المحرر السياسي

> محمد عبدالله الموس:

> ردفان، كلاكيت ثـاني مرة، وتعني بلغة أهل السينما (إعادة المشهد مـرة ثانية)، الفاصل الزمني القريب بـين المشهـدين 24 ساعـة (13 و14 أكتوبر) أما الفاصل الزمني البعيد فهو 44 عاماً (1963م - 2007م) شهد فيها الوطن والعالم تحولات كبيرة انتقلت معها كثير من الأصقاع من قاع التخلف إلى المجد، وانتـقلت اليـمن إلـى الوحدة التي تحولت في 7 /7/ 1994م إلى شيء آخر أدى ضمـن ما أدى إلى تكرار مشهـد ردفـان الـدمـوي ليصـبح شـهداء المشهد الثـاني أربـعة بدلاً من واحد في المشهد الأول، راجح غالب بن لبوزة على يدي الغريب، وعبدالناصر حمادة وشفيق هيثم حسن ومحمد ناصر العمري وفهمي محمد الجعفري بأيدي ذوي القربى.

ردفان ليست اسماً عابراً أو مكاناً نكرة على الخريطة، فهي راسخة في الأذهان بوصفها مهد انطلاقة الكفاح المسلح المنظم لأحد فصائل الكفاح الجنوبية (الجبهة القومية) ضد الاحتلال البريطاني بعد سلسلة طويلة من المقاومة التي شهدتها مناطق الجنوب، وهي بالأمس القريب مهد التجمهر الأكبر بعد سلسلة الاعتصامات والمسيرات التي شهدتها محافظات الجنوب ولم تخل من دماء العزل، وبعض من محافظات الشمال التي انتهى بعضها بعناق بين رجال الأمن والمعتصمين، وهي اعتصامات ومسيرات سلمية يريد البعض جرها إلى مربع العنف الذي لا يهدد الوحدة اليمنية فقط وإنما يهدد تماسك الوطن ككل.

وكما أن هناك من يريد جر التعبير السلمي الجماهيري إلى مربع العنف فإن هناك من يعمل على (افتراء) تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان من خلال بعض الوسائل الإعلامية والإعلانية بما فيها النشرات مجهولة الهوية- ونقصد بمجهولة الهوية تلك التي لا تحمل قضايا وطنية- من خلال التحريض وكيل التهم بالعمالة والانفصالية وغيرها من المفردات الشمولية التي عفا عليها الزمن لدرجة ادعاء أصحاب هذه النشرات امتلاكهم حق إصدار صكوك الوطنية والانتماء.

شر البلية أن تحمل بعض هذه (النُشيرات) بيانـات تحت مسمى (المحرر السـياسي) ليست من السياسة والكياسة في شيء بقدر كيلها تـهم التخـوين وتـوزيع الشتائـم بصورة مقززة، والأدهى أن لا يفقه (محررو هذه البيانات) الجغرافيا الطبيعية والسياسية، كأن يعتقد أحدهم أن ردفان في الضالع وأن هناك تحالفاً إيرانياً أمريكياً صهيونياً (حد وصف المحرر إياه) يحرك المتقاعدين قسراً والمصادرة حقوقهم وممتلكاتهم والمحرومين من شغل الوظائف العامة والعاطلين عن العمل وذوي البطون الخاوية، ولا ينسى أن يميز بين الحوثيين و(صعاليك الجنوب)!

يا هؤلاء هناك فرق بين القضية الجنوبية وبين الدعوة للانفصال، بين معالجة خلل الحقوق وبـين مفهوم (ابتلاع الجنوب وهضمه) كما ردد البعض، فبدلاً مـن جـر الناس إلى مربع العنف والتحريض عليه ضعوا أيديكم في أيدي عـقلاء المجتمـع وطالبوا بأن توضع المنغصات على الطاولة بشجاعة وحرموا دماء الأبرياء العزل، وتذكروا أن هناك دولاً تحاكم عساكرها بجريرة اعتدائهم على العزل من غير مواطنيها ناهيك عن موطنيها، وأن محاكمة قتلة عبدالسلام الشرعبي خطوة يجب أن تشمل كل من قتل الأبرياء العزل أو أمر بذلك في كل المحافظات الجنوبية..

هذا ما يحتاجه الوطن وهذا ما يحفظ وحدة قابلة للاستمرار عدا ذلك فهو صب للزيت على النار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى