الهروب من القنابل وانقاذ السلاحف في مقديشو

> مقديشو «الأيام» سهل عبدالله :

>
استقل سيارة تقل عددا من الصحفيين العائدين من جنازة زميل قتل قبل ساعات في مقديشو لادائه وظيفته,لم نبتعد كثيرا حين هز انفجار سيارتنا لتصبح قطعة من اللهب واحاط بنا الدخان الاسود وشعرت بجسمي ينتفض وجرح غائر في عنقي.

وبينما احاول الخروج من وسط الانقاض المحترقة تساقط الدم من اصابعي التي رفعتها إلى حنجرتي.

كانت قنبلة فجرت من خلال جهاز تحكم عن بعد وغالبا مايكون الموت عشوائيا في مقديشو ولكننا كنا مستهدفين في هذه الحالة.

ووسط الفوضى والالم تفحصت المحتشدين بحثا عن طبيب للمساعدة وربما القاتل.

وترقد جثة صديقي الصحفي علي ايمان شرمركي مؤسس مؤسسة هورن افريك الاعلامية المحلية بجوار حطام السيارة.

وأضحى الصومال واحدا من اخطر الاماكن للصحفيين على وجه الارض وقد امضيت العام الماضي هناك واقمت في منزل اسرتي خلال بعض من اسوأ اعمال عنف تضرب مقديشو في العقدين الاخيرين.

ورأيت عددا لا يحصى من الجثث المتفحمة في منازل خاوية وجثثا لمسنين في التسعين من عمرهم واطفالا تقطعت اوصالهم. ورايت زملاء يموتون وهميحاولون ايصال مايحدث في الصومال للعالم الخارجي الذي انهكته بالفعل الحروب في العراق ودارفور وافغانستان.

وترك النزاع الذي يمزق البلاد منذ الاطاحة بالدكتاتور محمد سيد بري في عام 1991 البلاد في حالة من الفوضى ودمرت مقديشو جراء تمرد قادة اسلاميين ضد الحكومة والجيش الاثيوبي المتحالف معها.

وكثيرا ما تساءلت انا وزملائي في الصومال عن سبب ممارستنا هذا العمل وترك البعص حياته واسرته في الغرب وفي حالتي في كندا.

وكثيرا ما تبادلت انا وعلي توجيه هذا السوءال لبعضنا بعضا اذ انه مثلي يحمل جواز سفر كنديا وكان يعتقد حتى اخر لحظة انه يمنح الصوماليين فرصة للتعبير عن انفسهم.

ولكل اسلوبه في التكيف واعتادت مجموعة متنوعة من الصحفيين الاختباء داخل منزلي في مقديشو وكانوا يسخرون من تمضيتي ساعات طويلة يوميا وانا استمع لجون كولترين وانا مغمض العينين متناسيا كل ما حولي.

وحين توقظنا اعمال العنف قبل الفجر ارعى حديقتي حيث زرعت 72 نوعا جديدا من النباتات. وكان الاسترالي في المكتب الرئيسي في نيروبي يطلق علي اسم "البستاني الوفي".

وفي احدى المرات حملت سائق سيارة اجرة ليساعدني على مضض على انقاذ سلحفاة حاصرها تبادل اطلاق النار في احد شوارع المدينة,وتبنيت السلحفاة.. فانا احتاج لان اوفر الحماية لكائن ما وسط هذا الخطر.

وحين رويت لابني ليبان 11 عاما عن الزراعة والسلحفاة ومسقط راسه بعث لي رسالة نصية جاء فيها "والدي هل انت واثق من ان هذه القنابل لم تؤثر على عقلك؟"

وانا اترنح بجوار حطام السيارة في مقديشو في 11 اغسطس آب وتملكني شعور جارف بانني قد فقدت عيني اليسرى وانني سانزف حتى الموت وان من فجر القنبلة يقف بالجوار جاء احد المواطنين لانقاذي.

وتعرف الرجل على جثة علي وقال انه لولا مساعدة الصحفي له في اوقات الشدة لكان مشردا اليوم.

ونهرع بسيارته لمستشفى المدينة إلى حيث حملني والدي طفلا ليفحصني طبيب ايطالي.

يقود السائق السيارة مسرعا بينما اقول له انني لا اريد ان افقد حياتي في حادث سيارة وانا في طريقي إلى المستشفى.

وهذا العام كسبت ود الاطباء والمرضى في المستشفى حين وبخت الصحفيين لتطفلهم قائلا "ستحتاجون هؤلاء الاطباء في يوم من الايام كي يخيطون جراحكم."

والان حين احتجت للمساعدة يعاملني الاطباء المثقلين بالعمل بنفس العناية الفائقة مثل الاف اخرين من الجرحي رايتهم يحملون لغرف الطواريء.

واقيم حاليا مع اسرتي في كندا ولا اعلم ماذا سافعل.. اذا ما كنت ساعود.

ويواجه الصحفيون في الصومال خطرا اكثر من اي وقت مضى ولكن اذا غادرنا جميعا فلن يتبقى من ينقل ما يحدث هناك. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى