قصة قصيرة بعنوان (نحن نفخنا فيك موتك)

> «الأيام» ميفع عبدالرحمن:

> أخيراً! .. طالك الارتجاج الآخر للأرض في احتشاد نعالنا، وإن في نزعكما الأخير: أنت.. ونعالنا.. معتصمة بساحات حريتها من التمزق، باسمك وتحت رسمك.

هل كنا نسابق قدرك إليك في لهاثنا الطويل، الأليم والدائخ بحثاً عن الأمان، بعيداً عن جوارك المدجج برعبك من حنايانا والملطخ بخوفنا من منحنياتك؟!

إذاً! ..

..فالحق - كل الحق- معنا، إذ نحتشد -معتصمين - بنعالنا ضد خضخصتك لأماننا.

هذا ما يتأكد الآن لنا الثلاثة: نحن، قدرك وأنت.

أنت: غير مصدق بأنك تموت..

متهالكاً في نفخنا فيك، وهالكاً فيه.

أم تراك لم تكن تحسب موتك قدراً عليك!

لكنك كنت تظن انتفاخك قدراً- كأنه الموت- علينا وعلى الماء الذي نشربه والهواء الذي نتنفسه والتراب الذي نمشي عليه.

وأنت: في مواجهتنا، مستميتاً/ مدججاً/ متلطياً/ بآلة رعبك من حنايانا.

وأنت: قُبيلَ تدلي أصغر أصغريك من حبل مشنقة فواجعنا المغطاة بزبد توجيهاتك ومواجهاتك- المتربصة بأنفاسنا - وإلى ما بعد إهالة آخر ليل، بلا ضوء قمر، على قبرها/المجهول/ الذي ربما تكرم حكيم شعبي -مجهول أيضاً- بوضع خشبة رثة فوقه. لعله سيكتب عليها:

«هنا، في الأسفل بقايا جثة. انقضى نصف عمرها وهي مهووسة، من دون أن تحس بأنه يكتسب فعل السُّم فيها مع مرور الوقت.».. فانظر الآن كم أنت مرعوب، متهاوٍ وبمفردك في انتفاخك..وتهتم - بإلحاح - كي تعرف كم صار وزنك وما لون خديك.

تهتم - بإلحاح- وتشتد لتطمئن على وزن لحمك ولون دمك.. ولا يخطر - بتاتاً - في بالك أن يكون ثمة ميزان ومرآة كذلك لأطفال فقر الدم ونساء الفشل الكلوي ورجال نادي الحلوين المتكاثرين - تحت رعايتك- في جوارك المحصّن بخصخصة الأمان، وأكثر مما في هذا الجوار المقيت أبعده الجنوني.

وأنت: لا تنفك تصرخ- منهاراً- بحطامك. تتوسل. تستجدي. تهذي:

-اتصلوا بصديقي خليل زاده.

- هاتوا حبيب قلبي فيلتمان.

- أريد عزيزي الخوري/ هيوز.

- اطلبوا بنكي الدولي.

- استدعوا قواتي الخاصة.

- أين ولدي جمال؟

هكذا!

لا تتذكر ولدك إلا في الأخير.

لماذا؟

عساك ستقول له ناصحاً ومهيباً به: «يا ولدي هذا عمك.. (إيهود).»!

ونحن!

بالطبع لم يكن لديك شيء حقيقي تقوله لنا.

نحن الذين - بمئات ألوف الأصوات والأجساد الجنوبية- غنينا ورقصنا ما لم نألفه من رقص العبيد، مرددين لاسمك- بين يديك أو تحت رسمك:

“يا سُجُلُّه يا مُجلُّه

يا إمام (الكون) كله

أنت (فلته في الخليقه)

وإليك الأمر كله»

أمرنا نحن الذين- بملايين الدائخين بالوراثة في الشمات - ومنذ لحظة جلوسك على رؤوسنا، ودفعنا إلى قاع ذاكرتنا بأول اغتيال مدوٍّ في شوارعنا.. فلم نكترث، إذ بات أدنى من مخالفة مرورية، وأضحى مقيداً ضد مجهوا كقبر فواجعنا لا كصاحبنا الحكيم

صاحبنا نحن الذين- في جنوننا وشماتنا على حد سواء- أخذنا هَوَسَك - بدل أطفالنا- في أحضاننا .. لنهدهده على إيقاعات مستقبل فلذات أكبادنا ونغذيه من خبز كرامتنا وحليب إبائنا وزدنا فأسكرناه من نبيذ أحلامنا.. ليعربد هو- طائحاً - فينا، ويضيع منا نحن المستقبل، الكرامة، الإباء، الخبز والحليب.

.. فإذا بنا كجبل ثلج ناصع فقد هيبته وروعته، وهو ينزلق - ذائباً - في ماسورة رشاش آلي بيد مراهق - شيخ أو شيخ - مراهق من آلك (آل كُبُّوني).وإذا بك في غنى - لا غنى لك بعده- عن أن تدري أو تدرك أننا ندرك وندري بأننا ننفخ فيك جثة .. وحدَهُ لحدُها لن يضيق بها، وهي تتعفن تحت رعايته.

عدن - أغسطس 2007م

(نادي الحلوين: تعبير أطلقه الفقيد الأديب الشاعر زين السقاف، في وصف مرضى السكري).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى