لماذا نحب «الأيام»؟

> د.سمير عبدالرحمن الشميري:

> الطبالون والزمارون وحاملو المباخر لا يفيدون المجتمع ولا يساعدون على دفع عجلة النماء إلى الأمام، إنهم يخفون الحقائق ويفتحون نار أسلحتهم على الأقلام الجادة والصحف المحترمة كـ «الأيام» ويؤججون الأحقاد والضغائن ويقلبون الحقائق رأساً على عقب، فيسمون: الجور والاعتساف عدلاً، والرياء والنفاق حقيقةً، والظلام نوراً، والجهل علماً، والتلوث نقاءً.

ففي (الحياة العربية احتياطي الكذب أكبر من احتياطي النفط في الصحراء العربية. أنا أرفض الكذب وأحتقر الكذابين)- الشاعر سميح القاسم.

لماذا التهديد والوعيد؟ ماذا تريدون من «الأيام»؟ هل صوت الحق يقلق مضاجعكم؟ وهل القذائف والنيران الكثيفة ستهدم هذا المنبر الحر؟ وهل إخراس صوت «الأيام» لون من ألوان الذكاء أو صنف من صنوف الحكمة والتعقل؟

فشتم «الأيام» وتعريضها للبطش وزرع الألغام في طريقها تصرفات طائشة وغرور أرعن يدمر سمعة حرية الكلمة في بلادنا.

(الجاهل ربما كان ذا فطرة سليمة نقية، فهو بفطرته وحدها يستطيع أن يقر بجهله، وأن يطلب العلم لدى أصحابه. أما الأحمق سيء الطوية الذي لا يرى نفسه، ولا يرى غيره، فيعاند ويكابر، ويتشبث بجهله الفاضح، ويهزأ بمن يمد له يد العون ويدله على سواء السبيل)- أحمد عبدالمعطي حجازي.

قد يجهل هؤلاء عن قصد أو من دون قصد أن بقاء «الأيام» والصحف والمجلات الحرة على قيد الحياة هو تعبير ساطع عن ديمقراطية نابضة بالحيوية، ونقد المجتمع ومؤسساته ينفع ولا يضر، يقوي ولا يضعف، يصلح ولا يفسد حياة الناس ويقوي من مدماك الممارسات الديمقراطية السليمة.

(فقيرة تلك النفوس التي تنظر إلى داخلها فلا تجد إلا الخواء، فتملؤها بالبطش والعنف) على حد تعبير المفكر عبدالرزاق عيد.

فثمة خوف يقبع في نفوس المعتوهين عندما يرون «الأيام» في الأزقة والحارات العتيقة والشوارع والجادات العريضة تباع ويتهافت عليها الناس الضعفاء والأقوياء، الصغار والكبار، الشباب والشيوخ والفتيان والفتيات والنساء والرجال والمحبون والكارهون لها، يتسابقون لقراءة الأخبار والتعليقات والمقالات بألوانها الطيفية.. فهي صحيفة لذيذة وفريدة لها أسلوب جذاب وصور شائقة وجرعات تنويرية تكسر القيود والجمود والرتابة الصحفية الممجوجة، وتشفي ظمأ الباحثين عن النور، وتلامس بأناملها أوجاع الناس، وتوطد تلاحمها مع الشارع، وتنزل بأرجلها إلى قاع المجتمع فتفحص الأوضاع وتنتقذ الخروم وتعلل وتحمل شحنة صادقة من القلق المجتمعي لإزاحة الأتربة والركام وتوضيح الصور والمعاني والدلالات بعيداً عن التبرير الزائف ونوازع التربص، فهي تنتقد لتحسين الأوضاع وإصلاح ما أفسده الدهر، لأنه (عندما يفقد العقل وظيفته النقدية يتحول إلى عقل تبريري واستبدادي) على حد تعبير الأستاذ حسن حنفي.

لماذا نحب «الأيام»؟ ولماذا يكرهها المتغطرسون؟ ولماذ تطارد «الأيام» بكوابيس الرعب وتهدد بقطع اللسان؟ ولماذا تهفو أنفسنا في الصباح الباكر لمصافحة وجهها البهي؟

«الأيام» .. «الأيام».. «الأيام».. اسم رنان تصدح به حناجر الباعة الصغار والكبار وسط بحر متلاطم من البشر، يفتح شهيتنا للقراءة العذبة، فنركض لشرائها لنرى أنفسنا فيه فهي مرآة لحياتنا اليومية، ولن نسمح أبداً لمعاول الهدم أن تدمر أيامنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى