ويغني وائل كفوري للجيش..

> عبدالرحمن عبدالخالق:

> دخل فنان لبناني شاب قاعة المسرح في أحد البرامج التلفزيونية الجماهيرية ببذلة عسكرية مرقطة، يحفه تصفيق حار من الحضور؛ هم ثلة من الشباب أو الصبيان والصبايا (حسب التعبير اللبناني الشائع) بحركات تنضح فتوة. وفي قلب المسرح وقف. تتعالى الموسيقى برقة ويصدح وائل كفوري بصوته الشجي بأغنية حيا بها الجيش اللبناني البطل الذي خدم يوماً في صفوفه. هكذا أحب وائل كفوري أن يفتتح مشاركته، تحية ومؤازرة للجيش اللبناني الذي كان حينها يخوض معركة شرسة مع مليشيا فتح الإسلام في مخيم «نهر البارد».

غنى لجيش يحمي لبنان وأرزه، يحمل شجيرة نمت عفواً بمحاذاة رصيف، ورود حمراء في أيدي المحبين، يحمي ابتسامة مرسومة على شفاه طفل لبناني ممسكاً بخيط طائرته الورقية، ولهفة شيخين ينتظران قدوم ابنهما من الجنوب، يحمي المآذن وأجراس الكنائس لتبقى تذكر الناس برب الناس وتدعوهم إلى المحبة والسلام، يحمي الضيعة والمدينة، الجبل والبحر .

تفكرت بانضبطاية الجيش اللبناني، وتحديد عقيدته العسكرية بمواجهة كل عدوان يهدد سيادة لبنان وينتقص منها، وهي عقيدة سمت به وجعلته خارج دائرة التجاذبات الطائفية، أو أن يتحول إلى أداة لقمع الجماهير وفعاليتها المدنية.

مشهد هزني وفجر ذاكرتي لتتشظى صوراً ومواقف شتى..

تذكرت تلك الصورة الشعرية السلبية الشهيرة للعسكري - أيام الإمامة - التي أبدعها الشاعر محمد محمود الزبيري، أو ذلك الرعوي البائس في قصة «يا خبير» للقاص محمد أحمد عبد الولي، وهو يقول عندما رأى عسكري الإمام الأكثر بؤسا منه : «بقدر ما أكره الموت أكره منظر العسكري».

وأخذتني الذاكرة إلى سنوات خلت، إلى عبارة قرأتها يوماً على غلاف مجلة عسكرية سوفيتية تظهر صفاً منتظماً من الجنود يرفعون عقيرتهم بالغناء، وإلى جانب الصورة كلمات باللغة الروسية تقول : «عندما يغني الجنود ينام الأطفال بهدوء».

وسرعان ما عادت بي الذاكرة إلى عدن، إلى منتصف ثمانينات القرن العشرين. فتيان وفتيات ببذلاتهم المدرسية الأنيقة، البنية اللون، ينظمون حركة المرور في أسبوعه، بجدية متناهية وبثقة لا تحد. فتاة ترفع يدها اليمنى برشاقة وخفة، على شكل حرف (L)؛ إشارة التوقف، فيمتثل لها صف طويل من السيارات بكل أريحية، تتقدمها سيارة عسكرية تقل قائداً عسكرياً عالي الرتبة .

مشاهد شتى استحضرتها ذاكرتي، فوجدت نفسي أردد: «جيشنا يا جيشنا.. جيشنا ياذا البطل» .. لكن الذاكرة خانتني هذه المرة ولم أستطع تذكر بقية الأغنية .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى