وتلك الأيام .. الاكتئاب الوطني

> مبارك سالمين:

> لقد سمعنا كثيراً عن النشيد الوطني والعيد الوطني والإنتاج الوطني والهم الوطني ولكن هذا الأخير أوصلنا الى الاكتئاب الوطني، والثابت في علم النفس أن حالة الاكتئاب يمكن أن تصيب فرداً أو جماعة وظيفة ما، أو متساكني منطقة محدودة لأسباب مختلفة، اجتماعية أو طبيعية (كوارث بيئية، خسارة محاصيل الخ)، لكن أن تصيب وطناً كاملاً برمته فتلك ورب الكعبة مأثرة يمنية وخصوصية تضاف إلى عبقرية هذا الشعب الخاص وقيادته، الذي هو في معيشه ومعيش حكامه لا يشبه غيره من شعوب المنطقة العربية والإسلامية، لا في المعنى ولا في المبنى، حيث معنى الحياة لدينا لا يتجاوز حدود المعنى الفيزيائي الخالي من المعاني الفنية والثقافية والإنسانية، وقيمة الحياة لا تتجاوز لدينا قيمة رصاصة طائشة من أحدهم بدون قصد لكثرة انشار السلاح وشيوع استخدامه والتشجيع الرسمي على ذلك، مع كثرة المناقشات للقوانين التي تشرع للحد منه (على الأقل في المدن) فما الذي أوصلك يا شعبي إلى هذا الوضع ؟

ليس من الصعب الإجابة عن هذا السؤال .. لقد أوصلتك السلطات المتعاقبة عليك ورغبتك الدائمة في التصفيق بعفوية في معظم الأحيان، وبسبب الجهل أو الحاجة للحاكم وبطانته في الحق والباطل، لقد أوصلتك إلى حالة الاكتئاب الوطني الذي أزعمه : حالة اللامعيارية التي تتربع على شؤون البلاد والعباد من بائع الفاكهة النازح من الجبال لينام على «كرتون في شوارع عدن الساخنة» إلى من هم في أعلى درجات السلطة. نعم إننا شعب مكتئب بامتياز ولكن بدرجات مختلفة- أي الجميع يتفقون في النوع ويختلفون في مستوى الكآبة ودرجاتها فقط - وذلك بسبب الجحود وغياب العدل وبسبب امتهان قيم الحق والخير والجمال، وغياب الفلسفة والمنهج الذي يهتدي به الناس، وموت القدوة الحسنة من أعلى هرم السلطة حتى أسفله، ولعل هذا الكلام من الأمور البديهية والمعروفة بالنسبة للنخب المتعلمة التي يقع على عاتقها مساعدة هذا الوطن للخروج من حالة الاكتئاب غير أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن معظم هذه النخب المتعلمة قد جاءت إلى مواقع القرار على حصان اللامعيارية ذاتها، وفي أحسن الأحوال جاءت بها الصدف، الصدف التي ليست على ارتباط دائم بالضرورات إلا كعقوبات جماعية يبتلي رب القدرة عبيده من أفراد الشعب اليمني بها عسى أن يتعظ هذا الشعب ولا يصفق لجلاديه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى