سقوط السلطة في هاوية القمع دليل ضعفها لا قوتها

> محمد عبدالله باشراحيل:

> في الحقيقة خلال زيارتي العلاجية الأخيرة للأردن وبعد إجراء الفحوصات الطبية، نصحني الأطباء باللجوء الى الراحة التامة والابتعاد عن كل ما قد يسبب الانفعال ويرفع الضغط أو يقلق البال، إذا ما أرادت تحسين أوضاعي الصحية وعدم تعريض نفسي للمخاطر، ولكن ما إن عدت إلى عدن ووجدت أن البلاد بأسرها وبالأخص المحافظات الجنوبية قد صار الحال فيها من سيء إلى أسوء، وبعدما سمعت وقرأت عنها وجدت نفسي ملزماً أن أغض النظر عن نصائح الأطباء وان أسجل موقفاً على الأقل بكلمة، بعد أن تجاوزت السلطات الأمنية الخطوط الحمراء واخترقت القوانين والأعراف الديمقراطية وذلك بإطلاق النيران على مسيرات سلمية وسقوط قتلى وجرحى بحضرموت والضالع، وقبلها تم التهجم على الأخ المحامي القدير ونقيب المحامين السابق محمد محمود ناصر وأبنائه وسحبهم إلى مركز الشرطة بطريقة مهينة وتعرضهم للضرب، وكذا ما حصل من قرصنة للزميل العزيز والكاتب البارز أحمد عمر بن فريد من قبل قوى أمنية أخذته إلى مناطق نائية صحراوية خارج بئر أحمد ورمته فيها متروكاً وحيداً لتفترسه الذئاب بعد منتصف الليل، إضافة إلى تعرض زعامات سياسية واجتماعية جنوبية إلى حملة اعتقالات مثل الأخ حسن باعوم عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني والأخ ناصر النوبة رئيس مجلس التنسيق لجمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين و ما جرى للأخ أيمن أحمد أمزربة ومطاردة العميد محمد عبدالقادر باراس بحضرموت وغيرها من الانتهاكات الهمجية والأساليب اللاإنسانية، ونحن بدورنا نستنكر ونشجب وندين بشدة كل الممارسات المشينة للنظام وخروقه للقوانين والدستور واغتياله للديمقراطية التي يتشدق بها، غرابة هذا النظام الحاكم أنه يعلن عن إيمانه بالديمقراطية عندما يريد استخدامها لصالحه، ويرفضها ويرفسها برجليه عندما لا تروق له، فهو يدخل الانتخابات الرئاسية والمحلية باسم الديمقراطية ويحصد أصوات الناخبين بطريقته - التي لسنا بصدد الخوض في تجاوزاتها- ويعلن نجاحه ونجاح برنامجه الانتخابي على أساسها، ولكن في المقابل عندما تخرج نفس الجماهير في المحافظات الجنوبية مثلا في اعتصامات ومسيرات سلمية تعبر فيها ديمقراطياً وبصوت عال عن استيائها من الظلم الجائر الواقع عليها ومطالبة بحقوقها، فإن النظام يعتبر هذا الشكل الديمقراطي الحضاري والشائع دولياً مرفوضاً ويواجهه بالهراوات والاعتقالات وإطلاق النيران وسقوط قتلى .

و بصراحة لقد كشف النظام عن أقنعته وأكد على تبنيه الفكر القبلي القائم على الهيمنة على مفاصل السلطة والبسط على الأرض والثروة دون أن يملك مشروعاً حضارياً في إطار دولة القانون والمؤسسات.

وختاماً أن ما جرى ويجري في البلاد لا يمكن السكوت عنه ومطلوب من كل القوى الخيرة فيها التصدي له بقوة بتلاحم وطني بغية حماية مستقبل البلاد المهدد بالمخاطر. ويا أخي لقد جاوز الظالمون المدى وإن استعراض القوة في مواجهة المسيرات السلمية ليس دليلاً على قوة السلطة بل العكس فهو دليل على ضعفها وعجزها. أما نحن فسنظل نطالب بحقوقنا المشروعة بشتى الوسائل السلمية مهما طال الزمن، لأنه كما يقال «ما ضاع حق وراءه مطالب» ورمضان كريم .

كبير خبراء سابق بالأمم المتحدة

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى