وعادت حليمة لعادتها القديمة

> محمد علي محسن:

> وعادت حليمة لعادتها القديمة. هكذا يبدو الحال كلما قلنا بإمكانية تجاوز الشعارات والمشكلات والثأرات السياسية والحروب الأهلية التي عصفت بثورثنا ودولتنا ووحدتنا وليس حرب الدفاع عن الوحدة صيف 94م سوى أنموذج لهذه العادة القديمة. الوحدة اليوم مازالت في خطر والأعداء يتربصون بها من كل ناحية وصوب وعلينا كيمنيين في مثل هذه الظروف التخلي عن حقوق ضرورية وأساسية ومجسدة للوحدة الوطنية وبمؤارة ودعم السلطة السياسية الحاكمة للبلد طالما أنها قالت و فسرت ما يحدث على أنه مساس بالوحدة، والجمهورية، والثورة، والشرعية الدستورية ومن يدري كيف سيكون حالنا البائس في قادم الأيام مع قانون الثوابت الوطنية الذي تم التصديق عليه من مجلس الوزراء كمشروع للحفاظ على الوحدة الوطنية؟ ولماذا الآن يستوجب إصدار قانون لحماية الوحدة وبعد مضي 13 عاماً على تعميدها بالدم والقوة العسكرية ؟ وهل بضع كلمات أو أفعال غاضبة من الوحدة في مهرجان أو تظاهرة احتجاجية كافية للحكم على أصحابها بالانفصالية بينما مسؤولون كثر في البلد جلّ أفعالهم وخطاباتهم غير وحدوية ولا وطنية بل مكرسة للتمييز والانفصال والمصادرة لحق الآخر ومع ذلك لا جنحة عليها أو خطر على الوحدة ؟؟

الوحدة قيمة عظيمة وسامية ويجب أن تكون لمصلحة المجتمع كافة وإلا فقدت هذه القيمة والأهمية. دعونا نفهم، وننظر للوحدة من الناحية النفعية المحققة للإنسان والمرجوة له، فمعظم الوحدات أو التحالفات أوالتكتلات بين الدول قامت في الأساس على المصلحة العائدة لشعوبها أكان في التنمية أو الاقتصاد أو دخل الفرد أو الرفاهية وغيرها من دواعي ومبررات التوحد في الحاضر. لسنا بحاجة إلى كيان مستمد وجوده من التاريخ أو الجغرافيا أو الأصل والفرع أو الطائفة أو الدولة الواحدة المستبدة بقدر ما نحن ننشد الوحدة المرتكز عمادها على المصلحة والمنفعة والعدل والحريات، وقبل ذا وذاك الشراكة الفعلية في الحكم والثروة والقرار والانتماء، وسيادة القانون. التاريخ والجغرافيا نعم هما عاملان مهمان يتم استدعاهما كلما لاحت في الأفق أو برزت مشكلات هي في الأصل سياسية، قد ينجح أرباب القرار في تدوير وتأجيل كثير من الاستحقاقات المطلبية باسم الحفاظ على الجغرافيا أو التاريخ أو الأيديولوجيا ونظام الحكم لكن ما هو مؤكد أن مثل هذه السياسات محكومة بالفشل في النهاية طالما بقي الإنسان في ذاته شيئاً هامشياً، ولنا في التاريخ القديم والحديث الدرس والعبرة فحيثما وجد العدل والشراكة السياسية والاقتصادية والحريات واحترام حقوق الإنسان نهضت وتطورت الدول أو التجمعات والتكتلات الإقليمية والدولية وأينما أهملت هذه الأشياء وبقت الأيديولوجيا أو الجغرافيا أو العقيدة أو الجنس أو التاريخ هي المهيمنة تخلفت وتمزقت هذه الكيانات ولعل الاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا والصومال ليست ببعيدة.

أعجب من جعل الوحدة رديفة لكل فعل مناوئ ومعارض للسياسات الخاطئة، كما أن الدهشة تأخذني في أحايين كثيرة إزاء استحصار الانفصال كلما وقعت واقعة مطلبية أو احتجاجية أو حتى مانشيت صحفي في المحافظات الجنوبية والشرقية! صحيح إن حرب صيف 94م مازالت مهيمنة وفي كل الظروف تبقى حاضرة ما بقيت المعالجات الجادة غائبة.. ونعم ثمة خطاب وفعل غير وحدوي في سلوكيات وفكر البعض من الساسة وقادة الرأي أو المواطنين العاديين، كل هذه الأفعال يمكن حدوثها في أرقى الديمقراطيات كما أنها مستساغة في واقع مثل الذي نعيشه ويرزح تحت وطأة الفقر والإقصاء ومصادرة الحقوق وغيرها من المعاناة الناتجة عن حالة انعدام الشراكة والمواطنة المتساوية والوحدة الصحيحة والقانون، ما لا يمكن حدوثه وقبوله هو ديمومة الممارسات القمعية والتعسفية وتحت يافطة الوحدة ومن جهة من يحكم ويجسد الانفصال! ما لا يمكن رؤيته هو استمرارية الهيمنة وإقصاء الآخر من الشراكة في الوحدة، ومحاولات صاحب القرار التطبيع ومواجهة مشكلات الحاضر بوسائل وأدوات ورجال وخطاب ما قبل الحرب أو بعدها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى