لماذا تعشق الأرض الشهداء؟

> محمد علي الرياشي:

> خلق الله الأرض ليسكن فيها الإنسان ويعيش حراً كريماً وينعم بخيراتها لكي تسود حياته الأمن والأمان والحرية، وهذه الأرض هي الوطن الذي يولد فيه الإنسان ليعيش طفولته ويتعلم فيه ويعمل لكي يصبح قادراً على بناء الأرض ويطورها ليتباهي بها بين الأمم والشعوب الأخرى، وهي الأرض التي منها يشد الرحال إلى أرض الله الواسعة بطلب العلم والعمل وجلب الرزق والفائدة لها، وإليها يعود أو تيمناً بالعودة إليها لكي يموت فيها أو من أجلها ويدفن في ترابها، مهما كانت هذه الأرض شقية أو صعبة الحياة فيها..

وهي الأرض التي لا يبخل الإنسان من أجلها بأن يقدم حياته أو دمه أو ماله أو أولاده من أجلها، وهي الأرض التي لا تستطيع أي قوة في العالم أن تنتزعها من الإنسان الحر فيها أو تسلبه جزءا منها، فهي كرامته وعزته أينما وجدت وحيثما وجد الإنسان، عزته من عزة الأرض التي ينتمي اليها، وهي الأرض والوطن الذي لا يقدر بثمن والتي لا يحق لأي انسان أو أمة مهما كان مركزها أو نفوذها أن يتنازل عن ذرة تراب منها، حتى إن أصبحت الأرض هي الام الحقيقية لكل إنسان فهي الحضن الدافئ والكبير والواسع لكل أبنائها وهي السلة التي يأكل من خيراتها الجميع دون تمييز، وفيها يجد الطمأنينة والسكون دون غيرها من بقاع الأرض الاخرى، وهي الموقع الوحيد الذي يجد فيه الإنسان ذكرياته ومن خلالها يقرأ تاريخ الآباء والاجداد عبر السنين، والأرض هي القلب النابض دوماً بالدم ولا يتوقف أبداً من أجل الإنسان، وهي الثروة والكنز الحقيقي الذي يملكه الإنسان ويرثه الابناء والاجيال، دون استثناء.

ولهذا كله فإن الأرض باقية ليبقى الإنسان فيها ويعيش حراً وكريماً من خيراتها، ولهذا فإن الأرض تعشق الشهداء من أبنائها لأنهم يقدمون حياتهم رخيصة من أجلها وحياة أولادهم، وتروى الأرض بدمائهم الزكية الطاهرة، ونتيجة لذلك فإن الأرض لا تصمت أو تموت أبداً مهما عانت من ويلات الذل أو الاهانة والظلم والتهميش والتدمير لها أو لتاريخ أهلها، فالأرض تبقى صلبة بتاريخ رجالها وراسخة كجبالها الشامخة فهي لا تقبل التهجير أو النفي أو الضم أو التخوين أو التهديد لأبنائها وساكنيها من قبل الفاسدين والناهبين لخيراتها وثرواتها، فالأرض تبقى أبدية لأصحابها الشرعيين مادام فيها الرجال الأوفياء والشرفاء والمخلصون الذين من أجلها يضحون بحياتهم ويدافعون عن حقوقهم المسلوبة وثرواتهم المنهوبة بطرق مشروعة كفلتها لهم كافة القوانين والاعراف الدولية، ويقدمون الشهداء وبدمائهم الزكية تبقى شمعة الحرية مضيئة لا تنطفي تنير بضوئها الوهاج الأرض والطريق الطويل لنضال الاجيال القادمة، والتي حتماً ستطهر الأرض من الفاسدين والعابثين بها، فمن الأرض يثور البركان ومن سطح الأرض تثور الشعوب وفي قلب الأرض تدفن جثث الشهداء الابرار ومن سماء الأرض تشرق شمس الحرية من جديد. ولهذا فالأرض تعشق الشهداء من أبنائها عشقاً أبدياً لأنهم أشرف وأنبل وأشجع الرجال وأعظمهم، فهم الذين يلبون نداء الأرض في الدفاع عنها ولا يترددون يوماً أو لحظة من أجلها وتبقى حياتهم وذكراهم في الأرض أبدية، فتحية من القلب لشهداء الأرض وكرامة الإنسان أينما وجدت وتحية إجلال للشهداء الذين سقطوا في أرض حضرموت وعدن والضالع وردفان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى