الخريجون في لودر يركضون وراء مستقبلهم الضائع في زحام الوساطات

> «الايام» الخضر عبدالله محمد:

>
خريجان يعملان في حمل البضائع والأخشاب
خريجان يعملان في حمل البضائع والأخشاب
يمر بهم قطار الأيام وهم في أماكنهم لا يملون ولا يكلون hنتظاراً، يعتلون صهوة أحلامهم كل صباح، يتأهبون للركض وراء مستقبلهم الضائع في زحام الوساطات والمال التي باتت فوق القانون، مقيدين بصمت الفجر، ليس لهم سوى أملهم المرهون بتحقيق الوظيفة، والخروج من سرادب المعاناة.. شريحة تبحث عن أياد تأخذ بها قبل الوقوع في لجة اليأس والإحباط والفشل .. مئات الخريجين من حملة الشهادات الجامعية والثانوية في مدينة لودر محافظة أبين كانت أحلامهم تزن الجبال رزانة.. وفجأة أصبحت أحلامهم وآمالهم سراباً فولدت لديهم الهموم والأحزان.. شباب وفتيات توزعت سنوات إنتظارهم بين مطرقة الخدمة المدنية وسندان حق (بن علوان).. فبعد أن كانت أحلامهم تزن الجبال من ضخامتها أضحت سراباً يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.. صحيفة «الايام» وصلت إلى قلوب هؤلاء الشباب لتسلط الضوء على سرب من الخريجين الذين طال بهم الانتظار .. فإلى التفاصيل.

السماسرة أخذوا فلوسي وإلى الله المشتكى!

> صالح محمد لجدل (العطاش).. ترك أحلامه كلها وآماله جانباً بعد عناء طويل من المتابعة الشاقة خلف سراب الوظيفة، لكنه رفع الراية أخيراً مستسلماً لموجات اليأس، ذاهباً الى مجال غير مجاله بل ربما لم يفكر أن يدخله مرة واحدة في حياته.. يقول صالح لجدل العطاش: «كنت أحمل آمالاً عريضة وأحلاماً طائلة أمني بها نفسي بأني سأحققها عقب التخرج مباشرة، ولكن كل هذه الأشياء ماتت وتبخرت على صخرة الانتظار، لم أصدق أنني لن أحصل على وظيفة، انتظرت ثماني سنوات لكنني لم أحصل على بصيص أمل في وظيفة في التعليم كمدرس».. ويضيف: «بعدها فكرت أن التحق في مجال للعمل قبل أن يمر بي قطار العمر وأنا أتابع الوظيفة المفقودة من مكتب إلى آخر.. فكانت الفرصة سانحة أمامي بأن التحق (...) فطلبوا مني أن أدفع مائتي الف ريال بعد تسجيل اسمي وذلك من أجل ضمان العمل، فلم أجد بداً من أن أدفع المبلغ مادمت سأتوظف.. لكن الوظيفة أصبحت وهماً وكدت أكرر نفس السيناريو السابق، واخرج في الآخير خالي الوفاض حتى الفلوس التي دفعتها إلى السماسرة تقدر بنحو أربعمائة الف ريال لم أحصل عليها وذهبت ضريبة البحث عن وظيفة». وأضاف : «إن أغلب الطلاب عندما يتخرجون ولا يحصلون على وظيفة يصابون بالاحباط وينجرفون في طريق الانحراف والضياع والغش في الحياة.. ولكن إلى الله المشتكى».

> مروان عمر الطيب، بكالوريوس إسلامية - عربية كلية التربية لودر يقول «مقيد اسمي في الخدمة المدنية منذ أربع سنوات فأنا خريج عام 2003-2002م .. وكل الوعود التي حصلت عليها أصبحت مجردة من المصداقية ولم تنفعني درجتي العالية ولا أقدميتي، وسأبقى حتى يفرجها الله عني».

سأعمل حلاقاً حتى يأتي الفرج

> أحمد صالح علي محمد، من لودر يحمل شهادة بكالوريوس حقوق، تردد لتجديد قيد العمل ما يقارب أربع سنوات، تحدث عن مأساته: «كم كنت حريصاً على مواصلة تعليمي وتحقيق حلمي لكن يئست من أن أنتزع وظيفتي من بين المخالب والأنياب ولا أستطيع أن أوفر مبلغا لشراء وظيفة». ويضيف أحمد بكل ثقة واعتزاز : «سأبقى أعمل حلاقاً حتى يأتي دور التوظيف». وهكذا وجد، أحمد صالح نفسه مضطراً للعمل ليوفر لقيمات عيش يسد بها رمقه ورمق أسرته.. هؤلاء هم الجامعيون محرمون ولم يجدوا طعم الإنسانية وراحة البال .. وسيظل الحديث عن التوظيف كمصيبة لها حيثيات كثيرة.

الوساطة سلاح سحري

> سالم عبدالله أحمد لجدل، دبلوم فني تمريض، يقول: «تخرجت عام (2005) وأنا أبحث عن وظيفة ولكن دون جدوى والسبب في ذلك أن الوساطات هي من تقصم ظهر الخريج، وخاصة الذين لا يملكون هذا السلاح السحري (الوساطة)، وما حصل للشاب سالم عبدالله صورة من صور التلاعب والسمسرة بالتوظيف، بل يستخدم القادمون من محافظات أخرى أسلوب قطع بطاقات الهوية من أبين كشهادة إثبات الأحقية».

خريج يعمل بسوق السمك بلودر
خريج يعمل بسوق السمك بلودر
بعت الغالي والنفيس لأحصل على وظيفة ..ولكن!

> صالح عبدالله حبيبات، كلية التربية قسم كيمياء - أحياء، يقول: «تخرجت في -1998 1999م فحاولت البحث عن وظيفة بعد التخرج مباشرة، سابقت الزمن ولم أيأس طوال فترة المتابعة، لكن صبري نفد في النهاية، فالوظيفة في بلادنا أصبحت حلما صعب المنال، بل أصبحت عند جميع الخريجين ضرباً من الخيال». ويضيف: «حاولت أن أجد وظيفة بكل الوسائل لكن هناك وسيلة أخيرة لم أستطع استخدامها عندما طلبوا مني أن أدفع المال لأحصل على وظيفة، فقمت ببيع الغالي والنفيس ولكن ذهبت فلوسي سدى دون رجعة.. لم أجد باباً إلا طرقته ولا مسؤولاً إلا تشبثتُ به باحثاً عن حلمي المفقود ولكن دون جدوى وهأنذا أنضم قهراً إلى قافلة المقهورين والمغلوبين على أمرهم، كل آمالي تطايرت وذهبت أدراج الرياح».

> أنور علوي حبيبات، دبلوم غلة انجليزية.. يقول: «سأستمر على الآمال الخافتة فلا توجد عندي الواسطة ولم تجد نفعاً ليالي السهر إبان دراستي الجامعية .. وساظل أدعو إلى أن يفرجها الله».ختاماً .. يشعر الإنسان بظلم مركب يهاجم جموع الخريجين، بعضهم يعمل حلاقاً وآخر (مباشر) في مطعم وعامل في ورشة، وجامعيون في مدينة لودر يرعون الأغنام ويحملون البضائع والأحجار ويتسابقون على بيع الأسماك والخضروات والفواكه والبقوليات في الأسواق .. كثير من خريجي الثانوية العامة رفضوا التقدم إلى الجامعة لأنهم خائفون على مستقبلهم فقد شاهدوا قبلهم إخوانهم الخريجين والجامعيين السابقين يؤدون الخدمة في حمل البضائع والأحجار ورعي الأغنام والحلاقة في الصالونات وفي بسطات الخضروات .. هذا غيض من فيض القائمة التي تطول .. فيا أيها الخريجون اعلموا إن أبواب الرزق كثيرة فلا تغفلوا عنها، فإنه يرزق من يشاء بغير حساب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى