الطير النحاسي الأخضر

> سعيد عولقي:

> مر بنا الأسبوع قبل الفائت الصديق العميد حسين عبدالقوي اليافعي قائد الفرقة الموسيقية النحاسية للقوات المسلحة وهو المايسترو الأول الذي درس ونجح في هذا المجال من أبناء الجزيرة العربية.. وكان في زمنه عندما تولى القيادة في هذا المجال في الجيش هو من أبرز ما لهذا الفن من مكانة ومن صولة وجولة وشنة وشنشنة حتى أنه لا ينكر أحد أن أيام قيادته تعتبر الأيام الذهبية للموسيقى العسكرية إن صح هذا التعبير.. ولأن نشاط الجيش في هذا المجال كان محدوداً أو شبه معدوم فقد جاء حسين عبدالقوي ليعيد إليه ما يليق به من تألق بل ويزيد على ذلك بأن ينقله من المعسكرات والمناسبات العسكرية إلى الحياة العامة فكان المايسترو الأوحد المقتدر بالفرقه التي أعاد وأكمل تجهيزها وتدريبها لتمتلك قدرات غير مسبوقة في عزف الأغاني الشعبية الشائعة التي يسمعها الناس في تسجيلاتها بالفرق الوترية.. فمن منا مثلاً لم يسمع ويستمتع بأغنية الفنان القدير المرحوم محمد صالح عزاني:«ألا ياطير يا الأخضر» وهي تعزف في أكثر من مناسبة بالموسيقى النحاسية تحت قيادة المايسترو العميد حسين عبدالقوي؟! وكثير كثير من أغانينا المعروفة قدمت في أطباق فرقة الموسيقى العسكرية وصار لهذا التقديم بانتقاله من عزف الفرق الوترية إلى الفرقة النحاسية مذاق خاص وتجربة لم يسبق لها مثيل.. ويرجع السبب إلى علم حسين عبدالقوي بالموسيقى الذي تلقى دروسه في بريطانيا على أيدي أساتذة إنجليز يشار لهم بالبنان.

كان المايسترو حسين عبدالقوي وهو يكتب الألحان والمعزوفات لفرقته بالنوت يطوع كفاءته العلمية في إعادة صياغة الأغاني الشعبية المعروفة أو في وضع مقطوعات وألحان من قريحته التي تشبعت بالفن الموسيقي فليس غريباً عليه وهو أول أجنبي من جزيرة العرب يحصل على أفضل درجات التحصيل العلمي وأعلى شهادات الموسيقى النحاسية عزفاً وقيادة وتأليفاً.. حياً الله البريطانيين ما يعطوا لأحد الحاجة إلا إذا استحقها عن جدارة.. وكان المايسترو حسين جديراً بما حصل وكان رائداً فيما قدم.. ولم أسمع عن غيره في هذا المجال بمن إقدم على تجربة مماثلة.. أو حتى جرب.

إلى هنا ونحن ماشييم تمام في الكلام إلى أن قمنا من «الجسة» وبقينا واقفين على رجولنا.. والقومه توجع الركب وانتقل بنا الكلام إلى وجع الدنيا وإلى وسخها.. قال المايسترو إنه الآن وصل إلى رتبة عميد ولكن فرض عليه أن يحال إلى المعاش قبل أن ينال رتبة لواء التي يقول انه يستحقها- وأظنه يستحق أكثر من ذلك - فقلت له انه أنا من رأيي كما هو كذلك من رأي الأخ حسن فرور قلت له أنته مايسترو.. فنان.. عالم موسيقي.. أيش هذا الكلام عقيد عميد هورد ال جمعدار؟ هذي خبابير فاسدة..أنته أستاذ في الموسيقى ويجب أن يكون همك هو تعليم أبناء هذا الجيل الموسيقى ابتداء من النوته والدو ري مي فاصوليا سي وفول وحتى عتر أو صمبرة جرم.. أيش تقول وحتى تواصل المسير وربنا يمكن يفتح عليك وتسوي سيمفونية.. مالك.

قال المايسترو حسين:«أنت مكانك كل شيء عندك صفطة ومزاح.. هذي الرتب العسكرية فيها لقمة العيش وإلا الواحد بعدين بايموت جوع.. ماتشوفش الاعتصامات في كل مكان.. هذا كله منشان لقمة العيش والإحالة القسرية إلى المعاش وأشياء أخرى.. وبعدين أنا مستحق وعادنا أقدر أشتغل وأبدع فوق السنين الخمسين اللي خدمت فيها الموسيقى ومن أجل الموسيقى أكثر وأكثر فكيف يحيلوني على المعاش وأنا في أحسن حالة وأجمل بالة والليل على البالة.. (على فكرة سوّى حسين لأغنية البالة لحن على كيفكم) فهل يجوز أن يكون الجزاء إحالتي إلى المعاش قبل الترقية وقبل ما ألاقي ما أستحق؟» سألت حسن مزور:«كيف تشوف يا حسن؟ أنت عميد الجسة ونحنا ما نشتيش نتجاوزك.. كلام المايسترو كله تمام وفي صميم القضية المعاشية الشعبية؟» قال حسن فرور:«أيوه صح أنا بنفسي كنت أسمعهم وأنا معك انه السيناتور على حق» قلت لحسن مصححاً:«قصدك المايسترو..» المهم أنا والله اذا كان الأمر لي فأن المايسترو حسين عبدالقوي يستحق الترقية إلى رتبة أدميرال علشان وأروح حفلاتهم.. يمكن ولو حتى قليل يرد الروح للموسيقى المحلية اللي تنازع.. وآه من نكد الدنيا ومنك يا يمن.. يا يمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى