الداعية الإسلامي أبوبكر العدني بن علي المشهور لـ«الأيام»:واجبنا إعادة بناء الوعي الإسلامي لدى الشعوب عموما ولدى طلاب العلم والمثقفين خصوصا (2-2)

> «الأيام» صلاح أبولحيم:

> تعيش الأمة العربية والإسلامية حالة من التفكك في الصف والوحدة والقرار أثر سلباً في واقع العرب والمسلمين في شتى مناحي الحياة حيث ظل السياج الحديدي هو اللغة الوحيدة المتعامل بها من قبل الأنظمة العربية.. وفي ظل هذا المعترك يحاول الخطاب الإسلامي الداعي إلى وحدة القرار ولم الشرخ وإزالة كل بقاياه.. ومع هذا البصيص الدعوي والإسلامي يأمل العرب والمسلمون في كل بقاع الأرض احتواء ما تبقى من الهوية العربية والإسلامية ... جملة من الهموم والتداعيات الإسلامية هي محور اللقاء الذي جمعنا بالداعية والمفكر الإسلامي أبي بكر العدني بن علي المشهور الموجه العام لأربطة التربية الإسلامية ومراكزها التعليمية والمهنية في الجمهورية اليمنية والذي تتابعوه في السطور الآتية:

> إلى متى ستظل الشعوب العربية والإسلامية المسكينة تقبع تحت قبضة السياج الحديدي للحكام حيث يقبع جزء من المعتقلات وجزء في زنزانات وغياهب سجون العدو أو المحتل؟

- إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.. وإلى أن يتبنَّى المسلمون قضاياهم بالمفهوم الإسلامي .. بعيداً عن المفهوم القومي أو الإقليمي المحدود.. لأن الرؤى القومية لا تعالج القضايا المعقدة في السياحة، وإنما تسهم في تعقيدها .. والحديث الشريف يشير إلى أن ساعة الخلاص مربوطة بالوعي الإسلامي العام من قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«سيقاتل المسلمون اليهود حتى يقول الحجر والشجر يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله.. إلَّا الغرقد فإنها من شجر اليهود».

> لكم العديد من المؤلفات التي تستقرؤون من خلالها حالة الشعوب العربية والإسلامية وموقعها في زمن الانكسار والذلة ، كيف تستقرؤون الوضع الراهن للأمم والشعوب العربية والإسلامية؟

- نستقرئ الوضع الراهن للأمم والشعوب العربية والإسلامية من خلال دراسة فقه التحولات المربوط بما أخبر عنه صلى الله عليه وآله وسلم من تحول وانحراف وبشارة ونذارة عن الأزمان والأمم.. فالعصر الذي نحن فيه يحدده صلى الله عليه وآله وسلم بأنه عصر الغثائية ، وهو عصر يمتد من مرحلة سقوط القرار الإسلامي المحدّد بانهيار الدولة العثمانية وبدء مرحلة الاستعمار وحتى نهاية مرحلة الفتنة الرابعة التي يؤول فيها أمر الأمة إلى الكافر (ما يسمى بالعولمة) وهذه المرحلة -أي الغثائية- تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

- العلمانية وبدأت من إعلان مصطفى أتاتورك النظام العلماني في تركيا بعد سقوط قرار الخلافة.

- العلمنة : وهي المرحلة التي تخرج فيها المسلمون من مدارس الغرب والشرق يطبقون المخرجات الفكرية المعارضة للإسلام ولو من بعض الوجوه.

- العولمة: وهي المرحلة التي نَعيشُها الآن وما زلنا في بداياتها وأوليات ظواهرها ومظاهرها.

وقوفنا الشرعي من تحليل هذه المراحل.. دراستها حسب التوجيه النبوي .. دون ضرر أو إثارة.. ووضع الضوابط العلمية القادرة على تحديد علاقتنا بالآخر دون إفراط ولا تفريط .. مع الاعتراف بحالة الضعف والخَوَار الناتج عن شمول الوَهَن وحب الدنيا وكراهية الموت ، والعمل الدؤوب على تجاوز أسبابه بالعلم والعمل وبث روح السلام في الأمة لتحرير الشعوب مما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بـ(داء الأمم) من قوله: «أصابكم داء الأمم البغضاء والحسد لا أقول حالقة الشعر ولكنها حالقة الدين ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم».

وإذا كانت البغضاء والحسد قد شملت سلوك الأمة اليوم وبصور ونماذج متنوعة فإن علاجها هو بث روح السلام.. بل يجب أن توظف مخرجات الإعلام والأفلام والأقلام لإشاعة السلام والمحبة والرحمة بديلاً عن الإثارة والتحريش والانحلال والارتذال.. لكن هل هناك في عالمنا المعاصر من أمة الديانة والتدين من يؤمن بهذا ويرغب في تحقيقه .. الله أعلم.

> اختتمتم قبل أيام الزيارة السنوية لدخول الإسلام إلى اليمن ، كيف تحييون هذه المناسبات وماذا قدمت أربطة التربية الإسلامية خلال عقد من إحيائكم لمثل هذه المناسبات الإسلامية؟

- مناسبة الجَنَد من وجهة نظرنا تظاهرة شعبية واعية تربط بين المراحل التاريخية تحت قاسم مشترك وهو دخول الإسلام وانتشاره في الأرض اليمانية ودور مسجد الجند في هذا الانتشار وخدمته وقد تعوّد اليمانيون منذ القدم على إحياء هذه المناسبة اختياراً وليس إلزاماً ولا وجوباً.. ولا علاقة لها بالحج ولا بالعمرة ولا بشيء مما يروجه المعارضون للمناسبات بل حتى الحديث الذي يتساءل عنه البعض بأن مسجد الجند أحد المساجد التي تشد إليها الرحال .. فالحديث ضعيف ولا يعتمد عليه في ذلك.. وإن قال أحد بهذا فلا يعتد بقوله.. وإنما المناسبة ذاتها فلها موقعها التاريخي ، وقد شابها مع الزمن بعض الإفراط أو التفريط وعكست صورة مشينة عن الإنسان اليماني في مرحلة الأعلام. فكان لابدّ لنا أن نسهم إلى جانب الخيرين من رجال الحكم والعلم في تصحيح هذه المناسبة وتوجيهها توجيهاً علمياً وثقافياً يسهم في المعالجة ويبتر الأزمات.

وقد تيسر لنا ولله الحمد السير بثبات في خطواتنا الأولى لإعادة ترتيب المناسبة ترتيباً إيجابياً يعود على المرحلة والجيل بما يذكرهم بالتاريخ الإسلامي وعلاقته بالمكان والزمان .. فصارت المناسبة تحتوي على:

اختتام القرآن الكريم، اختتام مختصر صحيح الإمام البخاري ، اختتام الدورات الصيفية، عرض البحوث العلمية عن العلماء والمحدثين والمواقع الأثرية الإسلامية.

وفي هذا العام شاركنا المناسبة وزير الأوقاف والإرشاد الأستاذ حمود الهتار والأستاذ محافظ محافظة تعز القاضي عبدالله الحجري ، وأبدوا إعجابهم بمظاهر التجديد، وأعلن الوزير في كلمته عن تبرعه بثلاثة ملايين ريال يمني كحوافز وجوائز لثلاثة أنشطة في كل عام:

1- حفظ القرآن العظيم بالقراءات السبع.

2-حفظ الأمهات الست.

3- إعداد البحوث والدراسات العلمية وإقامة الدورات الصيفية.

ونسأل الله التوفيق لإنجاح هذه المهمات الكبيرة.

> ما هو واجبكم كدعاة في مواجهة الحملات التي يتبناها الإعلام الأجنبي من حيث تشويه صورة الإسلام والمسلمين؟

-واجبنا كدعاة ومواطنين أيضاً إعادة بناء الوعي الإسلامي لدى الشعوب عموماً ولدى طلاب العلم والمثقفين خصوصاً.. فالحملات الإعلامية ظاهرة طبيعية يعمل على توسيعها الكفار والمغرضون من المنافقين في كل زمان.. يهدف التشويه والتشويش والإرجاف.. وقد اهتم القرآن بهذه الظاهرة منذ عصر الرسالة، فقال عن هذه الأبواق ?{? لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا?}? ... الخ الآيات

وإذا ما ارتفع مستوى الوعي الإسلامي لم يعد للإغواء الإعلامي موقعاً ولا مكاناً إلا في حدود أصحابه إضافة إلى ما نراه اليوم من محاولات العديد من العلماء والدعاة في توضيح الصورة الإسلامية على الوجه الصحيح والرد على ما قد يتبناه البعض ضد الإسلام عموماً أو ضد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخصوص ، فهذا كله يسهم في إجلاء صورة الإسلام وتحجيم الحَملات المسعورة ضده.. ولا زال العديد من الغيورين على الإسلام يجددون أساليب الدفاع وأساليب الإيضاح والبيان المناسب في وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة.. والإسلام منصور بأمر الله.. ومحمي بحماية الحق سبحانه.. ?{? يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ?}?

> يتعرض الحجاب الإسلامي إلى حملات وحرب في المدارس والجامعات الأجنبية بل أن بعض الحكومات ربطت مسألة حجاب المرأة بالإرهاب ، هل يعني هذا أن زمن الحجاب انتهى في بلدان الغرب؟

- الحجاب ظاهرة التزام إسلامي والتحرر عنه ظاهرة استتباع إعلامي.. ومع هذا وذاك فالمرحلة تسير بالمرأة لما هو أبعد خطراً من ترك الحجاب وظواهر الآداب .. وغالبُ المتحرِّرات عن التقاليد الشرعية هم من المرتبطات ثقافة وتعليماً بالمدرسة الحديثة ومتأثرات بها..

وللحجاب قيود وضوابط تختلف باختلاف الزمان والمكان والثقافة ودرجات التربية الإسلامية لدى الرجل والمرأة.. والمعركة اليوم على أشدها في كافة قضايا المرأة ومنها قضية الحجاب.

وكما أشرنا سابقاً أن الإسلام بعمومه يُعاني في أتباعه أزمة ، فكيف بإحدى جزئياته كقضية الحجاب.. والآداب ..

ومتى ما تبنَّى المسلمون قضاياهم الأساسية وعرفوا كيف يعالجونها بضوابطها فالحجاب سيعالج كظاهرة جزئية.. سواء كان في محيط عالمنا العربي والإسلامي أو في المحيط الخارجي عند احتكاك المرأة المسلمة بالعالم الآخر.

فمعالجة الحجاب في مراحل يفتقر فيها الرجل والمرأة إلى معالجة السلوك والآداب مسألة سفسطائية لا فائدة منها غير الإثارة والجدل الأجوف.. وسترى هذا الجدل الأجوف عندما يبرز ردّ الفعل على ما نكتبه الآن في هذه القضية ؛ لأنها إحدى المصائد المرحلية التي يتصيَّد بها الإعلاميون رجال المواقف في الإسلام.. ليس للبحث عن المعالجة .. وإنما للدفاع عن العِلل.. وإيقاع العلماء في الإحراجات المؤدية إلى ضعف الدور الدعوي بين الناس.

> العولمة والعلمنة والإرهاب.. كيف تفسرونها بمنظور دعوي إسلامي بحت؟

- قد سبق تفسير المراحل الثلاث.. العلمانية والعلمنة ثم العولمة.. وعلاقتها بما برز أخير من مسمى الإرهاب والتطرف ، وإنهما تصبّ في مجرى واحد يخدم المستثمر الواحد.. وهذه مسألة لم تناقش إعلامياً حتى اليوم ويصعب الإيضاح في شأنها على صفحات الجرائد والصحف...

> هل من بصيص أمل للم شمل المسلمين واحتواء ما تبقى من الهوية الإسلامية؟

- نعم.. الأمة الإسلامية بخير رغم شتاتها الصُّوري ؛ لأن الذي يريد بقاء الإسلام في الأمة هو الحق سبحانه وتعالى.. ?{?إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ?}? ، ولا يخلو العالم الإسلامي والإنساني من تنفسات وبركات، والهوية الإسلامية في ازدياد وانتشار وكل يوم يدخل الإسلام العشرات من الأمم في العالم.. فلا خوف على الإسلام ، وإنما الخوف على المسلمين في المراحل المتقلبة من مظلات الفتن التي يموت بها المسلم على غير هوية .. أو يخدم بها المسلم من لا يستحق الخدمة في حياته.. أو تُسال دماء المسلمين هدراً دون قضايا شرعية أو جهاد صحيح ، فيتحقق بذلك مطلب الشيطان الذي عبَّر عنه القرآن بقوله:?{?إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير?}?.

> ما هي الأسباب الرئيسية لعلة الفشل والإحباطات التي تعيشها الأمة الإسلامية والعربية؟

- أسباب الفشل والإحباطات التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية، ما يلي:

-1 فقدان القرار الواحد واستبداله بالقرار المجزأ .

-2 السقوط عن عالمية الإسلام إلى جزئيات القوميات والإعلام.

-3 انعدام لغة القرآن والسنة المربوطة بالأخلاق، وبقاؤها في الأمة مقرونة بالإفك والتسييس والارتزاق .

-4 انتشار سياسة التحريش وضعف لغة السلامة في الديانة والثقافة والتربية والتعليم والعلاقات الاجتماعية .

-5 استتباع سنن اليهود والنصارى على طريق جحر الضب .

-6 استغفال المرأة وتحويلها إلى مخلوق مجرد عن الوظائف الشرعية.

-7 استغفال الشباب وهدر طاقاتهم الإيجابية في الألاعيب والهوايات والغوايات والإفساد.

-8 دور الإعلام المعاصر بكل مخرجاته المكتوبة والمصورة في صنع طفل الكرتون ورجل المسلسلات وفتاة الموضة وجيل الإفك والمخدرات والمسكرات والشهوات والشبهات.. وندرة العلاج والاستطباب من هذه العلل المقيتة..

-9 وفرة التعلم والتعليم مع إهمال التربية الإسلامية والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة مما فوّج لنا أبطال الخدمات وجمهور المعجبين والمعجبات وجفف منابع الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

-10 رفض العقل المعاصر قبول النصيحة من وجهة نظر الديانة السليمة .. وقبول النصيحة من وجهة نظر الخيانات والجريمة حتى صار رجالها أبطالاً ونجوماً.. وعش رجباً ترى عجباً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى