مؤتمر وطني بشروط حقيقية

> هشام محسن السقاف:

> نكاد نستشف واقعا جديدا تبزغ شموسه من ارتفاع هدير الأصوات المطالبة بحقوقها، فهنا لا تجري المكابرة والعزة بالإثم لتجتاز صوت المواطنين إلا من فئة استثمرت المظالم، وعاثت في الأرض فسادا، مستفيدة من أوضاع ما بعد حرب 1994م. هؤلاء هم فرسان تأبيد الأزمات والعيش فيها أو من خلالها، وهؤلاء هم الفئة الضالة التي قد لا تتجاوز عدد أصابع الإنسان ولا يجوز أن تكون بديلا عن وطن وشعب تتم التضحية بهما من أجل سواد - وربما حمرة عيون هؤلاء .

وقد كان الأخ د. صالح علي باصرة - وهو رئيس إحدى اللجان التي زارت عددا من المحافظات بعد خروج المتقاعدين قسرا للاعتصام في 2 أغسطس الماضي- شجاعاً في مقابلة صحفية لـ«يمن نيوز» أعادت «الأيام» نشرها مؤخرا بتشخيص حالة الاحتقان في المحافظات الجنوبية ومحافظات أخرى في الوطن الغالي بروح الوطني الغيور الذي يهدف إلى إصلاح ما أفسدته أيادي المتنفذين في السنوات التي أعقبت الحرب. ومثل هذه الرؤى المتزنة لمسها المواطنون - أيضا- من الأخ عبد القادر علي هلال، المشارك بهمة عالية في لجنة تقصي الحقائق والدينامو المتحرك في كل اتجاهات الحل الذي يعيد للوطن هدوءه واستقراره عن طريق سد المنافذ، التي يتسرب منها الشعور بعدم الثقة بين المواطن وأجهزة الدولة بسبب سكوت هذه الأجهزة عن رجالات الظل الذين يمتصون الرحيق الحلو من داخل شرانق النفوذ المختلفة التي يحتمون فيها، ويتركون المعاناة والألم والبؤس لوطن وشعب بأكمله.

وتجيء مبادرة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح الأخيرة لتقترب أكثر من مطالب المواطنين، التائقين دوما إلى دولة العدل والمواطنة المتساوية والكرامة للجميع. وربما تختلف القراءات والمواقف لكنها بالأساس خطوة إلى الأمام يجب أن تتبعها خطوات أخرى تستوعب كل ما ورد في برنامج فخامته الانتخابي، الذي لو جرى تفعيله بعد الانتخابات مباشرة، وبالإرادة السياسية الجبارة التي تنحاز للسواد الأعظم، وتقدم أصنام الفساد ورموزه للمحاكمة العادلة، لتجاوزنا حراك الشارع الغاضب بعدالة مطالبه وحقوقه في محافظات الوطن الجنوبية ثم في محافظات أخرى نحو العلاج الأمثل الذي يرضي الجماهير.

إن اختيار بنود الإصلاح الوطني كاملة، وليس بالتقطيع والتجزيء، هو خيار سليم لإنقاذ الوطن وتجاوز المحن سواء أكانت هذه البنود في برنامج فخامة الأخ الرئيس أم في وثيقة العهد والاتفاق الموقع عليها من جميع رموز الوطن السياسية، أم في البرامج الانتخابية للأحزاب المعارضة، أم بهذه البنود مجتمعة، والاجتماع أو الإجماع عليها في مؤتمر وطني شامل يرعاه فخامة الأخ الرئيس وتشارك فيه كل القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني ورجال المال والاقتصاد، لتكون هذه مرتكزات للبناء الوطني اللاحق الذي يفضي إلى دولة عصرية ديمقراطية لم نستطع الوصول إليها من قبل، وتكون ضمانة حقيقية لأبنائنا أن يعيشوا في وطن خال من الاستبداد والفساد والتجبر وامتهان آدمية المواطن، ترعاه المؤسسات الديمقراطية ويتساوى الجميع في ظله.. إن الإقدام على إنجاز هذه الخطوة الوطنية هو بمثابة إصلاح لكل الاختلالات والمفاسد والظلم الذي ظل شعبنا يعانيه لعقود، ومن ثم الاحتساب الوطني لمثل هكذا مبادرة أو عمل لا تقل أهميته عن تحقيق الوحدة المباركة في العام 1990م، فالوحدة تُحرَّز وتُحرس بالديمقراطية والعدالة والمساواة وكل القيم النبيلة الراسخة في وجدان الشعب اليمني ويسعى إلى تحقيقها كما فعلت شعوب كثيرة، ليتسنى له النظر في متطلبات يومه وغده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى