ما بين القمح والقات

> د. عبدالباري دغيش:

> من ارتفاع اسعاره نشتكي ونبكي، ومع هذا لا نزرعه إلا قليلا مع أهميته وحاجتنا الماسة إليه، ويزرعه غيرنا كثيرا، ويدعم زراعته فوق حاجته الوطنية ويعمل على دعم وتشجيع مزارعيه.

ذاك هو القمح العزيز: نصنع منه خبزا نسد به رمق جوعنا، وينتج العالم المتحضر منه أكثر من الخبز والتصدير والاستخدام كسلاح لليّ الأذرع وكجزرة لصيد المواقف، وليس أخيرا صرعة إنتاج الوقود الحيوي في أزمنة المجاعة النفطية .. ونحن ماذا نزرع أكثر من القمح والذرة وكل أنواع الحبوب الخضراء .. أكثر من البن، وأكثر من عنب اليمن.. أكثر من النخيل في ربوع اليمن الخضراء بقيعانها ومدرجاتها وسهولها وجبالها ووديانها؟ هل علمتم ما هو ذاك؟

إنه القات، ومن القات ننتج نحن سوء التغذية وذهاب الشهية والوقت والصحة، والتسمم المزمن بالمبيدات، وهدر المياه، وشغل الأرض الزراعية بمحاصيل ليست بالاستراتيجية، من القمح والذرة ينتج العالم الايثانول كوقود والكورن فلوكس لفطورنا والشوفان لشوربة رمضان، ومن القات ننتج العديد من الأسباب لتلف الأسنان واللثة والإنسان ونوفر فرصا أفضل لأطباء الأسنان وثقافة حق القات لصاحبها ابن هادي. لماذا لا نريد الوقوف أمام مشكلة كهذه؟ لماذا نستمر في دفن رؤوسنا في الرمال؟

هل تعلم أيها القارئ العزيز أن هناك حصريا حوالي أربعين مزرعة كبيرة في قاع جهران بمحافظة ذمار مزروعة بالقات، وأن هذا القاع هو من أخصب الأراضي لزراعة القمح والحبوب حتى وقت ليس بالبعيد؟ وهل تعلمون أن ما يقارب 60 في المائة من المياه الجوفية تهدر لسقي شجرة القات في وقت يتهددنا فيه الجفاف وشحة ونضوب المياه!

وهل تعلم أن حوالي 6 آلاف حالة سرطان جديدة تسجل سنويا يعتقد بأن وراءها القات والمبيدات المستخدمة في زراعته؟!

ولكن دعونا من كل هذا وقولوا لي: هل نستطيع أن نكون سادة أنفسنا وننتج غذاءنا؟ وهل بالإمكان القيام بخطوات جريئة في حياتنا واقتصادنا من شأنها الوصول إلى شاطئ الأمان في مجتمع خال من العوز والفقر والمرض، يتحقق فيه الحد الادنى من مقومات الأمان؟

أخيرا هل أدركنا ما هي الفروقات ما بين القمح والقات؟ أملنا أن نكون قد أوصلنا رسالة ما وبوضوح كاف. والله من وراء القصد ومنه السداد والتوفيق.

عضو مجلس النواب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى