من الإبرة إلى الصاروخ!

> سعيد عولقي:

> اذا كانت معالجة قضية غلاء الأسعار للمواد الغذائية والتموينية با تتم هكذا زيما نشوف من جهود المؤسسة الاقتصادية اللي كانت تسمى زمان العسكرية وبعدين خلعت البدلة العسكرية ودخلت السوق علشان تطلب الله مع طالبين الله من المؤسسات والشركات والوكالات وغيرها من السمبتيكات.. دخلت المؤسسة باسمها الخالي من العسكرية والعسكرة والتعسكار إلى السوق وفتحت لها عدة دكاكين في كل مديرية وإذا مالقتش دكاكين قالوا إنها توقف سياراتها المحملة بالسبار في السوق وتبيع «من حوله» كما تورد الأقوال المأثورة.. أو «حامي من المقلى».. نحن في هذا الباب سألنا الأخ يوسف مرفدي أثناء «الجسة» عن هذه الحركة السوقية المؤسساتية الاقتصادية والحكمة من وراء إشباع السوق بالمزيد من البضائع وتكديسها بينما السوق قده يقول يا ضيقي بالذي فيه وتقول الأغنية على لسان يوسف يكفيني الذي فيني ما قد مر يكفيني هب عمري.. ما لك يا يوسف نشتيك تتكلم مش تغني؟ قال يوسف انه الناس في السوق يقولوا انه المؤسسة تبيع بضاعة بسعر أرخص قليل من سعر بقية السوق.. أفصح الله لسانك إذن هذا يعيدنا إلى المربع الأول في السطور الأربعة الأولى والخ من هذا المقال.. فإذا كانت الحكومة تعتقد انها با تحل مشكلة غلاء الأسعار بشوية بوابير حمول تنقل بضايع وتبيع من حوله بالطريقة ذي فهذا هو عشم إبليس في الجنة لأنه هذي الطريقة مجربة من أيام حامورابي كانوا من بعد خروج الانجريز من عدن يجربوا ويفكروا ويجتمعوا ويوصلوا إلى الحل فيؤسسون قطاعات عاماً على أساس انه يشتغل ويترك غيره يشتغلون وكل واحد يبيع بالسعر اللي يخارجه.. مشت الأمور قليل لكن بعدين الشيطان شاطر قالوا في وسواسهم الخناس للنفس:«ليش عاد نمشي على مراحل؟ ليش ما نكبسش على الكنينة كلها؟ يا الله اليوم خلونا نسويها ولو نشتي با نقدر قولوا بسم الله .. وكانوا يجلسون على سوم (حاجز ترابي) يناقشون ما توصلوا إليه من قرارات بوضع اليد على التجارة الداخلية والخارجية والملكية الخاصة بالأرض وايلولة كل شيء إلى اسم كبير هو الدولة من خلال مؤسساتها.. طيب كيف با نسوي بالمدكن الصغير هذا؟ رجعوا للهم من جديد وللتفيكر وإلى الجلوس على نفس السوم فجاءت الفكرة وكأنها إلهام نزل عليهم من رأس الشجرة: انه القطاع العام! نعم انه القطاع العام.. قاموا من على السوم ونفض كل واحد منهم مؤخرته من التراب وهو يشعر باللذة للدخول إلى المستقبل الموهوم .

ذلحين زاد الزايد.. ليش نحنا هكذا دائماً إما يكون الدكان عندنا مليان إلى التختة أو يكون مافيبوش أي حاجة حتى ورق التواليت.. با اجتهد بالقول انه النظام السابق (أيام بريجنيف يعني) ماكانش يشتي أي انشغال بحركة البيع والشراء والتجارة الداخلية ودكاكين البيع والشراء وغيرها من الأشياء التي يعتبرها خزعبلات.. فكانت التجارة محصورة للقطاع الخاص في حاجتين اثنين : -1 إما انك تجزع وتشوف الدكاكين مفتوحة وفارغة إلا من الحاجات اللي ماتشتيهاش 2- وإما انك تجزع وتشوف الدكاكين مبندة يعني مغلقة يعني مقفولة .. الباقي كله ملك للقطاع العام الذي هو ملك للدولة.

أجينا ذلحين على أيام الوفرة والحرب التجارية وطحين الطحين.. كل شيء موجود ومتوفر وحاضر للتسليم من الألف إلى الياء إلى المليون إلى المليار.. كل شيء موجود من الإبرة إلى الصاروخ.. وذا كلام مش مجازاً يعني بل حقيقياً المهم هو: هل معك فلوس اللي هي الزلط يعني بكلام هذا الوقت وكم معك عسى الله وأيش تشتي وأيش نهب لك وأيش نجيب لك.. برغم كل ذا أنا أشوف انه موضوع التجارة الحرة عندنا هذا فيبه كذا نوع من الدربكة.. كثير دربكة وفي كثير شك بأنه التجارة عندنا حرة لأنها لو كانت حرة ما با تحتاجش إلى حرب تجارية والمؤسسات التجارية با تمارس عملها التجاري بطريقة سلمية وحضارية وما با تحتاجش إلى مناطحة غيرها من المؤسسات التجارية.. والمؤسسات التجارية العملاقة ما با تحتاجش إلى قضم أو حتى التهام الوكالات التجارية المتوسطة والصغيرة واللي على قدر حالها.

الشغل التجاري في بلادنا أصيب بالسعار وأصبح زي محيط البحر اللي السمك الكبير فيه يأكل الصغير.. وإذا كان بعض الناس يتوهمون أن القطاع العام قد انتهى فإنهم واهمون لأن كل ماهنالك أننا بروزنا لكم العناوين وفننا التفانين وطلعنا التساعير علشان ينتقل إليكم أنتم أيها المواطنون السعار فتتحركشوا وتخرجوا كل ما في جيوبكم.. واللي ما يلاقيش في جيبه فلوس يصاب بالسعار المالي فيخرج مسعوراً باحثاً عن وسيلة يخرج بها فلوس من الأرض وإلا من السماء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى