مديرة إدارة تطوير تعليم الفتاة بعدن .. ما تعمله شبكة الإرادة ومنظمة اوكسفام لدعم تعليم الفتاة في مدارس الأطراف معجزة

> «الأيام» متابعات:

>
في أمثالنا وأقوالنا الكثير مما يدل على أهمية التعليم للفتاة، قال الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها/ أعددت شعباً طيب الأعراق ويقال «إن الأم المتعلمة خير من الأم الجاهلة»، وقيل «إذا علمت رجلاً علمت فرداً وإذا علمت فتاة علمت مجتمعاً».. كلها أساسيات أكدت أهمية تعليم الفتاة.. كما أكد على ذلك أساس الأساسيات وهو ديننا الإسلامي الحنيف، حيث جاء في الحديث الشريف «العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» داحضاً العادات والتقليد التي تعيب تعليم الفتاة.

وفي ذلك لم تقف الدولة موقف المتفرج، ولكنها سعت بكل قوة لترجمة تلك الأساسيات والأقوال إلى أفعال واستراتيجيات لتطوير التعليم، لنجد الفتيات في الكثير من المدارس في مختلف المراحل الدراسية يقفن نداً قوياً للشبان ويتفوقن عليهم في التحصيل العلمي أحياناً، ويُعد تعليم الفتاة في اليمن أحد أبرز القضايا التي تحظى باهتمام السلطات وبدعم وتشجيع الدول والمؤسسات الدولية المانحة، وتعمل كل تلك الجهات على تضييق الفجوة الكبيرة في التعليم بين الذكور والإناث وإزالة العوائق والمشكلات التي تعيق تلك التوجهات، وأصبح تعليم الفتاة قضية اجتماعية واقتصادية وثقافية وإنسانية، لتلقى الفتاة الدعم والتشجيع للالتحاق بالتعليم في مرحلتيه الأساسية والثانوية، ومحاربة تسرب الفتاة من مقاعد التعليم، وهي الظاهرة شبه المعدومة في المدن ولكن الريف مازال يعانيها، حيث تقف الكثير من العوائق أمام هذا المد الهادر الساعي لتعليم الفتاة.

التقينا بالأخت ابتسام صالح علي، مديرة إدارة تطوير تعليم الفتاة بمكتب التربية والتعليم بعدن في هذه السطور لنسلط الضوء على أهمية تطوير تعليم الفتاة إلى جانب التعرف على نشأة هذا القطاع المهتم بتطوير تعليم الفتاة.

تقول الاخت ابتسام صالح:«مر عامان على إنشاء الإدارة على مستوى المكتب، حيث صدر القرار الأول في 24 أغسطس 2005م بإدراج الإدارة ضمن الهيكل التنظيمي لمكتب التربية والتعليم المنبثق من الهيكل التنظيمي للوزارة، ويعتبر ايضاً إسقاطا للوصف الوظيفي على مستوى القطاع»، مؤكدة أن «قطاع تعليم الفتاة يعتبر حديث النشأة حيت أنشئ بعد إنشاء القطاع بحوالي عام، بعد صدور القرار الجمهوري في مارس 2005م الذي قضى بإنشاء قطاع يعنى بتعليم الفتاة لما له من أهمية ومردود لنهوض وازدهار الوطن».

وأضافت: «كما قضى القرار بتكريمنا كمعلمات وتربويات على مستوى الوطن، وذلك من خلال تعيين الأستاذة فوزية نعمان وكيلة للقطاع بدرجة وزير»، مؤكدة أن «وجود قطاع يهتم بتعليم الفتاة لا يعني في جوهره ومضمونه أنه يختلف عن تعليم البنين، ولكن وجد قطاع تعليم الفتاة وإدارته على مستوى المحافظات بما فيها عدن لتلبية احتياجات معينة وتذليل صعوبات كانت سبباً رئيساً لتسرب الطالبات عن مقاعد الدراسة.

إدارة تعليم الفتاة، التي نحتفل في 24 أغسطس بمرور عامين على تأسيسها، تتلقى الدعم من جهات كثيرة تدعم عملنا في عملية التنسيق واعتماد خططنا وبرامجنا، وكل نجاح مرتبط بها، ومن أهم هذه الجهات مكتب التربية والتعليم بعدن ممثلاً بالدكتور عبدالله النهاري، الذي ينهج نهجاً منبثقاً من نهج وتوجه الأخ القائد الرئيس على عبدالله صالح».

وعن نسبة تسرب الفتيات تقول:«عملنا حصراً وأجرينا مسحاً ميدانياً لمعرفة نسبة التسرب.. ولاحظي أنني أثناء تقديم نفسي قلت (مديرة إدارة تطوير تعليم الفتاة) وربما لا يستخدم ذلك في كثير من المحافظات، إلا أننا في عدن مصرون أن نقول (تطوير) فعدن هي السباقة والرائدة في هذا المجال - كانت ومازالت - ومن العيب أن نقول إن %1 تسرب، ولكن مع وجود عوامل ظهرت في عدن أدت إلى تغيير الموروث الثقافي وتغيير العادات والتقاليد فيها، لهذا للأسف قد تتجاوز نسبة التسرب %2 وهي ليست نسبة كبيرة، ولكن يجب علينا أن نضيق هذه الفجوة قبل أن تتسع وتصبح أمامنا مشكلة».

العادات والتقاليد، الزواج المبكر، البعد الجغرافي للمدارس عن الأحياء السكنية، كبر حجم الأسرة، إضافة إلى خوف الأهل من التطور والتقنيات الموجودة والانفتاح، إلى جانب العامل الاقتصادي (الفقر)، من أهم أسباب تسرب الفتيات من التعليم حسب قول مديرة تطوير تعليم الفتاة .. مشيرة إلى أن «عدن تعاني من العامل الاقتصادي أكثر من أي محافظة أخرى، فأغلب سكانها ليس للفرد عائد غير راتبه الشهري وربما يكون قوة فائضة ويتسلم راتبه بعد ثلاثة أشهر أو أكثر.. وإذا فندت الأسباب الرئيسية لتسرب الطالبات من التعليم نجد أنها: أسباب اقتصادية، اجتماعية ومنها أسباب تعليمية، ولكن لو تم ترتيب الأسباب سنجد أن السبب الاقتصادي هو أول الأسباب في محافظة عدن، فالفقر الشديد لشريحة كبيرة من الأسر يعتبر عاملاً رئيسياً يؤدي بالأسرة إلى إيقاف الفتاة عن الاستمرار في الدراسة لتساعد في تربية إخوانها وفي أعمال المنزل، خاصة إذا كانت الأم موظفة لتساعد في تحسين دخل الأسره، فتكون الضحية هي البنت».

وسألناها: ماذا عن مدارس الأطراف .. هل هناك تسرب وهل تختلف عن المدينة؟ فأجابت: «البعد الجغرافي سبب رئيس لتوقف الفتاة عن الدراسة في مدارس الأطراف مثل مدارس العماد، دار منصور، العريش، وعمران».

وعن التوجهات الجديدة لإدارة تطوير تعليم الفتاة للحد من تسرب الفتاة من التعليم قالت:«قمنا بالعديد من الخطوات، ففي منطقة العريش تلمسنا هموم الطالبات ووجدنا أن أغلب الطالبات يرغبن في استكمال الدراسة لدرجة أن بعضهن أثناء لقائنا بهن في الفصول ذرفن الدموع.. لهذا كانت أول انطلاقة لنا لتعليم الفتاة من مدرسة العريش بإضافة الصف التاسع لأول مرة منذ تأسيس المدرسة، لتتمكن الفتاة من إنهاء المرحلة الأساسية، حيث تم التنسيق مع الأخ مدير المكتب والأخ رئيس شعبة التعليم العام وبتعاون قيادة مكتب التربية بالمحافظة».

وعن تنسيق عمل إدارة تطوير تعليم الفتاة مع المنظمات المحلية والدولية التي تسعي لمحاربة تسرب الفتاة، وما إذا كان هناك تعاون أثمر نتائج ايجابية.. تقول الأخت ابتسام صالح:

«هناك تعاون كبير مع شبكة الإرادة للتخفيف من الفقر وبدعم منظمة أوكسفام، اللتين عملتا على دعمنا في هذا المجال خاصة في مناطق الأطراف وكان لهما دور كبير في تعليم الفتاة في مدارس الأطراف وخاصة في العماد، ولا يسعني إلا أن أقول إن ما تعمله شبكة الإرادة معجزة. وهذا ما سنعكسه في التقارير الخاصة بإدارة تطوير تعليم الفتاة التي نشيد فيها بهذه المنظمة، وشبكة الإرادة تعتبر من التجارب الناجحة جداً على مستوى محافظة عدن إن لم تكن على مستوى محافظات الجمهورية بشكل عام».

وعن مدى التعاون بين المكتب ومنظمة اليونسيف خاصة وأن برامج المنظمة تهتم بتعليم الفتاة.. قالت:«منظمة اليونيسف تهتم بتعليم الفتاة، ولكن عملها واهتمامها في محافظات غير محافظة عدن، وسيكون لنا تعامل معها إن شاء الله سيدرك ضمن خطة برامج الإدارة في العام القادم حتى ولو في الجانب التوعوي، فهو الأهم لنا».

وتواصل الحوار مع الأخت ابتسام صالح، وكان لا بد أن نسألها عن أهم الأنشطة التي تقوم بها إداراة تطوير تعليم الفتاة .. فأجابت:«نسعى جاهدين لتذليل كافة الصعاب أمام الفتاة، وفي هذا العام تم تتويج نشاط الإدارة بالتنسيق مع إدارة الأنشطة المدرسية وبتعليمات وبتعاون مدير مكتب التربية والتعليم الذي حرص على أن يكون لإدارة تطوير تعليم الفتاة مكان في إطار المخيمات الصيفية لخلق نوع من التعريف بأن هناك إدارة تعنى وتختص بتعليم الفتاة، وقد تكلل نشاطنا في الجانب الثقافي والفكري بإقامة المسابقات الفكرية بين المخيمات على مستوى المديريات لاختيار المديرية الفائزة على مستوى المحافظة .. وكانت جهات الدعم محدودة تمثلت بالمجلس المحلي بمديرية دار سعد، الذي ربما يكون كنوع من التحيز باعتبارنا من القاطنات بالمديرية، تم رفدنا بدعم ساعدنا على تجاوز الكثير من الصعاب، ونتمنى من باقي المديريات أن تنهج نهج السلطة المحلية في مديرية دار سعد ممثلة بالأخوين عبدالملك عامر والدكتور الربيعي، الذي لم يقصر معنا سواء في تذليل الصعاب أمام عملنا أم تسيهل ودعم مشاركتنا في المخيمات الصيفية».

وأضافت الاخت ابتسام: «وأهم خطة تبناها الأخ عبدالملك عامر، والتي سيتم العمل بها في العام الدراسي 2007/2008م هي تأنيث مدارس البنات التي ستنطلق من مديرية دار سعد، وهذا الفكرة نشأت العام الماضي ولكن تم تأجيلها حتى لا تعطل عملية سير التعليم خاصة وأنها جاءت في نهاية العام الدراسي 2007/2006م».

وعن أسباب هذة الخطوة (تأنيث المدارس الخاصة بالبنات) قالت: «الهدف الرئيسي هو إعادة استقطاب كثير من الطالبات العازفات والمتسربات من الدراسة، خاصة وأن الكثير من الأهالي ترسخ في فكرهم بأنه لا يمكن أن تدرس بناتهن من قبل مدرسين ذكور، وهذا قد يسبب لي إشكاليات، ولكن أؤكد بأن لدينا قيادة تربوية متفهمة لديها مساحة واسعة للعمل والإدارة وهذه كلمة حق تقال في قيادة التربية والتعليم بمحافظة عدن بكل إدارتها ومكاتبها، كان نهجهم لا يخرج عن إطار نهج الدولة كما رسخه الاخ الرئيس علي عبدالله صالح لإنشاء هذا القطاع الحيوي، وعمل على دعمنا لتكون المرأة العامل الرئيسي في عملية التنمية والتنمية المستدامة لا الوقتية، بحيث ينهض الوطن».

وحسب رأي الأخت ابتسام «لا يمكن أن تقام التنمية بنصف دون الآخر، والهدف الرئيس من إنشاء الإدارة كان تطوير تعليم الفتاة، فدستورنا في الجمهورية المستوحى من الشريعة الإسلامية أعطى الحق في تكافؤ الفرص بين الجنسين»، مؤكدة أن القوانين اليمنية ربما تكون الوحيدة في الجزيرة والخليج التي لا تميز الرجل عن المرأة، بل تعطي المرأة امتيازات لا يمتلكها الرجل.

وأوضحت أن «شريعتنا السمحاء أعطت للمرأة حق التعليم كما قال الرسول الكريم »العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» وتعليم الفتاة واجب ديني ووطني يفرضه الانتماء لهذا الوطن.

وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نشكر صحيفة «الأيام» لنزولها للتعريف بمهام إدارة تطوير تعليم الفتاة على مستوى المحافظة .. وسعداء بأن يكون هذا اللقاء على صفحات صحيفة «الأيام» وهو لا شك سيعطي الترويج الكبير لتعليم الفتاة، خاصة وأن ذلك يتزامن مع حلول الذكرى الثانية لتأسيس إدارة تطوير تعليم الفتاة التي تصادف يوم 24 أغسطس.. كما نتقدم بالشكر إلى كل من ساند عملنا رغم أنها كلمة لا تفيهم حقهم، وربما بعد أن يتم إرساء دعائم إدارتنا ووضعنا في اتجاهاتنا المستقبلية فإن أقل ما يقدم لتلك الجهات أو الأشخاص اعتراف خطي ضمني من هذه الإدارة بتقديم شهادات شكر وتقدير على مستوى المكتب».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى