«الأيام» تستطلع آراء عدد من المحتاجين والفقراء ممن أبت عزتهم ذكر أسمائهم حول الجمعيات الخيرية.. ما لها وما عليها

> «الأيام» سالم لعور:

> لا يختلف اثنان حول عظمة الدور الإيجابي الذي ينبغي أن تقوم به الجمعيات الخيرية من حيث تقديم خدماتها الإنسانية لقطاعات واسعة من الفقراء والمحتاجين الذين يشكلون السواد الأعظم في مجتمعنا اليمني وفي بلدان العالم النامي حيث يعيش معظم السكان تحت خط الفقر.

وعند سماعنا مصطلح الجمعيات الخيرية فسرعان ما يتبادر إلى الذهن مدى الترابط الوثيق بين ركني هذا المفهوم المركب «الجمعيات الخيرية» الذي يدل على أن الخير ثمرة من ثمرات الجمعيات وفي الوقت نفسه أن هذه الجمعيات بمثابة الوعاء الذي يجري بداخله الخير ثم يسهم في إعادة وتنظيم توزيع الخير على المحتاجين والفقراء وبسطاء الناس المعوزين ممن هم بأمس الحاجة للمساعدة ومد يد العون لهم نتيجة صعوبة العيش ولمواجهة الظروف القاسية التي تثقل كاهلهم وتعكر صفو حياة أسرهم معيشيا وصحيا واجتماعيا وغيرها.

«الأيام» حرصت على أن يكون لها حضور في مشاركةبسطاء الناس المعوزين في همومهم التي يتكرر مسلسل حلقاتها كل عام بقدوم شهر رمضان الفضيل حين يحرمهم الروتيني الممل والقاصر لجمعيات تجزئة المجزأ الخيرية من حق لهم كفلته الشرائع السماوية وقوانين الأرض الإنسانية.

انطباعات

أحد المواطنين رفض ذكر اسمه كي لا يظهر مستجدياً أحداً رغم عوزه وفقره وحاجته قال: «الجميع يعرف أن غالبية السكان بمديرية لودر يعيشون تحت خط الفقر ومستواهم المعيشي متدن كما ظهر ذلك في التقرير التنموي الذي قام بإعداده فريق اللامركزية والمجلس المحلي بالمديرية بالرغم من وجود شبكة الأمان الاجتماعي وصرف الإعانات إلا أن تلك الهبة (الإعانة) التي تتراوح بين 1000 - 3000 ريال لا تغني ولا تسمن من جوع في الوصول إلى الحدود الدنيا لمواجهة آفة الفقر التي يعاني منها السكان.

وعلاوة على ذلك فإن الجمعيات الخيرية هي الأخرى لم تقم بالدور الواجب عليها أن تلعبه من أجل إيصال الخير إلى المحتاجين، الذي لا يصل منه إلا القليل كونه يتعرض للقطع والسلب والنهب والتقاسم خلال مراحل الإجراءات الروتينية المملة التي يمر بها من مصادر تمويله مرورا بالجمعيات وفروعها وحتى عناصر الحلقة الأضعف من المستفيدين (الضحايا) المستحقين أو حتى غير المستحقين الذين تمنحهم هذه الجمعيات حقاً بالباطل».

ومواطن آخر تحدث قائلا:

«لا نجد مبرراً إزاء نكوص الدور المشلول للجميعات الخيرية على كثرتها بعد أن صارت فارغة المحتوى من حيث تحقيقها للأهداف المنوطة بها إذ يلمس المرء أن هذه الجمعيات تدار بطريقة من قبل القائمين عليها الذين يسخرونها على أسس حب الذات والأنا والأقربين لهم وحرمان عامة الناس من المستحقين لخير هذه الجمعيات التي صارت بمثابة (بقرات حلوبة) يستفيد منها القائمون على هذه الجمعيات دون وازع من الرحمة أو الإنسانية أو الضمير».

واستطرد قائلا:

«أليس من الأحرى بالقائمين على الجمعيات الخيرية أن يفكروا ملياً للبحث عن مصادر تمويل تعود بالنفع على المحتاجين والمعوزين من الناس كالتنسيق مع البيوت التجارية الكبيرة والأسر المعروفة بتقديم الخير والإحسان من معونات (مساعدات) كأسرة (هائل سعيد) التي تقوم بتوزيع الزكوات بإشرافها على جميع الناس في محافظات عدن وتعز والحديدة وغيرها، هذه الأسر المعروفة بسخائها في التكفل ببناء المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية والمساجد وغيرها من الأعمال الخيرية الإنسانية».

ومواطن آخر يرى أن دور الجمعيات قد اقتصر على توزيع الهبات بعد تجزئتها إلى فتات لا ينفع من يمنح له قال:

«من بين أهم وأبرز أهداف الجمعيات الخيرية إصلاح ذات البين إلا أننا نلاحظ غياب مثل هذا الدور عن الجمعيات ولم نسمع أن جمعية خيرية إلا فيما ندر قامت يوماً ما بحل خلاف بين أسرتين أو جارين أو أطراف نزاع وما أكثرها حيث إن بعض هذه النزاعات تصل لدرجة الاقتتال بين الأطراف وعلى أبسط الخلافات ومنها الأسرية أو الاجتماعية أحيانا بينما كان بالإمكان تدارك وإخماد مثل تلك الشرور في مهدها بتدخل مثل هذه الجمعيات ويحق لنا أن نتساءل هل السبب في غياب مثل هذا الدور هو عدم أهلية القائمين على هذه الجمعيات للقيام بدور إصلاح ذات البين أم أن ما يشغلهم هو أكبر من هذا ألا وهو مسألة الكسب المادي والبحث عن فرائس وضحايا جدد من الداعمين تضاف إلى ضحاياهم السابقين، والذي سرعان ما تنقشع سحاباته لينظر على السطح عند أدنى منعطف أو خلاف بين أعضاء الهيئة الإدارية والتي تتجاوز أحيانا مبنى الجمعية وإطار هيئاتها وتخرج فضائح الخلافات إلى الشارع والنيابات والمحاكم».

وأضاف قائلا:«من أبرز عيوب الجمعيات والداعمين لها أنها تبدأ أكثر ديمقراطية وأكثر إقبالاً على الناس بهدف ضمان التأسيس ومشروعية وحيازة الاعتراف والإشهار وامتلاك الورق الرسمي والختم ثم لا تلبث أن تتحول إلى ديكتاتورية وهيمنة في الممارسة وحصر الصلاحيات والاستحواذ على الأموال والهبات من قبل أشاص في الهيئة الإدارية وما عداهم للحضور الشكلي والصوري فقط».

أحد المحتاجين يرى أن دور الجمعيات الصغيرة ذو جدوى أفضل من الجمعيات الفضفاضة الأسماء قال متحدثاً:

«غالباً ما تكون الجمعيات الخيرية الواسعة النطاق محصورة بكلمتي (التكافل والتعاضد) الاجتماعي تحت هذا المسمى مع فارق المحدد الجغرافي أو الاسم حتى لا تتكرر كالإحسان الحكمة، البر، الرحمة وغيرها من المسميات التي تدغدغ مشاعر أهل الخير لكن هذه الجمعيات لا تمثل إلا صفراً على الشمال في صعيد الواقع العملي في تقديم خدماتها للناس بل إن بعضاً منها قد أغلقت أو أصبحت عاجزة حتى عن دفع إيجار مقرها ولا تمتلك سوى الورق والختم الرسميين في ظل سكوت تام لجهات الاختصاص، هذا جانب والجانب الآخر نرى أن تكوين الجمعيات الصغيرة هو أفضل بكثير من تكوين الجمعيات الكبيرة ذات الأسماء الفضفاضة التي لا تفي بالالتزامات تجاه كل المستحقين للهبات في المنطقة الجغرافية الواسعة الواقعة في نطاقها والمترامية الأطراف اذ توكل توزيع الهبات والعطايا لأشخاص تأخذهم العواطف إلى أقاربهم وأبناء جلدتهم على حساب شرائح واسعة بأمس الحاجة لهذه المساعدات في حين نلحظ نجاح الجمعيات الصغيرة المحصورة على القرى الصغيرة أو الحارات إذ يصل الخير الى المحتاجين خاصة في ظل إشراف أمناء المناطق الذين يعرفون عن قرب الفقراء المحتاجين وذوي العاهات المزمنة والأمراض التي تستدعى التدخل المباشر لدعم هذه الجمعيات».

ومواطن وجدته يسبح في ملكوت السموات والأرض بعد أن حرم من خدمات الجمعيات العام الماضي رغم أحقيته بها قال: «نصيحة أوجهها للتجار وأهل الخير بإعادة النظر في آلية التعامل مع صرف هباتهم ومعوناتهم الخيرية للجمعيات وتغيير ذلك بآلية أكثر اقتراباً إلى ذوي المعاناة لضمان وصول الخير إلى المحتاجين والفقراء والمعوزين وإحداث تغييرات في واقع المستهدفين والمستفيدين من تلك الهبات تدخل الرضاء في نفوس المانحين والممنوحين ولا يمنع من التنسيق بين التجار أنفسهم بحيث يهتم كل تاجر بشريحة معينة أحدهم للمعاقين وآخر للمتسولين في الشوارع والأزقة في المدن والقرى الريفية وكذا للمرضى وذوي العاهات والفقر والعوز وإصلاح ذات البين وغيرها».

وتابع حديثه قائلا:«لم نسمع أن وصل خير جمعية إلى رفع العوز والكفاف عن شريحة الفقراء والمحتاجين بل أنها تسارع إلى إقامة الأنشطة الرياضية والدوريات التي تكلفها مئات الآلاف من الريالات أو إحياء حفلات فنية ساهرة وكل ذلك بغرض الرياء والنفاق والرغبة في الحصول على أموال كبيرة من جهات أخرى وشخصيات وأحزاب وبغرض كسب الوجاهات.

كما أن البعض يخرج زكواته ويفتتها كما تفعل الجمعيات الخيرية حتى تصل إلى المستفيد مجزأة ومفتتة لا تفيده بشيء إضافة إلى تأخير توزيع إعطاء الزكوات والهبات حتى أواخر شهر رمضان دون أن تنفعه بقدر حاجة الفقراء المحتاجين لها في بداية شهر رمضان المبارك.

ونقول لهذه الجمعيات ولأهل الخير والتجار أيهما أولى إنفاق الصدقات والهبات على إشباع البطون أم إنفاقها في أنشطة الرياضة والمسابقات والحفلات الفنية الساهرة أو إعطاؤها لجمعيات تفتقد الصدق والأمانة في تعاملها مع مختلف شرائح المحتاجين حتى تصلهم ولم تعد بنافعة لسد حاجتهم ورفع الفقر والعوز عنهم».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى