متطلبات المرحلة

> د. هشام محسن السقاف:

> التوصيف الأدق لوضعنا اليمني الراهن شبيه بحال الوطن عشية الحرب الكارثية في 1994م، واستسهال الحالة أو غض البصر والبصيرة عنها هو هروب إلى الكارثة نفسها، أما اختيار العلاج على طريقة العرب بمقولتهم الشهيرة آخر العلاج الكي وبتسجيل مواقف مسبقة كما رأيناها عند الأخ عبدالقادر باجمال مؤخراً وحتى قبل أن تستنفد الطرائق الناجعة لعلاج أزمة تمس البنى الاجتماعية والسياسية في الوطن برمتها عن طريق الحكمة والروية والحوار المنفتح على الجميع أو حتى بنفس عبارة فخامة الأخ الرئيس الأثيرة (معالجة مشاكل الديمقراطية بمزيد من الديمقراطية)* وليس عن طريق تسليح المليشيات وغيرها هو أمر شديد الخطورة، فالتصعيد بمزيد من القمع والتغييب الديمقراطي ليس هو مفتاح الحل حتى وإن أدى هذا التصعيد إلى فرض حالة من الطاعة القسرية بحيث لا يبقى إلا الصوت الواحد والرأي الواحد، وبقاء المشهد الذي انتفض الناس عليه وسوف ينتفضون عليه مرة أخرى وأخرى ولو بعد حين، فمظاهر الاحتجاج من صعدة إلى المهرة مروراً بصنعاء وتعز وعدن إلى حضرموت يجب أن تضع أجندة وطنية واضحة للحكم والمعارضة ولجميع التعبيرات الأخرى من منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية والثقافية والإعلاميين للنظر في أمور الوطن انطلاقاً من الحقائق الماثلة وليس قفزاً عليها أو تجاوزها أو بمنطق العزة بالإثم الذي يسيطر على عقليات بعض الذين يرون في تسجيل المواقف المسبقة من منافذ التأزيم والتفجير وبمنطق (ملكي أكثر من الملك) مدخلاً للشخصي منفعة وحظوة عند صانع القرار وبأكثر إيثار من الوطني الذي يجب أن يُسجل بالرأي الحصيف والنصيحة المخلصة والاستشارة الصادقة لصانع القرار ومن ثم للوطن ككل، وهو ما يفرض نشوء حالة وطنية جديدة تتجاوز المنطلقات الضيقة حزبية كانت أم سياسية أم أيديولوجية إلى ما هو أرحب وأوسع وأشمل بمستوى وحجم الوطن لوضع مداميك جديدة لسيرورة الوطن بالإتيان على مكامن الخلل الذي شوه الحياة العامة وزعزع الثقة في النفوس وصادر كل جميل في حياة جيل الوحدة، وحتماً ستنتصر الإرادة الجمعية الوطنية الناشدة يمناً جديداً فيه الكرامة والحرية والديمقراطية والتنمية الحقيقية، وتنتفي منه فزاعات الخوف وسرطانات الفساد ونفوذ قوى الظل والحرس القديم.

إن هذا الأمر متروك للإرادات الوطنية الواعية والمقتدرة لحجم الأزمة والناشدة الخير والصلاح للوطن وفي المقدمة فخامة الأخ الرئيس ومعه كل الخيرين في الوطن بغض النظر عن الانتماءات الضيقة، وهو ما يستوجب العمل بفريق وطني واحد ضمن الصيغة التي يتفق عليها لتشخيص الحالة ووضع المعالجات الحقيقية لها، والبدء في مرحلة جديدة من المراحل الوطنية عنوانها الأكبر الحرية والديمقراطية وسيادة القانون.

* آخرها خطاب فخامته بمناسبة مرور عام على الانتخابات الماضية وإعادة انتخابه رئيساً للجمهورية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى