الرئيس والمبادرات الرمضانية

> علي صالح محمد:

> قبل عام، وفي مثل هذه الأيام الفضيلة من رمضان، وبمناسبة إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة والاحتفال بأعياد الثورة أعلن فخامة الرئيس عن عدد من المفاجآت المهمة لعل أهمها إغلاق ملفات الماضي والبدء بصفحة جديدة مع الكل، وانتخاب المحافظين ومديري العموم من قبل المجلس المحلي، وتدوير الوظيفة العامة لأربع سنوات والإعداد لقانون مكافحة الفساد وتشكيل هيئة عليا للمناقصات، وكان ذلك في إطار التوجه لتنفيذ الوعود التي حددها برنامجه الانتخابي ليضع الجميع يومها أمام بعض الآمال باتجاه إصلاح الأوضاع والأحوال الساسية والإدارية من خلال إصلاح منظومة الحكم والطابع المؤسسي لهذه المنظومة عبر تطوير مؤسسات وأجهزة الدولة باعتبارها الحلقة المركزية والأداة الضرورية الغائبة لتحقيق الأهداف والغايات المرجوة.

وها هو فخامة الرئيس اليوم، وبعد عام بالوفاء والتمام، يطلق ما سمي بالمبادرة للإصلاح تتضمن تعديلات دستورية وعددا من المقترحات لإصلاح منظومة الحكم بما في ذلك شكل النظام السياسي والحكم المحلي، وهي مقترحات في مجملها تستحق الاهتمام والحوار وتأتي في أجندة المعارضة وأحزاب المشترك التي لم تشارك في اللقاء الذي دعيت إليه لمناقشتها وإبداء الرأي بشأنها، ليتحول حضور أحزاب اللقاء من عدمه إلى قضية خلاف كبيرة، وهو الأمر الذي يجعل هذه المبادرة في موقع التشكيك بمصداقية طرحها وجدية تحقيقها لتحمل معها مقدمات إجهاضها المسبقة حتى وإن تضمنت قضايا جادة ومهمة، لأن صيغة الإعلان عنها وما ترتب على ذلك من مقاطعة اللقاء والحملة الإعلامية المضادة تجاه عدم المشاركة، كلها أمور من شأنها تعميق مشاعر عدم الثقة والارتياب القائمة لدى الآخر وكأنها -أي المبادرة- تأتي في إطار المناورات وتسجيل الأهداف والنقاط بين السلطة والمعارضة، خصوصاً وأن هناك لجنة حوار قائمة بين جميع الأطراف ينبغي أن تكون هذه المبادرة أو غيرها في مقدمة أجندتها إن صدقت النوايا الحسنة والمصداقية تجاه الناس وتجاه بعضهم البعض لتجاوز تراكمات التركة الثقيلة التي يئن منها الوطن والمواطن والمرحّلة عاماً بعد عام بسبب السياسات الخاطئة لنظام الحكم، والتي لم يعد بمقدور أحد تحملها ولا بمقدور السلطة المناورة لترحيلها أو تجاهلها أو الهروب منها أو التأخر عنها وعدم تبنيها.

وما شهدناه في العام المنصرم وما سنشهده في تقديري ليس سوى مقدمات لنشوء واقع بديل يخرج من رحم المعاناة والأنين، يتشكل في إطار عملية رفض واضحة لسياسات النظام وبصور مختلفة في عموم البلاد من واقع (أن لكل امرئ وجعه وكلّ بصوته ينوح) ويقف في حالة متقدمة من أساليب المعارضة وبعيدا عن تعبيراتها التقليدية الرازحة هي الأخرى تحت وطأة هذه التركة وماضيها المليء بالثقوب أيضا، ولكنه يفضي إلى وضع مجهول، لهذا على الجميع التوجه بجدية نحو المعالجات والحلول بلا تسويف وبلا تأخير بعيدا عن المكابرة والمناكفة أو العناد أو الاستهزاء والغرور أو التجاهل، والإذعان للحكمة.. والمصداقية.. والسماحة.. والترفع، وبالنظر إلى الواقع ومستجداته وحال الناس وحقوقهم المعيشية المادية والروحية كأمور تقاس عليها وتنطلق منها كل المبادرات وكافة السياسات أو الحوارات إن من قبل السلطة أو المعارضة، ومثلما قال الزبيري رحمه الله:

كفى خداعاً فعين الشعب صاحية

والناس قد سئموا الرؤيا وقد يئسوا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى