القافلة الأدبية

> «الأيام» د. عبده يحيى الدباني:

> أجل إننا في أول الطريق فهذه صبر التي حدثتكم عنها في الأسبوع الماضي ها هي مدرسة النجمة الحمراء على يسارنا تحولت إلى أشباح، لقد خرَّجت آلاف الكوادر.. ها هو محلج القطن على يميننا بمساحته الواسعة لقد تم الاستيلاء عليها وتقسيمها بين حمران العيون وسودان القلوب فلم يعد هناك قطن ولا حلج ولا محلج ولا من يحلج لقد (حلجوا) الأرض والسلام. النجمة الحمراء ومحلج القطن وجهان متقابلان شاهدان على الماضي والحاضر ويشيران إلى المستقبل، كانت قافلتنا تسرع وليس ثمة كلاب تنبح، إنها قافلة أدباء.. الأماكن، المناظر، رتيبة مألوفة.. نرفع أيدينا تسليماً على الحوطة المحروسة نخترق الحسيني، نكات متبادلة، تعليقات ساخرة، رنين هواتف، مكالمات.. شد انتباهي سور الصين العظيم.. عفواً سور العند العظيم، أقصد ذلك السور الطويل الذي أحاط بالمعسكر ووصل إلى جوار الخط العام على بعد كيلومترات من الثكنات والمواقع العسكرية ولكن الهدف من هذا السور العظيم هو الاستحواذ على الأرض والمتاجرة بها، فليس هناك أي حاجة عسكرية حقيقية وراء هذا التوسع والحجز والتسوير، فهل تحول بعض القادة العسكريين من مدافعين عن الأرض إلى مستولين عليها؟

مثلث العند، جول مدرم، عقان، كرش، أماكن مألوفة، ولكنها تبعث في النفس شعوراً غامضاً..! ولكن سرعان ما ندخل في أجواء أخرى مخضلة، جبال خضراء، هواء بارد منعش، تلك هي الشريجة، فالراهدة فالدمنة تومي إليك المآذن من بعيد من السفوح ومن فوق الجبال وبعضها يمد يده مسلماً حيث تنتصب على الطريق، قيل إن الحاج هائل سعيد رحمه الله تعالى هو من بنى هذه المساجد المنتشرة هنا وهناك على مد البصر، لم أكن متفرغاً تماماً للرصد والتسجيل لأنني كنت أساعد زميلي العزيز الأستاذ مبارك سالمين رئيس الفرع في قيادة القافلة. هذه هي الحوبان مدخل تعز الحالمة، هناك أدركنا زملاءنا من فرع لحج فالتأم الشمل، وجوه من أدباء لحج تعرفت عليها حينها للمرة الأولى فأدركت أن انكفاءً كبيراً يعيشه الأدباء عموماً وأن عدم التواصل هو شعار المرحلة إذ لم نلتق في عدن ولا في لحج والتقينا في الحوبان في فعالية رسمية، لا أقصد التواصل الشخصي ولكن التواصل الأدبي والثقافي، هناك في الحوبان جرى استقبالنا.. هذا هو محمد الغربي عمران القاص المعروف يشرق علينا بوجهه الذماري المأنوس.. هاشاً باشاً معانقاً ومصافحاً مبتسماً ومقهقهاً، فقلت في نفسي الدنيا بخير، ستكون قافلتنا خير قافلة، كان الغربي هو مشرف القوافل في الاتحاد وكان هناك أيضاً في استقبالنا الزملاء من قيادة فرع تعز يتقدمهم القاص عبدالله الأمير رئيس الفرع، وقبل هذا وبعده استقبلتنا تعز المدينة بحضنها الواسع الحنون، كان قلبها أوسع من شوارعها فاعتصرتنا عناقاً وترحيباً كما اعتصرتها أعيننا وقلوبنا تحية وسلاماً، كانت سماؤها تتهيأ لإرسال المطر كعادتها كل يوم، كانت أسرع منا ومن مستقبلينا في نزولنا الفندق وغدائنا ومقيلنا ومن ثم تدشين فعاليات القافلة، كانت ثمة متاعب في إنزال أهل القافلة إلى مساكنهم التي تليق بهم.
يتبع

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى