دولة المؤسسات والقانون ودونها ذر رماد وضحك على العباد

> نجيب محمد يابلي:

> تسارعت الأحداث وتعاقبت المقالات واللقاءات (أخص بالذكر «الجزيرة مباشر») وإصرار الشارع على الخروج وتشبث العسكر بالانتشار بكثافة وسد المنافذ، ولا يهمهم أن يكون ذلك على مدار العام، وفي الضفة المقابلة يتحدث آخرون عن تهيئة مناخ الاستثمار، وهناك مشهدان آخران، أحدهما مسئول (خذ مثلاً اللواء محمد عبدالله القوسي وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن) يتحدث عن الحملة الوطنية لقرار منع حمل السلاح في اليمن، وتقف أمام مشهد آخر ترى فيه عبدالقادر باجمال أمين عام المؤتمر يتحدث عن النزول إلى الشارع وتسليح الناس دفاعاً عن الوحدة، وهي كلمة حق يراد بها باطل، والتصريح خطير محسوب على النظام، لأن مضمونه حرب أهلية ستعيد البلاد عقوداً طويلة إلى الخلف، وستفرز تشرذماً وفواتير يصعب دفعها، وهناك ومن فترينة «الأيام» يتحدث سيف العسلي (البروفيسور سابقاً) عن تهريج محوره «الأم» و«الخالة»، وهناك حديث يدور في الشارع أن وكيلاً جديداً لنيابة الصحافة جاء من خارج عدن ولم يحمل معه (نور الوعد) وإنما (نار الوعيد).

هناك أيضاً قرارات بإعادة استيعاب وترقيات وتشكيل لجان وهيئات لتقويم الأوضاع، وهناك من يرحب بك، وهناك من يمول منشورات مطبوعة ويأمرها من حين لآخر بشتمك وتجريحك بل ويطال الشتم (بحسب الأوامر الصادرة من ولي النعمة) موتاك.

وأمام هذا الأسلوب الملتوي سنجد أنفسنا مضطرين إلى التعامل مع مصادر التمويل والأوامر وسنخلي سبيل أصحاب المنشورات المطبوعة، لأننا لا نقيم لهم وزناً، وإن كان لنا حق الدفاع عن أنفسنا وعن موتانا فلن يكون إلا على من حرضهم، والدفاع عن أنفسنا وعن موتانا سيكون بمنتهى البساطة وذلك بأننا سنفرد صفحتين أسبوعياً من كتابات أو تقارير نشرتها منظمات دولية أو إقليمية أو صحف محلية أو خارجية وكلها مكرسة نحو الفساد خلال السنوات العشر الأخيرة.

السبيل الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم هو الإعلان أولاً عن الإرادة السياسية الجادة بإقامة دولة المؤسسات والقانون، القائمة على مبدأ الفصل بين السلطات: التشريعية والتنفيذية والقضائية وسيادة القانون. لا أفهم كيف تعتبر النيابة العامة جزءًا من السلطة القضائية وهي تدافع عن السلطة التنفيذية، وهذ ما نلمسه عند البعض فقط، في حين أن هناك وكلاء نيابة حصيفين في مواقفهم التي تقتضي أحياناً بعد دراسة الملف المقدم أن يعلنوها صراحة أن (لا وجه للقضية).

شدني كتاب صدر عن مجلة «القسطاس» شمل وقائع الندوات التي نظمتها المجلة عن «الحماية القضائية لحقوق الإنسان في اليمن» في جلسات ثلاث ترأسها المحامي أحمد الوادعي، قدم د. محمد أحمد المخلافي ورقة إلى الجلسة الأولى، فيما قدم القاضي محمد حمران الورقة الثانية. أما المداخلون في الجلستين الأولى والثانية والجلسة الثالثة المكرسة للمناقشات الختامية فهم: القاضي يحيى الماوري والمحامي محمد ناجي علاو والأستاذ علي اللوذعي (رئيس النيابة العامة بمحافظة عمران) والقاضي حمود الهتار (رئيس محكمة استئناف ذمار ورئيس المنظمة اليمنية لحقوق الإنسان آنذاك) والمحامي عبدالملك السنباني والأستاذ إسماعيل المداني (وكيل نيابة باستئناف أمانة العاصمة آنذاك) والمحامي جمال الدين الأديمي (أمين عام ملتقى المجتمع المدني رئيس تحرير مجلة «القسطاس») والقانوني المعروف الدكتور صلاح الدين هداش، ووردت في ثنايا الطروحات والنقاشات نماذج من خروقات دستورية وقانونية لا يتسع المجال لحصرها وذكرها إلا أن المشاركين المذكورين أكدوا أنه استناداً للنظام الدستوري والقانوني لليمن يعتبر القضاء الضمانة الأساسية لحقوق الإنسان، وأنه المعني وظيفياً بحمايتها وتشمل سلطته ضمانة وحماية كافة حقوق الإنسان المدنية والشخصية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

في ظل دولة المؤسسات والقانون يسهل للمرء الوصول إلى الحقيقة بمنتهى الشفافية، فعلى سبيل المثال لا الحصر يدخل الباحث أو السائل على موقع وزارة المالية الإلكتروني ليتحقق من صحة المعلومة حول حصول وزير المالية السابق (لعدة أشهر) على (128) مليون ريال لشراء فيلا كبيرة في صنعاء، إضافة لشراء سيارتين جديدتين!

لماذا تحجب المعلومات عن المواطن طالما أن السؤال يستهدف مالاً عاماً؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى