كم بايحمل؟

> محمد سالم قطن:

> أمس العصر، كان الحوار على أشده والاستغراب باد الوضوح على وجوه الجميع ممن حضروا موعظة إمام المسجد عقب أداء صلاة العصر، كما اعتاد أن يفعل كل يوم.

صحيح أنني لم أتمكن من حضور تلك الموعظة اللطيفة والاستماع إلى ما طرحه فيها ذلك الإمام الجليل. لكن كما اتضح لي فيما بعد، أن الموضوع الذي طرقه كان هادفاً جداً ويلامس شواهد واقعنا المعيش. ليس هذا فحسب، بل كان الموضوع من أساسه في إطار تقديم الشرح المطلوب عما يستفاد من حديث صحيح لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. الحديث النبوي المشار إليه يتعلق بالتحذير من اغتصاب الأرض ولو شبر منها واستقطاعها لمصلحة خاصة، على غرار ما جرى ويجري في بلادنا منذ سنوات، تم فيها الاستحواذ على المساحات والمئات من القطع لمصلحة متنفذين ومقربين وسماسرة وعاملين عليها، في مختلف مدننا وأغلب شوارعنا تحت دعاوى التخطيط الحضري والاستثمار الوهمي، وما أفرزته تلك الظاهرة من اختلال اقتصادي وأخلاقي، استغلها الكثيرون للإثراء السريع على حساب البلاد والعباد وضاعت من أجلها ساحات وسدت فيها شوارع وضاعت فيها حقوق وانفجرت من جرائها فتن، ولا حضارة تحققت ولا تخطيط استوى ولا استثمار قام أو نهض.

الحديث الشريف الذي شرحه إمام المسجد يفيد فيما أفاد به، أن من يغتصب أرضاً أو يأخذ من الأرض ولو شبراً ظلماً، دونما حاجة ماسة ولهدف مشروع، سوف يطوق بذلك القدر من الأرض التي نهبها، يوم القيامة عندما يوضع الميزان ويستقيم الصراط وستطلب ملائكة العذاب من هذا الظالم وذاك الناهب أن يحمل تلك الأرض التي نهبها بكل أثقالها ومجمل وزنها على ظهره. ويا له من تحذير وما أقساه من عذاب!!

التقط القوم من الحضور تلك الصورة القاتمة وأخذوا عندما انطلقوا بعد الموعظة إلى مجالسهم ومقاهيهم يمارسون الإسقاط على ما حدث ويحدث من هبر للأرض واستحواذ على القطع واغتصاب للساحات والمساحات. راح أحدهم يتساءل مع أصحابه: فلان -وذكر اسم واحد من أشهر عتاولة الأراضي- يا جماعة الخير كم بايحمل؟ وهل يستطيع ذلك؟ ما بالكم بفلان - وذكر اسم أحد السماسرة المعروفين-! وإلا فلان الآخر الذي دخل الإدارة فقيراً وخرج منها بما شاء الله من قطع وأراضي وعمارات وسيارات!!! كم بايحمل؟؟ كم بايحمل؟؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى