ذكريات خالده مع الفقيد الغالي محمد صالح عولقي

> «الأيام الريــاضـي» رياضة زمان:

> عرفت المرحوم القدير عن قرب عام 1970م وكنت حينها شابا صغيرا بعمر 17عاما وطالبا في الصف الثاني ثانوي (كلية عدن سابقا)، بمدينة دار سعد.

كان الفقيد الغالي يملك محلا لبيع الادوات الرياضية مقابل نادي الفيحاء الرياضي في حارة الهاشمي بمدينة الشيخ عثمان وكذلك ايضا أمام مقر نادي الهلال الرياضي في نفس الحارة وكان من ضمن الادوات الرياضية المعروضة للبيع في المحل حذاء اديداس له شكل جميل وأنيق ويقارب مقاس قدمي.. ومرت ايام وانا احضر للنادي وأمر على المحل وأشاهد الحذاء الموجود بالمعرض، وبعدها تجرأت وسألت المرحوم بعد ان عرفت اسمه رحمه الله كم سعر هذا الحذاء وكنا حينها نلعب بالاحذية الربل السيبو فالتفت إلى عندي مبتسما وقال هذا الحذاء سعره غال عليك يا إبني ولن تقدر عليه وانت لازلت طالبا فأجبته سوف أعمل المستحيل لشرائه.

ومرت أيام وأيام وأنا اذهب للنادي وألقي نظرة على المحل من بعيد وأشاهد الحذاء موجود وأقول الحمدلله لأني بدأت أجمع مصاريفي وما اتحصل عليه من فلوس الى عند والدتي.. وكنا نتدرب في نادي الفيحاء على ملعب الشهيد حامد بمدينة الشيخ عثمان وأحيانا أخرى على ملعب كلية عدن بمدينة دار سعد، وكان يدربنا الكابتن القدير المرحوم عبدالله عبده علي رحمه الله عليه الذي كان يهتم بي ويشجعني وكنا في بداية الاستعداد للمشاركة في مسابقة الدوري العام لكرة القدم لموسم 1971-1970، ولعبنا مباراة ودية من ضمن الاستعداد للدوري العام مع نادي الروضة بمدينة القلوعة وعلى ملعبهم ولم اصدق نفسي ان اكون ضمن كشف النادي للمباراة وان اكون لاعبا اساسيا من بداية المباراة في مركز الدفاع المتقدم والكابتن القدير عبدالباري محمد حسين المدافع الرائع وصاحب الخبرة وقائد الفريق هو المدافع المتأخر أطال الله في عمره الذي كان سندي وعوني ويوجهني طوال زمن المباراة 90 دقيقة وقدمت مباراة كبيرة واداء ممتازا وفزنا بالمباراة 0/2.

وبعد المباراة بيوم حضرت للنادي وذهبت الى قرب المحل الرياضي للمرحوم لمشاهدة الحذاء ولم أجده في موقعه المعتاد وكانت صدمة كبيرة لي وفي نفسي وحزنت حزناً عميقا جدا.. كيف لا وأن المبالغ التي كانت معي كافية لشراء الحذاء وحاولت ان اقترب من المحل لأرى الحذاء عسى أن يكون في داخل المحل وإذا بالدموع تتساقط من عيوني بدون شعور، لأني ظللت أحلم بالحذاء وتعبت كثيرا في توفير قيمته وأكثر وشعر المرحوم الغالي بقدومي واذا به يناديني بإسمي لأدخل المحل، فدخلت المحل بعد أن مسحت الدموع وعيوني تتفحص كل مواقع المحل لعل وعسى أجد الحذاء دون فائدة.

وجلست أمام المرحوم فإذا به يقول كيف كانت المباراة يوم أمس مع نادي الروضة، فصحوت من غفوتي لأجيب عليه: الحمد لله فزنا فيها ولعبت أساسياً لأول مرة في هذه المباراة.. فقال لي: لقد حضرت المباراة وشاهدتك لقد لعبت بشكل جيد وسيكون لديك مستقبل رياضي جيد ان شاء الله وأنا تابعت لك بعض التمارين مع ناديك ايضاً، وعندي لك نصيحة من انسان متابع للرياضة باستمرار فهل تحب سماعها وتنفذها؟.. فقلت له : طبعا وبكل سرور.

فابتسم لي المرحوم وقال لي بصوت حنون وابوي.. اسمع اهتم بنفسك وصحتك ولا تغيب عن تمارين ناديك وابتعد عن كل ما يضر اللاعب من كل شيء، هل تفهم هذا المعنى الاخير أم أوضحه لك؟.. فقلت على الفور نعم افهمه جيداً.. وتابع كلامه ابتعد عن الغرور والكلام الكثير واسمع جيدا كلام المدرب وتعليماته واللاعبين الذين أكبر منك سناً ولا تناقش الحكم بالملعب مهما كان وتحلى بالاخلاق العالية في سلوكك وتصرفاتك داخل الملعب وخارجه.. وبهذا كله ستكون ان شاء الله واحدا من نجوم الكرة، فهل ستعمل بهذه النصيحة؟، فقلت له: أوعدك بأني سأكون عند حسن ظنك وأكثر إن شاء الله.

وهممت بمغادرة المحل، وإذا به يمسك يدي ويقول سأتابعك وأشوف.. ثم أضاف: يوجد عندي شيء لك، فقلت ما هو فأخرج من إحدى الخانات كيسا مغلقا وقال : هذه هديتي لك فخذها والا زعلت منك، فأخذت منه الكيس وغادرت المحل ولم ادخل إلى النادي بل سارعت بالمشي السريع إلى طرف الشارع وأنا أتلفت للخلف وتنحيت جانباً من ركن الشارع وفتحت الكيس، واذا بالحذاء الاديداس بداخله فأخرجته وأمسكت به بكلتا يدي وأنا أقول وأردد بصوت عال :يا الله يا الله مش معقول الحذاء الذي أحلم به ومجاناً معي.. مش معقول وهكذا كنت اتكلم غير مبال بالناس الذين يمرون من أمامي ويلتفتون إلى عندي والدموع تنزل من عيوني كالسيل وأنا مستمر في حوار عال مع نفسي يا الله لك الحمد ولك الشكر الله يخليك يا أستاذ (محمد صالح ) وظللت هكذا حوالي (40دقيقة).

وفي أول تمرين لي مع النادي لبست الحذاء وكان على مقاسي وكأنه صنع لي ياسبحان الله.

ولم أجد أي شيء أرد به على دعم وكرم هذا الانسان العظيم والرائع وحنانه وحبه لي.. سوى العمل على تنفيذ نصيحته كاملة، وفعلاً اصبحت أحد نجوم الكرة اليمنية والمنتخبات الوطنية.. الله يرحمك ويجعلك إن شاء الله في جنة الخلد ونعيمها.

لاعب الفريق الوطني السابق لكرة القدم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى