«الأيام» في ماليزيا مملكلة الأحلام ..اليمنيون يطمحون لبناء مدرسة عربية

> علوي بن سميط:

>
عمارة ومبنى الشؤون والمركز الإسلامي في العاصمة
عمارة ومبنى الشؤون والمركز الإسلامي في العاصمة
ومن أسباب نجاح ماليزيا ونموها الانفتاح على العالم وتقديم فرص للاستثمار بتسهيلات أكثر مما تقدمها عدد من الدول الآسيوية التي تشهد سباقاً معها ويصفون ماليزيا بأحد النمور الآسيوية إلا أنها نمر يثب وثبات سريعة ناجحة والزائر يشاهد نهضة على النهضة القائمة. خروجك أو عودتك من وإلى مطار كولالمبور وعلى بعد نحو ساعة أو أقل تتوقف منبهراً أمام مدينة حديثة بكل المقاييس إنها (بتروجايا) ويقع فيها المباني والحكومة ويتحدث الكل بأنها سوف تكون عاصمة المستقبل واليوم هي عاصمة إدارية.

معبد هندي بوسط العاصمة
معبد هندي بوسط العاصمة
وبتروجايا هذه جزء من أفكار الماليزيين ومستوى نظرتهم للمستقبل بل اهتمامهم بالسكان ففيها (12) حديقة متنوعة وأهم معالمها البحيرة الصناعية التي تزيد مساحتها على أكثر من 650 هكتاراً ومسجد ضخم يتسع لأكثر من 15 ألف مصل وتعج بتروجايا بالحركة والهدوء وقابلة للتطوير وتخطيطها الحالي يجعل منها منطقة المستقبل في الوقت الحاضر ويمكن ملاحظة الطابع والنمط المعماري الإسلامي حاضراً حتى تصميم الجسور ناهيك عن المباني ولا يرى معتنقو الأديان الأخرى أو الأقليات أي تنام للهوية الإسلامية على الأقل ظاهرياً طالما وأن أي أنشطة ستخدم مجتمعهم فمثلاً احتضنت كولالمبور في الشهر الماضي الدورة (49) لمسابقة تلاوة القرآن الكريم وبحضور ملك البلاد ميزان زين العابدين الذي تحدث في هذا المحفل مشيراً إلى أن من أسباب تقدم ماليزيا الدين الإسلامي بقوله:«إن دخول الإسلام إلى هذه البلاد واتخاذه ديناً رسمياً ساعدها على أن تصبح دولة متقدمة في جميع المجالات».

برجا بتروناس (التقطت الصورة في النهار)
برجا بتروناس (التقطت الصورة في النهار)
إن أكثر ما استوقفني شخصياً وانبهاري تجاه هذه البلاد على الرغم من الفترة القصيرة التي مكثت فيها هو أن الماليزيين قدموا نموذج الإسلام الحق وعندما يتحدث القادة عن الإسلام باعتباره نهجاً للحياة أيضاً فإنهم يتحدثون بربط الأقوال وتأكيدها بالأفعال لا يقولون أو يرددون في المحافل بتعال أو الاتكاء على الإسلام وتأثيره النهضوي في زمن غابر في أوربا أو للتفاخر بل لطرح روح الإسلام وحلوله لكل مشاكل المجتمع وخصوصاً الاقتصاد بعيداً عن الرياء والتزمت ومع هذا فإن الماليزيين يتألمون لوضع المسلمين في العالم فيذكر الملك زين العابدين في حديثه بمسابقة القرآن الكريم:«إن ما يعانيه المسلمون في عصر العولمة من مشاكل لا حصر لها مثل مشكلة الفقر، التفرقة والاختلاف والدين وضعف العلم والمعرفة وعدم إدراك المفاهيم الحقيقية للتعاليم الإسلامية يرجع إلى عدم تطبيقهم لما في كتاب الله عز وجل من تعاليم نفيسة».

حرفية للتشكيل بالمعادن والفضة
حرفية للتشكيل بالمعادن والفضة
وكما تنتشر المساجد العامرة بمرتاديها فإنها عامرة بالاهتمام المعماري وتتوفر في الأبراج والأسواق الكبيرة مصليات لتمكين زوارها من أداء صلواتهم، الإسلام دنيا ودين فالبرنامج الذي أطلق عليه رئيس الوزراء عبدالله بدوي كما أشرنا له (الإسلام الحضاري) يذكر مبيناً أنه لا يشكل تهديداً لأي جماعات عرقية بقوله:«لقد تحدثت إلى جماعات غير مسلمة وأوضحت لكل منهم على حدة المبادئ التي نتحدث عنها وسألتهم إن كانت هذه المبادئ تتعارض مع عقيدتهم سواء كانت هذه العقائد هي الهندوسية أو البوذية أم غيرها وأوضحت لأصحاب كل عقيدة هذه المبادئ وأن أياً منها لا يتعارض مع عقيدتهم».

ويضيف بدوي في أحاديته الصحفية المتعددة حول هذا البرنامج:«إننا ننظر للإسلام الحضاري بوصفه برنامجاً وليس تياراً جديداً أو ديناً فهو ليس كذلك على الإطلاق. إنه ليس أيديولوجية جديدة» بل طمأن بدوي الديانات الماليزية الأخرى في كلمة له بمناسبة بدء العام الصيني في الشهر الماضي:«ماليزيا لكل الماليزيين من مختلف الأعراق».

الصاروم الماليوي ورقصة وطنية
الصاروم الماليوي ورقصة وطنية
هذا البرنامج ليس تحسيناً لمظهر الإسلام في نظر الآخرين أو حتى العالم الخارجي إنه برنامج بهدف (إلى تحقيق التفوق والمجد والتميز) كما يؤكد عليه بدوي ومؤيدو هذا البرنامج.

التميز حتى بالداخل يظهر في ميزانية الحكومة لعام 2008م أمام البرلمان قبل أسبوعين تميزت بأن أعطت تسهيلات وإعفاءات في رسوم ضريبية خصوصاً في التعليم التي تدفع في بعض المدارس الطلبة وكذا دعم مادي بموجب معايير للطلبة المتحدرين من أسر فقيرة أو الذين لا يساعد دخل الأسر على تدريس أبنائهم (الدراسات العليا) أعلنت الحكومة تقديم منح مجانية وخفضت في مستويات متفاوتة ولحد الإعفاء من الضرائب والجمارك مجال الرياضة (الأدوات الرياضية) لتشجيع ممارسة الرياضة، وعموماً فأإن الضرائب سوف تشهد خفضاً وتقليصاً في ضريبة الشركات من نسبة %27 حالياً لتصل في 2008م و2009م إلى %25 وكذا زيادة في الحوافز المقدمة والدعم الحكومي للشركات وإدارة الصناديق الإسلامية.

ابتسامة لـ«الأيام» من بائعة مجسمات برجي كوالالمبور أبرز معالم ماليزيا
ابتسامة لـ«الأيام» من بائعة مجسمات برجي كوالالمبور أبرز معالم ماليزيا
مقومات النجاح التي ساعدت ماليزيا وتصاعد اقتصادها من بينها أيضاً إنتاج العقليات قبل كل شيء لا لتستوعب الأفكار فحسب برأيي بل للتفكير وليس التنظير إلى جانب الاستقرار السياسي فالنظام السياسي ديمقراطي نموذجي إذ تجد ولاية ماليزية بكاملها يسيطر عليها حزب إسلامي ولكنه لا يلغي بقية المواطنين أما على المستوى الفيدرالي فإن برلمان أو مجلس الشعب للمملكة الماليزية ينتخب له (192) عضواً متوافقاً مع عدد الدوائر ويضم مجلس الشورى 69 عضواً ترشح كل من الولايات الثلاث عشرة عضوين لتمثيلها فيه ويحق للملك أن يعين أعضاء من ضمن الـ69 وفق معايير أهمها فائدة العضو المعين ونتاجه للصالح العام، وسألت في ماليزيا عن أهم الموارد الاقتصادية والتجارية فاتضح أنهم يعتمدون على إنتاج وتصدير محاصيل زراعية ومنها زيت النخيل والأرز وينتحون من المطاط %35 من الإنتاج العالمي ويصدرون من صناعاتهم الإلكترونيات والحديد والصلب والأخشاب ومشتقات نفطية وكذا القصدير الذي تنتج منه ماليزيا ثلث إنتاج العالم وينظر الماليزيون بأعجاب لمفكريهم الاقتصاديين فالتصدير التجاري ليس للدول الأقل نمواً نمواً بل إلى الدول المتقدمة كأمريكا واليابان بمقابل الاستيراد المتوازن، وخلال السنوات الماضية وصل قطاع الخدمات والسياحة إلى مرتبة متقدمة في تنمية دخل الوطن عموماً وانعكاسه إيجابياً على دخل الفرد الذي تحسن وأدى إلى انخفاض الفقر بين الشعب فكما أشرنا في حلقة ماضية أن نسبة الفقر عشية الاستقلال كانت تصل من %70-50 وتتفاوت من أثنية لأخرى فتخفيض نسبة الفقر في أي دولة مؤشر على التنامي وفي مناسبات مختلفة يقول السيد علي العطاس رئيس الغرفة التجارية الماليزية بأنهم في ماليزيا قطعوا مراحل في محاربة الفقر ويستشهد بأن نسبة الفقر في الخمسينات بين الملاويين كانت %50 وانخفضت مؤخراً إلى %9 وبين الصينيين كانت %30 تقلصت اليوم إلى %1.

والتميز أيضاً هو التعليم إذ يدرس في الجامعات والمعاهد العالية في ماليزيا أكثر من 40 ألفاً من مختلف بقاع العالم وجودة التعليم تضاهي الجامعات العريقة في أوربا ومن اليمن يدرس في الجامعات والدراسات العليا العشرات من الطلبة وخلال سبتمبر الجاري قدمت أيضاً ماليزيا (50) منحة كهبة لليمنيين أعلنت في كولالمبور أوائل الشهر بزيارة د. صالح باصرة وزير التعليم العالي اليمني.

مسجد من الداخل
مسجد من الداخل
وترتبط ماليزيا بعلاقات متميزة مع العالم العربي استثمارياً وتجارياً ومع بلادنا فإن الصادرات الماليزية وصلت العالم الماضي إلى (954) مليون ريجنت وتستثمر ماليزيا حالياً في اليمن في مجال التعدين عبر شركة هندسية ماليزية، وكغيرهم من العرب فإن اليمنيين العاملين هناك يفكرون ببناء مدرسة عربية لأبنائهم ففي جلسة حفل استقبال بالسفارة اليمنية على شرف فوز شبام والعامرية بجائزة الأغاخان الدولية في كولالمبور بحضور السفير د. عبدالناصر منيباري وطاقم السفارة والمستثمر اليمني فؤاد هايل سعيد الذي يتابع إنشاء المدرسة قال إن الأعداد لأبنائنا اليمنيين كثيرة واستوجب ذلك، مشيداً بمساعدة حكومة ماليزيا في تقديم قطعة الأرض ويبدو أن المدارس العربية التي تعلم أبناء الجاليات الأخرى لا يقوى اليمنيين هناك على دفع رسوم تعليم أبنائهم فيها بل هي مستوعبة الأعداد المطلوبة.

الحديث عن ماليزيا وخطواتها السريعة نحو المستقبل لم ينته ولكننا في «الأيام» قدمنا مشاهداتنا ومتابعاتنا بتركيز ملخصين كل ما ذكرناه أو لم نذكره بالآتي:

ماليزيا نموذج إسلامي، وهي سعت للتميز والتفوق وحققت جزءاً من أحلامها في هذا المضمار، ماليزيا نموذج للاستقرار السياسي الذي جذب منافع الاقتصاد وكما هي ذات غالبية مسلمة فإنها تقبل الآخر وتعلم العالم الإسلام المتسامح والإسلام القائم على العلم، إن آسيا في ماليزيا..عفواً العالم كله اليوم في ماليزيا بمختلف الصور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى