موقف السلطة من حراك المجتمع المدني في الجنوب

> الشيخ علي محمد ثابت:

> من خلال الرصد لردود أفعال السلطة في مواجهة الحراك السياسي الاجتماعي المدني السلمي لفعاليات المجتمع المدني في محافظات الجنوب .. ومطالباتها بحقوقها المشروعة على المستوى الشخصي ومن خلال تشكيلاتها في جمعياتها كمتقاعدين ومستبعدين وعاطلين عن العمل ..وضحايا لمظالم ونهب أراضيهم وبيوتهم.. والتمييز في العمل والاستثمار وغيرها من صنوف المظالم التي تراكمت بعد حرب صيف 94م على محافظات الجنوب وخلفت واقع المنتصر والمهزوم.

فإن ردود أفعال السلطة .. حتى وإن بدأت بالاعتراف بالخطأ الواقع على أبناء الجنوب إلا أنها لم تتجاوز عجز السلطة عن الوصول إلى مستوى المواجهة المسؤولة للاستحقاقات الواضحة ..التي لا تحتاج إلى لمسات سطحية للقضية .. والتزامات محدودة .. وتشكل لجان .. وبعدها الشروع في احتواء صلب القضية بإجراءات قمعية دموية والسعي لإصدار تشريعات قانونية لتحريم الحقوق المشروعة في المطالبة بالمواطنة المتساوية .. والحريات والعدالة في مواجهة التنفذ والفساد .. وغياب التوازن في توزيع الثروة.. وفي السلطة .. وذلك تحت مسميات حماية الوحدة الوطنية .

إن هذه الحزمة المتراكمة من الإجراءات من جهة السلطة والتي لم تنته أو تكتمل صورتها القمعية وآخرها خروج أمين عام المؤتمر الشعبي العام الذي اخترق أسس العملية السياسية المفروضة على كل الأطراف بالتزام النضال السلمي لتحقيق الغايات السياسية.. وتحوله في بلد لايزال ملتزماً ولو شكليا بالديمقراطية إلى أسلوب زعماء الحرب .. ودعوته إلى حمل السلاح في الشوارع للدفاع عن مبادئه .. كما حدث في المراحل السابقة التي أنتجت هذا الواقع المؤسف .

إن السلطة قد ظهر عجزها بوضوح خلال فترة وجيزة من المواجهة مع حراك المجتمع المدني في الجنوب .. وهو عجز خطير خصوصا وأنه يأتي من الطرف السياسي الحاكم الذي يتغنى بالديمقراطية والممارسة السلمية للسياسة.. وبشرعيته في السلطة عبر صندوق الانتخابات.. وفي مواجهة حراك سياسي سلمي مدني في الجنوب .. يفقد صوابه السياسي بدليل:

أن الحراك السياسي في الجنوب التزم أقصى درجات الممارسة السياسية رقياً من خلال تشكيل جمعياته الشرعية وبيان مطالبه وأدوات تعبيره الديمقرطية ونبذه للعنف والسعي لنيل حقوقه .. من خلال شكل ديمقراطي عريق في الديمقراطيات الغربية وهو تشكيل «جماعات الضغط» الاجتماعية .. بعيدا عن الأحزاب وبعيداً عن المطالبة بكراسي سلطة .. وإنما بطرح قضايا ناتجة عن تغييب المساواة وفرض واقع المهزوم المهمش والمنتهب الحقوق في حياتهم كأبناء جنوب اليمن .

وبدليل آخر أن السلطة في مواجهة أزمات الوطن التي تعصف بحياة أبنائه - في كل الساحة اليمنية - بفعل تدني الأجور أمام موجات الغلاء وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وغياب سيادة القانون كظاهرة عامة .. بدلاً من السعي لإصلاحات جادة لترشيد الإنفاق ومحاربة الفساد .. وتوجيه إمكانيات الدولة للتنمية والاستثمارات نجد العكس.. الفشل في مواجهة فساد الدولة والاتجاه نحو القمع للحريات والمطالب والاستحقاقات للجنوب والشمال.. وتكرس المزيد من الموارد للتوسع في التجنيد والمماطلة حتى في وعود إصلاح الحكم المحلي وانتخاب المحافظين .

والدليل الأخير.. أن السلطة تسيء تقدير نتائج تصعيدها لقمع حريات المجتمع في التعبير عن حقوقه واستحقاقاته في الجنوب وإراقة الدماء دون أي مؤشر يدل على توجه السلطة لحوار وطني جدي يلتزم بمنهجية التغيير ويحافظ على مسار الكيان الوطني في أفقه الديمقراطي والوحدوي .. بدلاً من التصعيد الذي قد يفوت كل الفرص ويوجد تداعيات تنتج واقعاً كارثياً في اليمن .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى