طلب اليمن إلى الانتربول تسليمها الأصنج.. ألا يكفي هذه الدولة فضائحها وتهورها الدوليان؟

> د. محمد علي السقاف:

> لا يعرف المرء السر في اختيار هذه السلطة للمرة الثانية شهر رمضان المبارك لتتقدم بطلب تسليمها الأخ عبدالله الأصنج وزير الخارجية الإسبق من المملكة العربية السعودية وايضا من الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) في المرة الأولى في 11 رمضان 1426هـ الموافق 4 أكتوبر 2005م وقد تقدم بذلك الطلب في آن واحد وزارة الخارجية ووزراة الداخلية إلى نظيرتيهما السعوديتين بتسليم الأصنج إلى اليمن استناداً إلى نصوص معاهدتي جدة والطائف ومذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين. وقد بيّنا حينها في تصريح لنا في صحيفة «الأيام» بتاريخ 2005/10/13 (العدد 4616) أوضحنا فيه أن معاهدة الطائف لم تنص على موضوع حظر القيام بأي نشاط سياسي أو عسكري أو إعلامي ضد أي طرف منهما، فقط نصت المادة 8 من مذكرة التفاهم على التزام كل من البلدين بعدم السماح باستعمال بلده قاعدة ومركزا للقيام بأي نشاط سياسي أو عسكري أو إعلامي ضد الطرف الآخر. وهذا بدوره لا ينطبق على تصريحات أطلقها الأخ الأصنج من لندن ضد السلطة هنا وليس من الأراضي السعودية كما أن الإدارة الصحفية التي نشرت تصريحاته لا تتبع الحكومة السعودية، لذلك تساءلنا كيف بالإمكان الاستناذ إلى مذكرة التفاهم لتبرير الطلب الرسمي المقدم إلى المملكة، علماً أن الأصنج وفق الدستور من حقه كمواطن التعبير عن رأيه في السلطة السياسية في بلاده.

والطريف في واقعة رمضان الأولى لعام 1426هـ أن وزير خارجيتنا الدكتور أبوبكر القربي أدلى بتصريح لصحيفة «عكاظ» السعودية حول عدم علمه بالطلب، تلا ذلك نفيه لهذا التصريح وتأكيده بأن الطلب قد قدم رسمياً للحكومة السعودية، ونقلت «الأيام» بهذا الخصوص (2005/10/16) عن أحد المصادر في الحكومة اليمنية حول حالة الارتباك بين النفي والتأكيد للوزير القربي أن ذلك «مرده إلى ظروف الصيام في شهر رمضان المبارك مما أدى إلى عدم التركيز»؟؟

ومع ذلك اختارت الجهات الرسمية من جديد شهر رمضان المبارك لتعلن كل من صحيفة «الثورة» 2007/10/4، الموافق 22 رمضان 1428هـ وصحيفة «26 سبتمبر» بالتاريخ نفسه طلب «اليمن من الانتربول الدولي القبض على الأصنج وتسليمه». والجدير بالملاحظة هنا اختلاف صياغة الخبر نفسه بين «الثورة» و«26 سبتمبر» الصادرتين في اليوم نفسه الخميس 2007/10/4، ففي «الثورة» أسندت الخبر إلى مصادر إعلامية بأنها «ستتقدم» بطلب تسليم من أسمته «بالمدعو عبدالله عبدالمجيد الأصنج بموجب اتفاقية تبادل المجرمين بين بلادنا والمملكة العربية السعودية وذلك طبقاً لمعاهدة الطائف الموقعة بين البلدين الشقيقين» في حين قصرت «26 سبتمبر» القول بأن الحكومة اليمنية ستتقدم بطلب تسليم، مكتفية بالإشارة إلى اتفاقية تبادل المجرمين دون ربطها بمعاهدة الطائف. وأكدت الصحيفتان أن طلباً مماثلاً تقدمت به «اليمن إلى الشرطة الدولية (الانتربول) لإلقاء القبض على الأصنج وتسليمه لأجهزة العدالة اليمنية وذلك لمحاكمته في القضايا المتهم بها من قبل تلك الأجهزة». في الحقيقة قراءة الخبرين في صحيفتين رسميتين خاصة في صحيفة «26 سبتمبر» المقربة من رئاسة الجمهورية تجعل المواطن يشعر بالخجل من الانتماء إلى مثل هذه الدولة من الجهلة، دولة الفضائح فعلاً وذلك للأسباب التالية:

-1 لا يوجد بين اليمن والمملكة العربية السعودية اتفاقية اسمها اتفاقية تبادل المجرمين فهناك اتفاقية ذات علاقة بهذا الموضوع ولكن مسماها «اتفاق التعاون الأمني» بين ج. ي/ م.ع.س، الموقعة في جدة في 1996/7/27، والمصادق عليها في 24 فبراير 1998.

-2 لا يوجد شيء اسمه الشرطة الدولية وإنما الشرطة الجنائية الدولية (انتربول)، ولتقديم طلب للانتبرول يجب أن يكون صادراً من النيابة العامة أو قاضي التحقيق يوضح فيه طبيعة التهم والمرجعية القانونية والأدلة. فالشرطة الجنائية الدولية ليست كالأمن القومي أو الأمن السياسي يخضعون لتعليمات الجهات السياسية الرسمية يقبضون على النشطاء ويحيلونهم إلى النيابة العسكرية (كناصر النوبة) أو النيابة العادية (كالمناضل حسن باعوم ورفاقه) يتم حبسهم لأسابيع دون توجيه تهم لهم. ولأنها دولة فضائح وجهل، هل سمع أحد أن الانتربول قام بتسليم السلطات اليمنية بناء على طلبها الذي تقدمت به فيما يخص:

-ما أسمتهم «26 سبتمبر» عصابة الانفصال ومجرمي الحرب الأربعة (البيض/العطاس/السيلي/ والجفري) بناء على مذكرتي الاتهام والأدلة التي قدمها النائب العام حينها (محمد علي البدري) بطلب استدعاء عبر الانتربول واستردادهم بهدف اتخاد الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم (صحيفة 26 سبتمبر بتاريخ 1995/4/27 العدد 648).

-طلب اليمن إلى المملكة العربية السعودية تسليمها في 14 أكتوبر 2005م الأخ عبدالله الأصنج في رمضان 1426هـ لم توجه الطلب أيضا إلى الانتربول، بعكس رمضان هذا العام طلب إلى المملكة والانتربول؟

- في مارس 2007 طلب اليمن إلى ألمانيا والانتربول تسليمها يحيى الحوثي، بعد أن تخضع أجهزة الدولة كالعادة (برغم وصف استقلاليتها في الدستور والقوانين) إلى السلطة التنفيذية بأن قام مجلس النواب برفع الحصانة البرلمانية عنه بأغلبية 188 صوتا في 2007/2/28م.

في الأمثلة الثلاثة المستشار إليها لا ألمانيا ولا السعودية اللتان تحترمان أنفسهما استجابتا لطلبات اليمن ولا أيضا الانتربول، ولهذا وربما خوفاً من تكرار مثل هذه الفضائح صيغ الخبر بحذر «سنتقدم» ولم يقل تقدمت اليمن بطلب تسليمها الأصنج وماهي التهمة الموجهة له هذه المرة؟ لم يحددها الخبران ولكن قد يكون مبرر الطلب إذا كان له مبرر، المقالة القوية والرائعة التي نشرها الأخ عبدالله الأصنج في «الأيام» في 2007/10/2م بعنوان «وثيقة العهد والاتفاق هي الحل.. أقترح دعوة على البيض وعلي ناصر والعطاس وأخرين للتحاور مع الرئيس بضمانات اقليمية ودولية» فهل يمكن لمقال منشور في «الأيام» وبهذه السرعة تتحرك الحكومة اليمنية أو أنها ناوية التحرك بطلب تسليمها الأصنج؟ ماذا تعني حرية الرأي والتعبير، هل مسؤولو الدولة وحدهم لهم الحق في التعبير ولا يعاقبون حتى وإن حدثت تجاوزات خطيرة للبعض منهم كتصريحات باجمال بالدعوة إلى توزيع السلاح وإشعال حرب أهلية؟ هل يستحق تحرك الدولة في تقديم ذلك الطلب، وهل هي فعلا دولة يتساءل المرء عن حقيقة ودون مبالغة إذا لم يكن من الضرورة بمكان، إيجاد نص في ميثاق الأمم المتحدة ضمن ضوابط ومعايير معنية إعادة النظر في عضوية بعض الدول في الأمم المتحدة، لأنها لا تتوفر فيها عناصر الدول، وبالتالي تسقط منها حق العضوية، واليمن من المؤكد ستكون من أوائل الدول التي ينطبق عليها معيار الكيانات التي فقدت مكونات الدولة. «الفهلوة» في الداخل تمر بسبب تفشي الأمية الجماعية، لكن يصعب تمريرها دولياً، فهل تكف الحكومة وبقية مؤسساتها عن نشر فضائح جهلها دولياً؟ نأمل ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى