 ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب احتكار عدد محدود لاستيراد هذه السلع، والاحتكار هذا رافقه تصفية مؤسسات القطاع العام التي كانت تقوم بتوفير هذه السلع والمواد الغذائية للناس بأسعار مناسبة (شركة التجارة، مؤسسة اللحوم، مؤسسات الاصطياد وتسويق الأسماك، المجمعات الاستهلاكية، مصنع الألبان ...إلخ)،وتحولت هذه الإجراءات غير المدروسة عواقبها إلى مشكلات مركبة.. وقف توفير السلع والخدمات للناس بأسعار مناسبة.. وحرمان القوى الوظيفية التي كانت تعمل فيها من العمل، وإن كانت تصرف لهم مساعدات شهرية محدودة جدا.

-17 عدم مراعاة خصوصية عدن وبقية المناطق الساحلية (المناخية) والإصرار على رفع رسوم الخدمات الكهربائية والمياه والصرف الصحي، مما يشكل عبئا كبيرا على سكان هذه المناطق مع عدم مراعاة مستويات الدخل لدى السكان وأن معظم السكان وبالذات في عدن محدودو الدخل.

-18 وقف الضرائب غير القانونية التي ترفق بفواتير الكهرباء والهاتف والمياه وتؤخذ عن طريق النسبة المئوية من إجمالي قيمة تلك الفواتير.. وحيث فواتير الكهرباء تكون عالية بحكم طبيعة المناخ الحار تكون النسبة المحددة لتلك الضرائب .. أي أنها ضرائب مفتوحة!! وهي إضافة إلى كونها ضرائب غير قانونية فإنها أيضا تزيد الأعباء على السكان في هذه المدينة (عدن) وبقية المدن الساحلية. هذا ما أردت المشاركة والمساهمة فيه من خلال هذا اللقاء الذي أتمنى للقائمين عليه كل التوفيق والنجاح».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى