«الأيام» في ماليزيا مملكة الأحلام ..شبام حضرموت وعامرية رداع كيف ولماذا حصلتا على جائزة الآغا خان؟

> «الأيام» علوي بن سميط:

>
م. عمر عبدالعزيز يصافح رئيس الوزراء الماليزي والأمير الاغا خان لتسلم جائزته
م. عمر عبدالعزيز يصافح رئيس الوزراء الماليزي والأمير الاغا خان لتسلم جائزته
كل ثلاث سنوات ومنذ ثلاثين عاماً تنظم أسرة الآغا مسابقة دولية لأفضل المشاريع التي تعنى بالعمارة القديمة وذات الطراز التقليدي أو الحديث على مستوى العالم الإسلامي والمجتمعات الغربية، وفي كل دورة تنعقد في دولة من الدول تعلن المشاريع الفائزة، وهذه المرة العاشرة انعقدت في كوالالمبور وتنافس 334 مشروعاً وتصميماً معمارياً لمدارس وحدائق وساحات وأبراج ومدن وقلاع من مختلف دول العالم، ودعيت «الأيام» من بين ثلاث صحف عربية ونحن الصحيفة اليمنية الوحيدة التي حضرت وراقبت فعاليات جائزة الآغا خان الدولية.

منذ أن تطأ قدماك العاصمة الماليزية تقرأ سريعاً - إن كنت تعلم أن عمر هذه البلاد 50 عاماً من حيث الحداثة والنمو المضطرد، أما العمر الزمني فهي موغلة في القدم تتناثر على أرضها الغابات والمستنقعات وتحكمها أسر وسلطنات ومنذ 1957م (عام الاستقلال) استيقظ الماليزيون وأنشأوا مملكتهم الواحدة - مع هذه المعلومات الأولية التي تعرفها تقرأ الصورة الحالية للعاصمة التي جمعت مختلف الأعراق والأديان بتساو، ويتأكد لك أن عملاقاً نهض بقوة من على أطراف آسيا حتى المحيط ليرسم صورة تنمية للإنسان أولاً ليناطح الدول المتقدمة ليس ببرجيه التوأم والأعلى في العالم حتى اليوم، بل يتحدى الماليزيون بالتكنولوجيا والتقدم العمراني والعلم بخصوصية مزجت بين ثقافتهم الوطنية وثقافة الغرب، الإيجابية منها بالذات، فأضحت المملكة الماليزية في مصاف البلدان المتقدمة في زمن قصير على الرغم من تصنيف البعض لها بأنها في قائمة البلدان النامية! ولكن يبدو أن الأحلام جزء كبير منها يتحقق في ماليزيا، التي يعتبر الإسلام الديانة الرئيسية فيها، وقبل أيام احتضنت كوالالمبور مهرجان جائزة الآغا خان للعمارة متزامناً مع الذكرى الخمسين للاستقلال، وتوافد إليها 250 ضيفاً دولياً بدعوة من لجنة الجائزة، منهم مهندسون وأساتذة جامعة وآثاريون ومؤرخون وكتاب وإعلاميون وصحافيون من اليمن، مصر، الولايات المتحدة الأمريكية، بنجلادش، بريطانيا، الهند، سويسرا، باكستان، اليابان، فرنسا، ألمانيا، والبرتغال.

وهيأت لجنة الجائزة لهؤلاء الضيوف برنامجاً حافلاً لزيارات معالم العاصمة بواسطة أشهر الوكالات السياحية الماليزية يومي 4-3 سبتمبر الجاري، وفي الساعة الثامنة مساء بتوقيت كوالالمبور (الثالثة عصراً بتوقيت اليمن) يوم الثلاثاء 4 سبتمبر اكتظت قاعة الاحتفالات في أحد برجي بتروناس التوأم وبحضور مئات من الاختصاصيين والضيوف ومسئولين حكوميين من قبرص واليمن وكينيا والبرتغال وسنغافورا وبوركينا فاسو وطاجكستان وسفراء الدول العربية والإسلامية بماليزيا، وبدأت مراسيم إعلان الفائزين التسعة الذين أقرتهم لجنة التحكيم، وعزفت فرقة موسيقية مقطوعة من الفن الآسيوي ثم ألقى سمو الأمير كريم آغا كلمة عن مؤسسات الآغا الثقافية والتنموية مرحباً بالضيوف، شاكراً حكومة ماليزيا على احتضانها الدورة العاشرة. ثم ألقى السيد عبدالله أحمد بدوي، رئيس الوزراء الماليزي كلمة رحب فيها بضيوف الآغا خان معتبرا إياهم ضيوفاً للشعب الماليزي، مشيداً بهذه الجائزة الدولية للإبداع المعماري.. ثم عرض فيلماً وثائقياً عن اجتماعات لجنة جوائز الآغاخان ومقرها جنيف وهي تتفحص الطلبات المتنافسة حتى تم اختيار التسعة، ثم اعتلى السيد فروخ دركشني، رئيس اللجنة منصة الحفل ليعلن المشاريع التسعة الفائزة من بين أكثر من ثلاثمائة مشروع في العالم تقدم لذلك، وبدأ في الإعلان تسلسليا:

-1 ساحة الصحفي سمير قصير في لبنان، -2 مدينة شبام حضرموت، -3 مبنى السوق الكبير والمركزي في بوركينا فاسو، -4 جامعة التكنولوجيا التابعة لبتروناس بماليزيا، -5 جامع العامرية في رداع، -6 عمارة (برج) سنغافورا ، -7 مبنى سفارة المملكة الهولندية بأديس أبابا، -8 مدينة نيقوسيا القديمة بقبرص، -9 مبنى مدرسة منطقة رودار قور دناكور بنجلادش.

وقبل إعلان كل معلم معماري يبث لمدة دقائق فيلم عنه يحكي أعمال الترميمات وصورة له قبل وبعد الترميمات، ويتقدم لاستلام شهادات الجوائز الجهات الأهلية أو الحكومية أو المنظمات التي شاركت وساهمت سواء بالتصميم أو التنفيذ المباشر أو التمويل، وعن شبام حضرموت تقدمت السيدة أورسلا إيجل، المديرة السابقة لمشروع التنمية الألمانية الحضرية في شبام، ثم السيد عمر عبدالعزيز الحلاج، المدير الحالي لمشروع التنمية الحضرية والحفاظ على التراث المعماري بشبام والسيدة ماريا شيفر، من مؤسسة التعاون بالمانيا باعتبار المشروع يتبع g.t.z في شبام ثم السيد عبدالله الديلمي عن الصندوق الاجتماعي اليمني الذي يمول المشاريع في شبام حضرموت، د. عبدالله زيد عيسى، رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية باعتبار فرعها بشبام قدم وحدة هندسية لبرنامج الترميمات ثم المعلم سالم عوض مسونق، رئيس جمعية حماية عمارة الطين بشبام باعتبار الجمعية بعمالها ومعالمتها تنفذ ميدانيا معالجة وتأهيل المنازل القديمة، وعن جامع رداع العامرية تقدم السيد عبدالكريم الإرياني، المستشار السياسي لرئيس الجمهورية وباعتباره متابعاً للمشروع منذ أن كان رئيساً للوزراء، د. سلمى الراضي، المشرفة على المشروع وأستاذة الآثار الأمريكية بمعهد نيويورك، د. يوسف محمد عبدالله، آثاري وكان من فريق المشروع، د. عبدالله باوزير، رئيس هيئة الآثار والمتاحف والمخطوطات، م. يحيى النصيري من فريق مشروع العامرية الذي عمل منذ بدء الترميمات حتى انتهائها، بمعنى الجهات أو الأفراد المباشرين في حماية أو تنفيذ مشروع الحماية للمدينة أو المعلم القديم وأثر نتائج التنفيذ على المجتمع، وقد صفقت القاعة طويلاً للمعلم مسونق الذي تقدم لنيل شهادة الجائزة من السيد رئيس وزراء ماليزيا والآغاخان وهو يرتدي الزي الشعبي الحضرمي.

وفي اليوم الثاني أقيمت محاضرات للمشاريع الفائزة، حيث تحدث م. عمر عبدالعزيز عن المشروع الألماني بشبام والشراكة المحلية ودور المشروع في تأهيل المدينة، مؤكداً أنه لولا أبناء شبام لما نجح المشروع، وقال إن برنامج حماية بيوت مدينة شبام القديمة مستمر، أما د. سلمى الراضي فتحدثت عن جامع العامرية برداع.

كيف تحصل على الجائزة؟ يمكنك أن تتقدم ولو بمنزلك للتنافس على جائزة الآغاخان من حيث عمارته وتاريخه ومواد بنائه أو تتقدم بمعلم في مدينتك وكيفية الحفاظ عليه وتأهيله، ثم تجمع لجنة الجائزة هذه المشاريع وتخضع للتدقيق ثم ترسل لجاناً مختصة ومهندسين دوليين إلى المشروع المتقدم في أي دولة، ثم تجتمع لجان التحكيم وتستغرق هذه العمليات مدة عام تقريباً إضافة إلى إرسال مصورين فوتوغرافيين وتلفزيونيين لتصوير المشروع المتقدم.. وفي هذه الدورة العاشرة فإن أكثر من ثلاثمائة مشروع تقدم وفازت تسعة فقط، وقيمة الجائزة نقديا 500 ألف دولار تقدم لكل الفائزين، أي أن الخمسمائة ألف توزع على المشاريع التسعة وربما ليس بالتساوي وهذا الأمر يعود للوائح الجائزة.

ماذا قالوا عن فوز شبام والعامرية؟

عقب استلام شهادات الفوز أقامت مؤسسة الآغا خان حفلاً فنياً للرقص الشعبي الماليزي المتنوع على شرف الضيوف.. «الأيام» سألت د. عبدالكريم الإرياني عن شعوره بنيل اليمن جائزتين من أصل تسع، وهي حالة تحصل لأول مرة، فأجاب:«شكرا لكم.. ولا شك أن التراث اليمني في جميع أنحاء البلاد هو من أروع التراث الإسلامي، فالمعلم الإسلامي (العامرية) الذي يزيد عمره عن 500 عام من أهم المعالم الإسلامية في بلادنا، وكذلك فإن مدينة شبام حضرموت من المعالم النادرة في العالم ولا يوجد لها نظير وأسست قبل الإسلام ومبانيها الحالية القائمة تزيد أعمارها عن مئات السنين، وروعة شبام أنها بنيت بمواد محلية من بيئة وادي حضرموت وقد جرى ترميم الكثير من مبانيها ونأمل استكمال بقية المباني، ولهذا فإن تسع جوائز من الآغاخان الدولية نال اليمن منها جائزتين شيء نادر فعلاً، ولكنه أكبر دليل على التراث الإسلامي التاريخي في اليمن».

ويقول د. محمد المفلحي، وزير الثقافة: «حصد اليمن جائزتين دوليتين يعبر عن أننا بلد يمتلك من الإمكانيات ما يؤهله أن يكون في مقدمة البلدان الإسلامية ثقافياً، ولا شك أن التراث بتنوعه وبإمكانياته الهائلة جداً يمكن أن يشكل لبلادنا مورداً رئيسياً من الموارد الاقتصادية.. وفيما لو استثمرنا هذا التراث الذي ربما لا نعطيه القيمة الكبيرة كما يعطيه الآخرون يمكن أن يشكل لنا موردا رئيسيا لتطوير السياحة الثقافية».

سعادة السفير اليمني في كوالالمبور د. عبدالناصر علي منيباري تحدث لـ«الأيام» عن شعوره قائلاً: «الشعور لا يوصف، شعور بالسعادة، بالفخر، بالاعتزاز، فاليمن مهد الحضارات وليس غريباً أن نفوز بجائزتين طبعاً هذا نتيجة جهود متواصلة لأفراد المجتمع والدولة والمنظمات الدولية وأيضاً الخبراء والمختصين الذين يثمنون ويقدرون العمل وكل ما هو عريق وقيم تاريخياًً وأثرياً، وأيضاً أنقل لك شعور زملائي السفراء فشعورهم غير عادي، شعروا بعروبتهم بشكل مميز لأن اليمن مثلت بجائزتين عاليتي المستوى بشبام وبرداع، واليوم عصراً (يوم الأربعاء 5 سبتمبر) التقيت برئيس الوزراء الماليزي وأشاد معاليه بالجائزتين اللتين حصلت عليهما بلادنا، وذلك إن دل على شيء فإنه يدل على أن اليمن والحمد لله غني وثري بآثاره وبعراقته، وأتمنى أن تحصد بلادنا المزيد من الجوائز في الدورات القادمة».

ونواصل في «الأيام» في أعداد قادمة انطباعات ومشاهدات من مملكة الأحلام الماليزية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى