ما لم يكن في الحسبان .. ظهر الآن !

> نعمان الحكيم:

> الآن فقط يمكن لنا أن نقول : لو كانت أمور الدولة سارت أو تسير سيراً عادلاً، بعيداً عن الظلم والجور ومصادرة حقوق الناس، سواء أكان ذلك عبر أفراد أو جماعات، بعلم الدولة أو بدون علمها، لو كانت الأمور منذ العام -1990 أو حتى العام 1994م - لو كانت قد راعت أمانة المسئولية وأداءها بما لا يخاف كتاب الله (القرآن الكريم) المصدر الرئيس للتشريع، وبما لا يخالف، أيضاً، سنة نبيه محمد (ص) وإجماع علماء الأمة، لو كانت الأمور قد سارت بما يرضي الله ورسوله والمؤمنين .. لما كنا اليوم في هذه الحال .. التي ربما هي امتحان من الله سبحانه وتعالى لنا جميعا، قادة ومقودين، حكاماً ومحكومين لتبصيرنا وجعلنا نستفيد من الذي حصل من منطلق ..«رب ضارة نافعة» لنعيد الأمور إلى نصابها مهما كلفنا الأمر من تضحيات حتى ولو بأعز الناس، من أجل حفط هيبة الدولة وحقوق الناس .. أقول لو كنا عدلنا لكانت الدنيا غير الدنيا اليوم؟!

ومهما يكن ما يجري محرجاً للدولة ومؤثراً في سمعتها، فإن ذلك لا يعني الخروج عن القانون وعدم الرضا بالوحدة اليمانية .. صحيح قد يكون للبعض رؤاهم وتوجهاتهم وأحكامهم، وهي محط الاحترام والاختلاف .. لكن في المجمل العام، الوحدة حصانة للوطن والناس وضمانة للاستمرار والتطور والرقي .. لكن ذلك وعبر سنين قليلة وبسلوكات شاذة -إن جاز التعبير - حوّل الوحدة من نعمة إلى نقمة.. ومن حق أي كان أن يعبر عن ضيقه وغضبه، ومن حق الدولة أن تستمع وتراجع ومن ثم تحكم في الغالب بعيداً عن العصبية والقبلية والارتهان للثروة والجاه وقوة المنصب، لأن ذلك كله ما وجد إلا لخدمة الوطن والمواطن، والدستور خير شاهد ودليل !

ولو كنا أحسنّا القيادة، لما كنا في هذه الظروف البائسة.. التي جرّت علينا وعلى بلادنا مصائب وبلاوي وراح ضحيتها الكثيرون بسبب من عدم تحكيم العقل، أو لأفكار قادة متهورين، اكتسبوا من نظامي الشطرين البطش والمصادرة والدموية، بحسب آراء البعض .. أقول لو كنا أحسنّا القيادة، وهذه أمنية لم تحقق %100 من ناحية، في حين لم تحسن الدولة في قمة الهرم القيادي، أو أنها غُيّبت عنها الأمور التي تفاقمت لتصبح مشاكل مستعصية لم يعد السكوت عنها مبرراً أو مقبولاً .. لو كانت الدولة استشعرت المسئولية من أول يوم للوحدة، أو بعد الحرب عام 94م، لو كانت أظهرت العدل والعدالة، لكانت الدنيا غير الدنيا، ولكان الناس في بحبوحة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.. لكن ما لم يكن في الحسبان قد ظهر الآن !

اليوم، لدى الدولة مبرراتها، ولدى الناس ما يثبت عكس ذلك، وأن التراكم والتواكل وفرض قانون القوة، وليس قوة القانون هو الذي أوصل البلد إلى شفا حفرة .. وأن الرئيس قد خُدع كثيراً، وها هو اليوم يحاول لملمة الشمل ومداواة الجراح، وإن كنا نقدر مواقفه الآن، استشعاراً بالمسئولية تجاه الشعب والبلد، إلا أن الضرب بيد من حديد، حديد القانون، يجب أن يراه الناس، يجب محاكمة من أوصل البلاد إلى هذه الكوارث، وليس عيباً أن نقوم بذلك، وتاريخ الدول في الجوار وفي العالم شاهد على ذلك!

ألم يخرج الإمام (زيد بن علي سنة 122هـ) على ظلم بني أمية وطغيانهم واضطهادهم لآل البيت، ألم يكن منادياً بجهاد الظالمين والدفاع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين حقوقهم، وحقهم كنصيب من الدولة.. ألم يطالب بإقفال المعسكرات في المدن وأطرافها.. ألم يكن ذلك الموروث مسلكاً حقيقياً وبطريقة سلمية هو المطلوب أو قد حدث مع بعض الاختلاف في الأهداف والتوجهات، ولكن لأخذ الدروس والعبر من التاريخ ؟!

إننا عندما نبرر بالطرح فكراً وممارسة، فإننا لا ندعو للتمرد والثورة.. كما فعل الإمام (زيد) أيام الخليفة هشام بن عبدالملك..بل أننا ندعو لإصلاح مسار الوحدة الذي انحرف به مصلحيون، وتركوا لأنفسهم التصرف اللامحدود، الذي يتحمله اليوم رئيس الدولة، الذي نأمل له أن يصل إلى معالجات حقيقية تعيد لكل ذي حق حقه، ليس بالخطاب أو المجاهرة بالأخطاء فقط.. بل بالواقع العملي الذي سيحفظ لنا كرامتنا وعزتنا فعلاً، انطلاقا من عدالة الإسلام والمسئولية الملقاة عليه وهي كبيرة وشاقة، ولكننا نقول له : استرشد يا رئيسنا بعدل وسلوك عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز .. اللذين يذكرهما التاريخ بالعدل والإنصاف والقدوة الحسنة.

ولن نغالي في أن نطلب ذلك دفعة واحدة فصنعاء لم تبن بيوم، والمثل يقول : «المكسر أعكر (أو غلب) مئة مدّار..» والبداية يجب أن تكون صحيحة ولا تقبل النقض حتى ولو بـ(%1) لأن ما فات نعتبر به، وما هو آت يجب أن يكون الرهان ليمن العدل والخير والمساواة والحياة المدنية .. وبس !

ومن يُشا العافية .. يعرف مكان الوجع !! وكثر الحكوك يسيّل الدم ويضيّع الحق !

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى